كتب نبيل غيشان …
إن وصول الصهيونية الدينية الاستيطانية الى مركز القيادة والتوجيه في المشروع الصهيوني التاريخي يدلل على عمق التحولات الكبيرة في المجتمع الإسرائيلي مما سيؤثر على طبيعة الصراع العربي مع دولة الاحتلال.
وأول مظاهر العودة الجديدة لبنيامين نتيناهو برفقة الإرهابيين الثلاثة (درعي وبن غافير وسموتريش) هو التحرش بالفلسطينيين في أراضي فلسطين التاريخية، وكذلك الأردن عدوهم الأول والذي يعيق تنفيذ مخططاتهم بطرد الفلسطينيين من أراضيهم وإقامة دولة خالصة لليهود لا يشاركهم فيها احد.
الأردن يعرف حجم التهديد الجديد، وبات يستعد لأسوأ السيناريوهات والأزمات مع حكومة اليمين الفاشي لان نتيناهو يعود حاملا أحقاده وحساباته التي يريد أن يصفيها مع الأردن نظاما سياسيا وشعبا، وفوزه بحد ذاته رسالة موجهة لكل العرب المعادين له او المطبعين معه بان إسرائيل لا تعرف إلا مصالحها ولا تحترم إلا من يساعدها في الوصول إليها.
وسيستغل نتيناهو واليمين الفاشي الذي يقوده انشغال العالم بالحرب الأوكرانية وأزمة الطاقة في الغرب من اجل الوصول الى أهدافه التي تتلخص في:
1- العمل على تصفية القضية الفلسطينية بالعودة الى تطبيق صفقة القرن بما فيها ضم الأغوار الفلسطينية.
2- العبث بالمسجد الأقصى وفرض التقسيم المكاني وألزماني بين الفلسطينيين واليهود المتطرفين.
3- البدء بخطط محاصرة الفلسطينيين بالضفة والداخل الفلسطيني عسكريا واقتصاديا حتى تسوء أحوالهم الأمنية والاقتصادية لتسهل عملية تهجيرهم طوعيا، لأنه يعرف أن عملية الطرد الجماعي للفلسطينيين غير ممكنة.
4- الضغط على الأردن مباشرة لان نتيناهو يعتقد أن معاهدة وادي عربة استنفذت مهامها وباتت تقف حجر عثرة أمام مخططه لتهجير الفلسطينيين والسيطرة على المسجد الأقصى وإلغاء الوصاية الهاشمية للاماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.
وهنا على الأردن أن يتخذ بعض الإجراءات الحاسمة ويرسل الرسائل العلنية والسرية لحكومة نتيناهو الجديدة بان أي تعدٍ على معاهدة وادي عربة غير مسموح به وان أي مساس بالوصاية الهاشمية والدور الأردني في القدس يعني انتهاكا لمعاهدة السلام التي مر على توقيعها 28 عاما.
والأردن قيادة وشعبا يعرفون أن هدف إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس هي هدف استراتيجي أردني قبل أن يكون مطلبا فلسطينيا. فأي عبث بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني او أي تسوية مقترحة لا تعترف بحل الدولتين ويقبل بها الفلسطينيون ولا تلبي شرط قيام الدولة الفلسطينية لا يمكن تمريرها.
واستعدادا لتلك المواجهة المرتقبة، فان علينا أن نقوي جبهتنا الداخلية بإطلاق الحريات العامة ورفع السطوة عن وسائل الإعلام من اجل مساعدة الدولة ودعمها في الوقوف ضد الهجمة الخطيرة على الأردن وفلسطين، وكذلك لا بد من إفساح المجال أمام مجلس النواب ليقول كلمته المؤثرة في هذا الصراع بصفته ممثلا للشعب حتى لو وصل الأمر الى تقديم مشروع قانون إلغاء المعاهدة.