الأردن اليوم-أثارت تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش المنكرة لوجود الشعب الفلسطينين “لا يوجد تاريخ أو ثقافة فلسطينية ولا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني”، وعرضه خريطة “اسرائيل العظمى” في العاصمة الفرنسية باريس تضم المملكة الأردنية الهاشمية والأراضي الفلسطينية المحتلة، ردود فعل غاضبة من الحكومة والدولة الأردنية والدول الشقيقة والصديقة.
بالأمس، اشتعل فتيل أزمة بسبب تصريحات الوزير الإسرائيلي، وكادت الأمور ان تخرج الى نطاق اوسع بعد بيان شديد اللهجة من وزارة الخارجية الأردنية أكدت فيه ضرورة قيام الحكومة الإسرائيلية باتخاذ موقف صريح وواضح إزاء التصرفات المتطرفة لوزير المالية الإسرائيلي، وأن الأردن سيتخذ جميع الإجراءات السياسية والقانونية الضرورية للتصدي لمثل هذه التصرفات والتصريحات الحاقدة المتطرفة، معتبرة تصريحات الوزير الاسرائيلي تمثل تصرفا تحريضيا أرعنا وخرقا للأعراف الدولية ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية.
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات قال إن هذه التصريحات لوزير المالية الاسرائيلي دون شك خطيرة ومستفزة وتهدد الأمن الاستراتيجي للاردن، لأنها لا تأتي من الشارع الاسرائيلي بل من رجل يمثل الحكومة الاسرائيلية له تأثيره وثقله وقادر على ان يسقط الحكومة، وبالتالي هو قادر على أن يرسم سياساتها، حيث ألغى بتصريحاته اولا وجود الشعب الفلسطيني وفي هذا
استند الى رؤية “شوفينية عنصرية”، وثانيا ألغى وجود “الدولة الأردنية”.
وأضاف الحوارات، أن الموقف الاردني يجب ان يتعامل مع حجم هذه التصريحات، مشيرا الى أن الوزير الاسرائيلي طبعا لن يستطيع ان يفعل شيء فالزمن تغير، فإسرائيل لديها القدرة على القيام بضربات جوية ولكنها لا تمتلك القدرة على احتلال الارض، بحسب رأيه.
وأكد أنه يجب على الأردن ان يعاقب الحكومة الاسرائيلية بعدة طرق، أولها ان يذهب الى مجلس الامن والمنظمات الدولية، وثانيا يجب ان يقطع او يهدد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، كما يمكن ان يصدر عقوبات بحق سموتريتش كأن يمنعه من عبور الأجواء الاردنية ومنع المقابلات معه تحت اي بند ورفض حضور أي وزير أو مسؤول أردني يكون هذا الوزير الاسرائيلي موجود فيه، كما يمكن للاردن ان يذهب الى هامش أوسع من التصرف يشعر فيه الحكومة الاسرائيلية ان كلام الوزير لن يذهب دون ثمن ويجب ان تتوقف مثل تلك التصريحات نهائيا.
واعتبر الحوارات أن حديث الوزير سموتريتش يدلل على انه ليس لدى الحكومة الاسرائيلية أي اجندة للسلام او اي فكرة عن التعامل مع الطرف الآخر كشريك، فبينما نحن نجلس ونعقد اتفاقيات تهدئة نجد ان هذا الوزير وقبله بن غفير يفعلان ما يفعلانه لأجل زيادة التوتر وكأننا نضيع الوقت سدى دون أي نتائج حقيقية، مشددا على انه إذا كانت هذه وجهة نظر اعضاء بالحكومة الاسرائيلية فيجب ان يكون الرد الرسمي الاردني كبيرا وحاسما يتناسب مع خطورة ما تم التصريح به وبالتالي يجب ان يشعر اي وزير او مسؤول حكومي بأن الكلمات عليها ثمن ولا تقال هكذا بالهواء وان الزمن الذي هيمنت فيه اسرائيل على المؤسسات وعلى عقلية الشعوب قد ولى وان عليها ان تدفع ثمن تصريح هذا الوزير او غيره في الوقت الحالي او المستقبل.
