زعماء العالم الآن يتحملون عبئاً لا يُحسَدون عليه، ولعل هذا الحراك العالمي سيجعلهم يسألوا الأسئلة المناسبة ويجيبون عليها بشكل حاسم. فلماذا تُستبعَد النساء بدرجة كبيرة من عملية صنع القرار المجدية في حين أن مشاركتها تفيد المجتمع؟ وكيف يمكننا أن نوقف موجة اللامساواة المتزايدة التي تهدّد استقرار الأمم؟ وبينما يزداد الاعتراف بالمساواة بين المرأة والرجل، إلا أن ذلك لم يُزل تلقائيًا العقبات التي يمكن أن تعيق التعبير عنها في كل بُعد من أبعاد الحياة.
انها خصلة شعر والتي أشعلت فتيل الغضب وأيقظت الأجيج الذي كان يستعر لاعلان الرفض لما هو سائد. هذه الخصلة لمهسا أميني والتي حركت مشاعر العالم أجمع الذين خرجوا من جميع الاجناس والاعمار من مختلف بلدان العالم يطالبون بالكرامة الانسانية والمساواة والعدالة الاجتماعية.
وبالرغم من تحقق تقدما كبيرا في مجال الوصول إلى التعليم وخلق البيئات اللازمة التي تمكّن المرأة من الإزدهار جنبًا إلى جنب مع الرجل، فلا يزال هناك الكثير مما ينبغي إنجازه. لايزال الظلم المنهجي والهيكلي يقمع إمكانات المرأة، ويُغرِق البشرية في أزمة تلو الأخرى. وإلى أن يتم استئصال هذه الفوارق من نسيج المجتمع بالكامل، فإن البشرية ستظل في حالة عدم التوازن التي أصبحت تَحدّ الكثير من جوانب الحياة. ولهذا، وظل زخم التضامن العالمي مع حراك مهسا اميني، فقد رأينا ان النشطاء من جميع بلاد العالم حاولوا أيضا تسليط الضوء على الوضع الحقوقي والتشريعي للمرأة في بعض البلدان واطلاق دعوات لضرورة تعزيز حقوقها وإنهاء التشريعات المجحفة بحقها وانهاء جرائم العنف بحقها.
أن ما أدى إلى معاناة البشرية منذ فترة طويلة هو الاستخفاف بالاهتمام وقيم الصفات التوافق التي يمكن للمرأة أن تضيفها للمجتمع. فيمكن تشبيه البشرية بطائرٍ ذو جناحين، الرجل والمرأة، كلاهما عانى من أجل الطيران لأن جناح المرأة قد تمّ كبحه لفترةٍ طويلة. من يستطيع أن يتصور تمامًا الأوج الذي ستصل إليه البشرية عندما يكون كلا الجناحين متعاونين وقويين؟ من ذلك، عندما يتمّ إشراك البنات في عمليات صنع القرار، وعندما يتمّ تشجيع الأبناء على رعاية الأسرة، يؤدّي ذلك إلى تطوير شخصياتهم.
وتضامن السياسيات والبرلمانيات والممثلات العالميات مع المحتجين على وفاة الشابة الإيرانية وذلك عبر قيامهن بقص خصلات من شعرهن، ما هي الا رسالة للعالم اجمع عن تضامن الموقف الانساني وأثباتا لمواقفهن من أجل الحرية.
والان وبعد شهرين تقريبا على مقتل مهسا اميني، انها المرة الأولى التي يتحد فيها الكثير من الناس بغض النظر عن معتقداتهم السياسية او الدينية او انتمائاتهم العرقية او القومية للمطالبة برفع الظلم على المرأة تحديدا والمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لجميع البشرية، وهذا بحد ذاته شيئا مثير للأعجاب.