كتب المهندس سليم البطاينة…
من أجل مسك طرف الخيط لا بد من طرح أسئلة علها تقودنا إلى فهم أحاجي وألغاز ملف الطاقة في الأردن حيث عجز إبليس على نحو مطرد حتى اللحظة عن فك تلك الألغاز !! و باتت فاتورة الطاقة تلتهم أكثر من ٥٥٪ من رواتب ودخل الأردنيين ونفقاتهم الشهرية في ظل أوضاع أقتصادية صعبة ومتردية ، وبلوغ الفقر والبطالة مستويات غير مسبوقة
فالطاقة تحتل مكاناً محورياً في صميم عملية التنمية إذ تُتيح القيام بالأستثمارات والصناعات التي تُعد محركات النمو وخلق الوظائف…
و هناك علاقة قوية ومباشرة بين الطاقة والفقر : فكلما كانت أسعار الطاقة رخيصة قلت نسبة الفقر … فأرتفاع أسعارها سيؤدي إلى إبقاء معدلات التضخم في مستوى عالي ، والأردن الان واحدة من عشر دول الأكثر أرتفاعاً بأسعار الطاقة عالمياً والأولى عربياً
فمن المستغرب عدم وجود إدراك حقيقي لصُناع القرار الأقتصادي داخل الدولة الأردنية لدور إسعار الطاقة كمُحرك فاعل للنمو الأقتصادي
أن حال الأردن اليوم على درجة كبيرة من الوضوح في الرؤية والتصور ، والأردنيين باتوا في غنى عن بصر وبصيرة زرقاء اليمامة لكي يدركوا ما يحصل ، فالواقع ان كل ما يجري يكشف عن كعب أخيل ! فهنالك من ساهم عبر سنوات في تكريس وفرض الاشيء مقابل كل شيء ، فالفساد قاد الأردن من سوء المآل إلى بؤس الحال وأورثنا الفقر ، فما يجري اليوم ليس معقولاً بمنطق الزمن فالغد محذوف من خارطة الأهتمام ، ولا تطلع للمستقبل حتى ولو لمسافة قريبة ، ولا أحد يرسم خريطةٌ للمستقبل من قلق المستقبل المجهول ! فالأحداث تعصف بنا ونحن نمشي كما شاءت الريح …. فعلى مدى الحكومات المتعاقبة لم نرى خطة واحدة قصيرة المدى أو متوسطة أو حتى طويلة المدى للأنطلاق نحو المستقبل
فالناظر إلى واقع الأردن يستعرض الوضع البائس للأردنيين ويجد نفسه أمام أسئلة صعبة أرهقت وأرقت الكثيريين : لماذا تسوء حالة الأردن من يوم لأخر ؟ ولماذا تغيب الحلول ؟ ولماذا لم ننهض حتى الأن ؟ وكأن المطلوب أن نعيش في حالة قلق وعوز وفقر دائم ! فالصمت المُخيم على الشارع الأردني يوصف بأنه حالة من الأغماء الأجتماعي
و من قرأ كتاب أخبار الحمقى لعبد الرحمن بن جوزي يعرف أن للأحمق سبعين أسماً !! فالكثير من المسؤولين الأردنيين عميت بصيرتهم عن إدراك الحقيقة وعملوا على منع أي تقدم في تطوير رأس المال البشري ، وتسببوا في ضعف الحكامة والتي ادت الى سنوات من حصاد الهشيم والمكاسب الصفرية وأضاعة زمن البلاد والعباد دون مقابل نتيجة فقدانهم الأكسجين في خلايا الضمير والعقل وفقر الحياء والرؤية… فقد تم تحويل أقتصاد الدولة إلى عقلية الجباية بأمتياز
و بات نجاح أية أصلاحات مرهونٌ برفع اليد عن ملف الطاقة والتوقف عن أدارة الأقتصاد بالأوامر
حيث لم تعد هناك أجابات يمكنها أن تقطع عناء الإسئلة : فالأردنيين يعيشون الآن الأزمة قبل وقوعها ، والأستقواء عليهم كاسح ومتواطأ عليه ! فاللامبالة التي نشهدها في وجوههم هي بمثابة أنذار بأننا دخلنا دائرة الفراغ واليأس المفرط
ومن قرأ التاريخ جيداً سيعرف أن العناد والغباء ضيعت بلاد بأكملها، فمتلازمة الغباء هي اللاوعي واللاعقلانيه والغرور والعناد والحماقة فهل ستعود مراكز الأستقواء داخل الدولة إلى صواب رشدها ؟ وهل ستفزع إلى ربها وتسأله العتق من النار ؟ وهل ستعيد الوطن إلى ساكنيه ؟
بالله عليكم أخبرونا في أي محطة نقف الأن ؟ وبأي معيار تُقاس الأمور ؟ فشيء مؤسف أن نعجز عن إسماع صراخنا لأولئك الذين يهمهم الأمر ! وكأنك تؤذن في مالطه…