واتفق المحلل السياسي الدكتور خالد شنيكات مع ما ذهب إليه الحوارات، معتبرا أن استخدام وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لخارطة تضم حدودا للمملكة الأردنية الهاشمية والأراضي الفلسطينية المحتلة، تعكس طريقة تفكير اليمين الاسرائيلي المتطرف في الصراع العربي الاسرائيلي، مشيرا الى ان اليمين المتطرف يؤمن بالتوسع واذا ما اتيحت له الفرصة لتطبيق أفكاره فلن يتردد في ذلك.
وقال الشنيكات، إن الموقف الرسمي الأردني يجب أن يذهب أكثر لزيادة العلاقة مع الجانب الفلسطيني الشقيق في جميع المجالات بحيث يكون التنسيق السياسي أعمق وأكثر انسجاما، إضافة الى انه يجب ان يكون ردود فعل على كافة المستويات على خلفية تصريحات سموتريتش، مطالبا بعدم التوقف عند استدعاء السفير الاسرائيلي في عمان للشجب والتوبيخ بل أن يتعدى الأمر الى تأكيد النظرة الأردنية لاستمرار الدولة الفلسطينية وأن تكون واقعا على جميع المستويات الشعبية والرسمية والحزبية والبرلمانية حتى يأخذ الرد بعدا مؤسسيا وعمليا، كما يمكن للأردن أن يخفض حجم العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل لأن اليمين المتطرف رغم كل الاتفاقيات الموقعة فإنه لا يعترف بذلك وينظر للموضوع أيدلوجيا.
وأكد شنيكات، أن على الأردن التوضيح للعالم العربي خطورة هذه الهرطقات التي يطلقها اعضاء اليمين المتطرف أمثال سموتريتش وبن غفير قبله الذي تحدى أكثر من مرة ونفذ اقتحامات للقدس، وأن تعمل الدبلوماسية الأردنية على توحيد الموقف العربي تجاه هذه التصرفات الاستفزازية المستمرة للاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، منوها الى أن الأردن يستطيع أن يرفع سقف الرد من خلال وضع الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الراعية لاتفاقية السلام عام 1994 والاتحاد الاوروربي والصين ورورسيا وكافة منظمات المجتمع الدولي في صورة ما يجري وتمادي اليمن المتطرف الاسرائيلي وكشف نواياه الخبيثة، وذلك كله لايصال رسالة إلى اسرائيل بأن أي تصرف او تصريح معادٍ تجاه المملكة لن يمر دون دفع الثمن، وبالتالي على الحكومة الاسرائيلية ان تضبط نفسها من الداخل وتضع حدا لمثل هذا التصعيد المستفز.
المختص في الاعلام والفكر السياسي الدكتور منذر جرادات، قال لـ عمون إن الأردن ومنذ تأسيس الإمارة شرقا قبل أكثر من 100 عام مر عبر العديد من الأزمات والحروب واستطاع أن يتجاوز التحديات العسكرية والسياسية الصعبة التي اجتاحت المنطقة واستمرت سلسلة من التحديات الاقتصادية السياسية والعسكرية بلا هوادة، ليزيد ذلك من أمنه واستقراره واكتساب الاردن مزيدا من الخبرة والحنكة في التعامل مع الازمات بشتى انواعها.
وأكد أن الدولة الاردنية لا تهتز من تصريح مهما كان وان الاردن الدولة والقيادة والشعب قوي وسيبقى -بإذن الله-، مشيرا الى اننا اليوم 21 آذار نستذكر معركة الكرامة الخالدة التي سطرت بطولة الجيش العربي منذ انطلاق شرارة البداية وحتى اندحار المعتدين، معرجا على ان الجيش العربي الاردني تاريخه يزدحم بالبطولات والتضحيات حيث دافع عن الوطن وعن فلسطين دفاع الأبطال الاشاوس وها هي أسوار القدس تشهد على ذلك، وها هو الدم الفواح يعطر فضاءات فلسطين وشواهد قبور شهدائه في فلسطين تشهد لبطولاته.