كتب المهندس سليم البطاينة
مقولة مشهورة للفيلسوف والمؤرخ الامريكي Noam Chomsky ( لا يوجد شيء أسمه بلد فقير بل يوجد فقط دول فاشلة في إدارة مواردها )
يُتيح لنا الناظر من الزاوية الحرجة إعادة طرح مسألة الاقتراض والوقوف في طابور أمام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ! والأسئلة التي تُطرح بمناسبة وبدون مناسبة ما هي الجدوى من الأستمرار بالأقتراض ؟ فديون الأردن تفوق حجم أقتصاده أربع مرات ! والمزيد من الأقتراض سيكون بمثابة ضرائب مؤجلة على المواطنيين … فحسب وكالة Bloomberg الاقتصاديه العالمية قبل أيام أن الاردن في طريقه لأقتراض مبالغ كبيرة جداً ! فلديه مواعيد أستحقاق فوائد ديون سابقة ، وهناك عجزاً في موازنته وفي موازينه
كل شيء يجري في الأردن خارج المعقول واللامعقول ! فالسيادة الوطنية باتت مشروطة وغير مطلقة أمام نفوذ وقوة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، وأكثر من ٦٠٪ من الاردنيين خارج دائرة التنمية الأقتصادية الاجتماعيه ، وأزماتنا في أزدياد ، وصعوبتها في تعقيد المخارج والبدائل
والعاقل يسأل ما المراد من تكريس الحال على ما هو عليه ؟ فكل مرة يتضح لنا ان الحل هو اللاحل !! وخوفنا من أن نكون غارقين في حفرة عميقة وكل ما نراه ما هو إلا مجرد تخفيف من سرعة الغرق
والاردن يُعرف في الاوساط الدوليه على أنه طالب مُطيع في المدارس الماليه والدوائر المانحة والمُقرضة ، ولطالما ألتزم حرفياً بالتوصيات الصادرة عن تلك الجهات … والتطبيق الأعمى لسياسات الصندوق والبنك دحرج كرة التدهور الاقتصادي وتسبب في زيادة التضخم ! ومنظمة الفاو FAW للأغذية حذرت قبل عام من خطورة تأثير التضخم الجامح حالياً في العالم في توسيع قاعدة الفقراء في عدة دول منها الأردن
على أرض الواقع الأردن تم أُغراقها بالمديونية ،و باتت الحكومات ليس لديها وظيفة إلا التركيز على جانب الايرادات والضرائب والرسوم والتي أفقرت الأردنيين وجعلتهم يخرجون إلى الشوارع محتجين ، على الرغم من ان النتائج والخلاصات الراهنة متوقعة خصوصاً ان مظاهر وسطح المشهد لا يتطابق مع باطنه
والحقيقة أن صندوق النقد والبنك الدولي أصبحا يؤثران بقوة في رسم السياسات الأقتصادية والاجتماعية ، حيث يبرز ذلك بشكل واضح من التداعيات السلبية على مسألة الحماية الأجتماعية
فعلى مدى سنوات طويلة رزحت الاردن وأقتصادها تحت وطأة ديون خارجية معظمها بفوائد مرتفعة تجاوزت الأرقام المعلن عنها ! وهنا أُذكر بدراسة وتقرير شركة Boston Group Consltant العالمية الأمريكية قبل خمسة سنوات ، حيث أشارت الدراسة أن الدين العام في الاردن غير الأرقام المُعلن عنها ، وان جميع برامج الحكومات الاقتصادية والمالية التي تم الأطلاع عليها هي برامج ( أنكماشية ) تتخذ شكل حرف ( L ) وهي تعني حالة أنحسار وتخبط أقتصادي !
و أن تعزيز ادارة الديون وشفافيتها يجب ان يكون من الأولويات ، فمن شأنه أن يساعد على أدارة مخاطر الدين العام ، ويقلل الحاجة إلى إعادة هيكلة الديون ، رغم أننا وحتى الأن لم يتضح لنا شكل وملامح موازنة الدولة القادمة والأستراتيجيات الأقتصادية القادمة ، والتي برأيي لن تغادر منطقة الأعتماد على المزيد من الأقتراض والبحث عن المنح والمساعدات
فالوضع الاقتصادي في العالم مقلق وخطير حالياً ، وهناك العديد من الدول المتعثرة أقتصادياً ومالياً تقف في طابور الأقتراض من المؤسسات المالية العالمية دون النظر إلى فوائد تلك القروض ومخاطرها ، حيث نجد مصر تعاني من ضائقة أقتصادية ومالية صعبة وهي بين خيارات صعبة جداً حسب ما وصفته صحيفة The Economist اللندنيه قبل أسبوع ، وان مصر عدلت قانون هيئة قناة السويس رقم ٣٠ لسنة ١٩٧٥ ، وبمقتضى هذا التعديل تم أنشاء صندوق هيئة قناة السويس من خلال المادة رقم (١٥ ) التي تسمح بتأسيس الشركات والأستثمار في الأوراق الماليه وبيع وتأجير وأستغلال أصول هذا الصندوق ! وهذا شيء خطير جداً فالدول الغربية تسعى منذ زمن الى حق التحكم في قناة السويس
وقصة تعديل قانون هيئة قناة السويس الاخيرة مشابها لما حصل في الاردن عام 2016 عندما أقرت الحكومة الاردنية نظاماً خاصاً بأقليم البتراء السياحي رقم ( ١٧٦ ) المثير للجدل والخاص في تأجير الأموال المنقولة والاراضي لغير الأردنيين داخل مدينة البتراء
لقد أطلت كثيراً ونسينا عنوان المقال بأعلاه ! فخطوة الأنضمام لمبادرة Hibic ( الدول الفقيرة المثقلة بالديون ) ستؤثر إيجابيا على الاقتصاد الاردني وستمكن الحكومات القادمة من الأستفادة من القروض والمنح والمساعدات الفنيه الميسرة
ولتعريف القارىء الكريم ما هي مبادرة ( Hibic ) ؟ فهي مبادرة أطلقها البنك الدولي وصندوق النقد في عام ١٩٩٦ ، وهي خاصة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون ، حيث يقوم الدائنين بما فيهم الدائنون متعددو الاطراف بتخفيف عبء الديون على البلدان الأكثر فقراً في العالم على نحو يضمن إلا يواجه أي بلد فقير عبء مديونية لا يستطيع التعامل معها
وقد أعفت مبادرة ( Hibic ) عبء ديون ٣٧ دولة في أفريقيا وبمبالغ وصلت حتى ١٠٠ مليار دولار ، فالسودان مثلاً أستفادت من أعفائها من جزءاً كبيراً من ديونها
فقرار الأنضمام للمبادرة يحتاج إلى موافقة المجلسان التنفيذيان للمؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي (IDA ) ، وعند نقطة أتخاذ القرار بضم اي دولة للمبادرة يدخل المجتمع الدولي في التزام تقديم المساعدة فوراً لها