البطاينة يكتب: ماذا نُعني بتاريخ الأردن ؟ وكم من تاريخ منسي لم يرصد!

كتب المهندس سليم البطاينة

يحدث للمخيلة ان تثقب اوزان الذاكرة، و يحدث للذاكرة ان تنسى التذكر…. فالتاريخ هو كل ما حصل في الماضي من أحداث لعب فيها الأنسان والزمان والمكان دوراً أساسياً ،،،، فمشكلة الحاضر جذورها في الماضي وهي مؤثرة في المستقبل ،،،، وأحترام الأمة لتاريخها هو أحترام لنفسها ،،،، والعبث بالتاريخ هو تحقير للذات وأستخفاف بها

دول العالم جميعها تهتم بتسجيل تاريخها منذُ نشأتها ، للحفاظ عليه وذلك بتضمينه في مناهجها الدراسية ،،، وبهذا تحتفظ الدول وشعوبها بتاريخها وجذورها لتفتخر به اجيالها على مر الزمن

فالتاريخ هو العامل الاساسي في تعميق الهوية ، وهو ذاكرة الشعوب وعمرها الممتد مع الزمن ،،،،، فالأمة التي لا تحفظ تاريخها لا تحتفظ ذاتها ،،،، فكل الشعوب تبحث عن تاريخها لأنه دليل عراقتها ومُلهم أبنائها وأحفادها

ولا بد لحاضرنا أن يكون مرتبطاً بماضينا ،،، ونُريد للماضي أن يشبهُنا ،،،، فقراءة التاريخ لا تعد ترفاً فكرياً ، بل هو في صلب البناء الحضاري ،،،، فهناك ماضٍ نُطلق عليه تاريخ ، وليس كل حاضر يصبح تاريخ ،،،، فالتاريخ يُصنعُ من وعي البشر بزمنهم الذي يعيشونه ربطاً مع الماضي بالنقد والتحقيق ،،،،،،، فتناول التاريخ على هذه الشاكلة لا يتم عن أي وعي ! ويرد ذلك لعملية الإفقار المُمنهجة للوعي الجمعي للأردنيين !

فأين نحن من هذا الوعي ؟ وما موقعنا في التاريخ ؟ وماذ لو تشوه التاريخ ، وأحترقت ذاكرتك ؟ بالتأكيد أنه تساؤل خطير يحمل في ذاته أجابة أخطر ! فعدم معرفة الماضي هو بمثابة فقدان المرء ذاكرته جزئياً ،،،، وبدون هذه المعرفة سيبدو الحاضر كما لو أن لا معنى له ،،،، أي كبناء من غير أساس

وما يجعل التاريخ مُزوراً أو مُشوهاً هو أمر لا ننتبه أليه غالباً ! فالتاريخ الذي يزور يُعد أداة خطيرة لضرب كيان الدولة والأنسان

فعلى ما يبدو أن هناك من قام وحذف أجزاء من تاريخنا ! فالتاريخ الذي يدرس ويُلقن في مدارسنا ويدون في مراجعنا ليس تاريخنا ! فهو لا يحتوي كل ما حدث في الاردن ،،،،، وهذا إيحاء بأن أجدادنا لم يسهموا في صُنع التاريخ

تبعات هاذا الموضوع سيكلفنا ادانة تاريخية لتاريخ آبائنا و اجدادنا، و نحن هنا نرتكب أخطاء جسيمة بحق تاريخنا ! وربما نقع في مظالم كبيرة حين نقرأ تاريخنا قراءة منقوصة ،،،، فالعبث بالتاريخ هو أستسهال العبث بذاكرة وطن ، وتشويه متعمد للضمير الوطني ،،،،، ويدل على عدم أحترام الشعب والأستخفاف به ،،،،،،،،، وهذا ما يدفعنا إلى نفض الغبار عن تاريخنا لمزيد من التحقيق والتدقيق ،،،، فمحاولة تبديل التاريخ جناية لأنها تتصل بخداع الاجيال الحاضرة واللاحقة

هويتنا وثقافتُنا حالياً والقادمة أساسها تاريخُنا ،،،، فهي مرتبطة بمعرفة حقيقة تاريخنا ،،،،، فالمس بهوية الشعوب تُشكل تحدياً يقلق المهتمين بأصالة التاريخ والهويات والموروث الثقافي للشعوب والمجتمعات

فثمة شخصيات لعبت أدواراً مهمة في تاريخ الاردن ،،،، لكن لأسباب مختلفة أُسدل الحجبُ عنهم وأُزيلو من التاريخ وتم طمس ذكرهم ومُحيت صورتهم وكأنهم لم يكونوا أبداً ! رغم تحملهم مسؤوليات كبرى في عدة محطات سياسية واجتماعيه مفصلية ،،،،،،،، فكثيراً من الشخصيات الوطنية أغفل التاريخ مرورهم ! والهدف من كل ذلك هو فرض سياسة النسيان والقطيعة بين الأزمنة المختلفة ،،،، وشطب شهادات الماضي من الذاكرة الجماعية لإعادة تشكيل وعي جديد وسرديات جديدة لإخفاء حقائق أو لي عُنق الحقائق !،،،،،،، والواقع ما امكن لسياسة النسيان أن تترسخ لولا تواطؤ جهات وشخصيات معينة

نعود لسؤالنا : ماذا نعني بتاريخ الأردن ؟ وكيف نستطيع ان نثق في التاريخ أو في الماضي حتى ؟ ،،،،، فلا يوجد موضوع تاريخ بلا أفراد ! ففي الثلاثين سنة الماضية لا يقرأ التاريخ في الأردن من منظور المسؤولية والمساءلة ! ،،، وكأننا سقطنا في فجوة زمنية على مستوى الحدث !! فأغلبية قراءات النُخب المُثقفة لتاريخ الأردن مبنية على منظور نفعي أختزالي وعشوائي ! ودوما يقعون أسرى التاريخ المتحرك على السطح

هناك تاريخاً مهماً لدى الدولة الأردنية لا بد من إعادة كتابته ،،، وهنالك وثائق أردنية في الأرشيف العثماني موجودة بتركيا ، حاول قبل تسع سنوات وزير الثقافة السابق الدكتور المحترم بركات عوجان تشكيل لجنة من قامات كبيرة تميهداً للوصول والاطلاع عليها ،،، فهي كنز معرفي من كنوز الماضي ،،،،،، وهناك أيضاً وثائق كنسية قديمة موجودة بالقدس يعود تاريخها لعام ١٨٦٠

فالوثائق هي المستودع الاول لأدوات البحث في التاريخ ، وهي جرن التاريخ كما وصفها الفرنسيون ،،،،،،،، والارشيف العثماني من أهم الارشيفات خاصة فيما يتعلق بتاريخنا العربي فهو مكون من مكوناته ،،،،،،، فأرشيف أي أمة هو مجموعة من الأوراق والوثائق التي تجمعت على مدى الأزمنة ( وثائق رسمية وغير رسمية ، ومذكرات وتقارير ، ودراسات ونشرات ، وأوامر وقرارات ومحاضر أجتماعات