الأردن اليوم – ميزة الأردن أنه وطن ينصف رجالاته ولو بعد رحيل، ويؤبّنُ أبناءه المخلصين حتى بعد قطيعة أو صمت، والمجالي تلك العشيرة الركن في رحلة البناء الوطني أنجبت ما يثير الفخر والاعتزاز من رجالات وقامات أسهمت في الثورة والتأسيس والبناء، وألهمت الأردنيين سجايا ما زالت فريدة ومتفردة وعميقة في هذه العشيرة الأردنية الأصيلة مروءةً وكرماً وشجاعةً وتفانٍ وإخلاص للثرى والقيادة والشعب والهوية.
عبد السلام المجالي الباشا؛ الكريم بعطائه، والعنيد في تمسكه بمبادئ الشفافية والنزاهة والعدالة وسيادة القانون كان استثنائياً في كل مسيرته الطبية والأكاديمية والسياسية والوطنية، لم يكُ جهوياً أو مناطقياً أو إقليمياً، بل كان وطنياً شريفاً نبيلاً نزيهاً يدرك قيم الوطنية والمواطنة بشرف، وقدوة في التواضع والسلوك المنضبط الرَّصين، ومثالاً في الإخلاص للعمل برجولة وشجاعة وتفانٍ، وأيقونة في الإخلاص العميق للقيادة والوطن والتراب.
من بيت الشعر إلى سدّة الحكم؛ رحلة شريفة سلكها الباشا المجالي بقيم راسخة من الانحياز الكامل لمصالح الوطن والشعب، وتقدير راقٍ لثقة العرش، وتكريس ثابت لتربية أصيلة، وسلوك مهذب يعكس أصالة الأسرة وعمق التضحية التي مارسها شقيقه الكبير الراحل عبد الوهاب، ومسيرة حافلة لا يجسّدها إلا الكبار وفي مقدمتهم الباشا عبد السلام. التي توّجت في قيادة الوفد الأردني المفاوض في معاهدة السلام، وعكست احترافاً وفروسية ما كانت لتحفظ مصالح الوطن في ذروة المستطاع لولا تفانيه وحرصه الكبير.
المجالي من صفوة كبار البلد، وأسياد المواقع التي لم تضف لهم إلا التواضع والانحياز الكامل لمصالح الدولة والأردنيين من أقصى الوطن إلى أقصاه. والمجالي رهاب البخل وجذوة العطاء، عانوا وما هانوا، وعنوانهم الأبدي لهذا التراب أهله ولهذا الوطن قيادته، وحابس، وعبد الوهاب، وهزاع، وعبد الهادي، وعبد السلام وقدر، وعاطف، وعصر، ودليوان، وتوفيق، وزعل، وصالح، وأبو سيفين، وشلاش وارفيفان وغيرهم كثر- رحمهم الله – كانوا ملح الأرض وعطرها الشريف في النبل والعطاء.
عبد السلام باشا -رحمه الله – برحيله المرّ أوجع القلوب، وقد أضاء قنديلاً وطنياً حرَّاً في هذا التراب المقدس على مدى قرن من البناء والوفاء، عاد ليعانق ثرى الياروت والكرك الأبية والقلعة النَّديَّة، عاد ليجاور هزاع وحابس شاهداً للوفاء الأخير في عناق ثرى الكرك الحرَّة؛ بوابة الديمقراطية وضمير هويتنا الوطنية. عاد إلى الكرك بعد رحلة العمر في خدمة الوطن؛ ليقول لأحرارها لا بد من الكرك وإن طال السفر.
الرحمة لفقيد الوطن دولة الباشا عبد السلام المجالي والعزاء لقائدنا المفدى وولي عهده الأمين ولعشيرة المجالي وأهل الهيَّة وأبناء الوطن، وحمى الله وطننا الحبيب وشعبنا الأصيل وقيادتنا الحكيمة من كل سوء.