كتب د.مهند مبيضين
فيما الحكومة تسعى لتجويد خدماتها العامة، يسعى الأردنيون للمعرفة العلمية، يقدمون كل ما يملكون لتعليم أبنائهم، في وقت تزداد فيه تحديات البطالة في صفوف الجامعيين، ويجاهد الاباء لارضاء طموحات أبنائهم او لتحقيق مكانة اجتماعية جديدة للعائلات عبر الاصرار على القبول في برامج الطب.
هذه آفة كبيرة ومتفشية، فكثير من الأسر لديها استعداد لشراء مقعد لابنها كي يقال: ابن فلان دكتور طب، وهذا امر لا يخص الأردنيين وحدهم، ففي دراسة عن قبولات العرب في جامعة هارفرد، تبين أن كثيرا من الأسر العربية تعمل كذلك خاصة الأسر التي لا تنتمي لمجتمع حرفي وصناعي.
مطلع الاسبوع افتتح رئيس الحكومة د بشر الخصاونه توسعة وتحديث مركز الاورام في مستشفى البشير، بالتعاون مع جمعية همتنا، وحمل المركز اسم الراحل سميح دروزه، وهي شراكة ومساهمة كبيرة من القطاع الخاص، وتعني الكثير وتستحق التقدير، والاسبوع الماضي اعلن في المركز الوطني لامراض السكري من قبل الدكتور الكبير كامل العجلوني عن التوسع جنوبا وشمالا بفرعين جديدين للمركز ، وهذا أمر مفرح للناس ويزيد من قناعتهم باهمية ان تكون المعرفة في خدمة الناس.
ليست المسألة هنا وقفا على تبرع هنا أو هناك، بل المعنى أن تجويد الخدمات للمواطن لاخراجه من السلبية لا يمكن ان يكون مسؤولية الحكومات، برغم مسؤوليتها عن الاخفاق والتهميش وتدني الثقة بها وفقا للمؤشرات.
لكن اشاعة الايجابية لا يكون بفتح توسعة في مدرسة او مستشفى او رصيف ميناء وحسب، وانما في خلق فرص عمل حقيقية، وهذه الفرص لا تخلق بالتمنيات، وانما تحتاج لقرارات جريئة كأن يوقف القبول بتخصصات معينة، ووقف مهزلة السماح للجامعات الخاصة بالتوسع في حصد المزيد من الزبائن.
نعم نحتاج لجراحة عميقة في ملف التعليم العالي، ونحتاج لتوفير تمويل حقيقي للجامعات الحكومية لكي تتمكن من منح فرص عادلة في التعليم دون اللجوء لبرنامح الموازي في القبول، ونحتاج لتكثيف دور القطاع الخاص بدعم الجامعات الحكومية، وفي المقابل يجب مراقبة الأداء في الجامعات وتجويد مداخيل التمويل والاستثمار فيها.
ختاماً، إن الحديث عن العدالة والحديث عن التنمية والايجابية، لا يُصنع في الدوار الرابع، ولا تتحمل مسؤوليته الحكومات وحدها، بل هي لاعب رئيس فيه، وهناك لاعبون فرعيون واساس العمل يجب ان يكون بالتحول للمجتمع التقني والزراعي والصناعي ووقف الاتكال على الوظيفة التي يأتي بها تعليم مشوه في الجامعات وتذكروا ان تعليم الطب في خطر ونسبة البطالة في الأطباء كبيرة ومرعبة.