تابعنا توجيهات دولة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة في معرض لقائه باعضاء حكومته يوم الخميس الماضي بعد التعديل الوزاري الاخير ، حيث الملفت تأكيد دولته على جانب الثقة بين المواطن والحكومة ، فالبيئة الوطنية الداخلية قد يشوبها بعض المتغيرات والتحولات حالها حال أغلب دول العالم ، حيث يتكرر الحديث بشكل دائم ومتواصل حول مسألة أهمية توطيد ثقة المواطنين بالحكومة وبمؤسسات الدولة وبالمسؤولين القائمين عليها ، خصوصا وان “الثقة” تتعرض احياناً للإصابة عند ملامسة بعض المسائل المرتبطة بها في مجمل العلاقة الوطنية التي لا محال ولا بد من تجانسها وتفاهمها وترابطها حتى يمكن أن تستمر وتتقدم بشكل صحيح وهادئ لا يشوبه شك أو ريبة أو قلق بين الطرفين في البيئة الوطنية ، فمسألة الثقة بين المواطن والحكومة ومؤسسات الدوله المختلفة لا بد أن تكون على رأس قائمة الأولويات الوطنية ، خصوصا عند أفراد الجهاز الإداري للدولة.
ان توطيد “ثقة” أبناء الوطن بالحكومة والمؤسسات الرسمية والمسؤولين القائمين عليها باختلاف مناصبهم ، لها دور في تعزيز مسيرة نهضة هذا البلد ، وفي الخدمات التي تقدمها الحكومة ، ما تحتاج الى التقارب والتلاحم والتكامل والتعاون والتشارك بين أبناء الوطن ، لذلك فمن الملاحظ أن دولة الرئيس ركز على أن الوظيفة الوطنية هي تكليف ومسؤولية وليست صك أو ملكية نفوذ أو سلطة ، والشخصيات التي نالت الثقة الملكية السامية تتحمل مسؤولية العمل والسهر على خدمه المواطن ورعايته ، وتوفير سبل الراحة له وتذليل الصعاب ومشقة الحياة أمامه ، فانعدام الثقة أو تراجع منسوبها في العلاقة بين المواطنين والمسؤولين في الدولة تؤدي الى المخاطر الأمنية والسياسية ، وهو أمر بديهي ، فكلما ارتفع منسوب الثقة في تلك العلاقة ارتفع معه منسوب الأمن والاستقرار الوطني ، وكلما تراجع ذلك المنسوب تفاقمت معه مختلف التحديات والعقبات الأمنية والسياسية.
اننا ونحن مقبلون على مرحلة جديدة من عمر الدولة الأردنية متعلقة في مسار التحديث السياسي والخروج من بوتقة الانكماش الاقتصادي ، فما يهمنا صلب العلاقة بين أطراف البناء الوطني ، وارتفاع منسوب “ثقة” المواطن بالحكومة وبالمؤسسات الحكومية التي وجدت أصلا لخدمته وخدمة الوطن ، ما يحتاج الى محددات وقواعد وطنية داخلية تؤطر لسياسات الدولة المستقبلية وتعتمد على دور الثقة في علاقة الحكومة القائمة بمواطنيها ، مع تأكيد معيار تلك العلاقة وأهميتها الوطنية ، ولا يجب التهاون أو التفريط بها من قبل المسؤولين مهما كانت مواقعهم ، بل ويجب أن توضع نصب أعينهم ، وفوق رُؤوسِهِم وعلى طاولات مكاتبهم كأولويات طبيعة العلاقة بين المسؤولين في الدولة بمختلف قطاعاتها وأبناء هذا الوطن .
اعتقد أن الحكومة جادة للمضي في هذا النهج “نهج الثقة” خاصة بعد استحداث وزارة جديدة هي “وزارة التواصل الحكومي” والتي ستعمل كمظلة ادارية لرسم السياسات الإعلامية للحكومة ومواكبة التغييرات والتطورات في أدوات الاتصال الحديث وقنواته ، والتي قد تشبه وزارات الإعلام ، ليكون المواطن والرأي العام على اطلاع دائم على نشاطات وانجازات مؤسسات الدولة المختلفة ، واعتقد ان هذه الخطوة ستكون نقلة نوعية لمبدأ التواصل الحكومي مبني على تعزيز النهج المؤسسي في الاستجابة بكفاءة للمستجدات المحلية والعالمية ، والمساهمة بفاعلية من أجل تحقيق التعافي الاقتصادي ، بالارتكاز إلى مبادئ ّ التميز والشفافية والمساءلة، وربط الأداء بالنتائج ، وتعزيز التكامل والتنسيق المؤسسي ، ضمن أطر تشريعية ناظمة للإدارة العامة، وبنهج يواكب أحدث التطورات العالمية والممارسات الفضلى .
وأخيراً ، يجب ان يكون شكل ومضمون العلاقة بين المسؤولين في مختلف قطاعات الدولة من جهة وبين بقية أبناء الوطن ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى علاقة ثقة وترابط وتعاون ، حيث أمن واستقرار هذا البلد مربوط بثقة وتلاحم أبنائه بنظامهم السياسي ومن يمثله في مختلف قطاعات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية، وخدمة القائمين في تلك القطاعات لأبناء وطنهم بكل إخلاص وأمانة.
ذلك هو مضمون رساله دولة الرئيس من وجهه نظري ، والتي هي توصيات وتوجيهات كريمة دائمة ومستمرة مستمدة من توجهات صاحب الجلالة -حفظه الله- ان يكون هذا الوطن ، وطناً للجميع ، لنعمل سويا من أجل رفعته وخدمة أبنائه الميامين
والله ولي التوفيق