نحو خطاب – إسلامي مسيحي واحد من أجل القدس
بلال حسن التل
•«..لهذا لا يجوز تحويل كلمة الله إلى أحرف جامدة تشوه حب الله وعنايته في حياة البشر والأفراد».
• « هذا الخطأ في التفاسير الكتابية الأصولية أدى إلى جلب الموت والدمار للفلسطنيين»
• «وقد وقع في حقنا ظلم لما هُجرنا. أراد الغرب أن يعوض عما اقترف هو في حق اليهود في بلاد أوروبا، فقام بالتعويض على حسابنا وفي أرضنا، وحاول تصحيح الظلم فنتج عنه ظلم جديد. وعلاوة على ذلك، إننا نرى بعض اللاهوتيين في الغرب يحاولون أن يضفوا على الظلم الذي لحق بنا شرعية لاهوتية وكتابية. فأصبحت المواعد، بحسب تفسيراتهم، تهديداً لكياننا، و (البشرى السارة) في الإنجيل نفسه أصبحت لنا ( نذير موت ). إننا ندعو اللاهوتيين إلى تعميق الفكر في كلمة الله، وإلى تصويب تفسيراتهم، حتى يروا في كلمة الله مصدر حياة لكل الشعوب».
• «لأننا فلسطينيون نعاني من الاحتلال لأرضنا، ولأننا مسيحيون نعاني من التفسيرات المغلوطة لبعض اللاهوتيين. وأمام هذه الحال ، تقوم مهمتنا بأن تبقى كلمة الله لا مصدر موت بل مصدر حياة».
• «استخدام الكتاب المقدس، لتبرير أو تأييد خيارات ومواقف سياسية فيها ظلم يفرضه إنسان على إنسان أو شعب على شعب آخر،يحول الدين إلى أيديولوجية بشرية، ويجرد كلمة الله من قداستها وشموليتها وحقيقتها».
هذه الفقرات مأخوذة من وثيقة كايروس فلسطين التي صدرت عام 2009 والتي أعدتها نخبة من اللاهوتيين والخبراء في الفكر واللاهوت المسيحي، وهي وثيقة لاهوتية عالمية تمت ترجمتها إلى العديد من اللغات، ووضعت على الآف من المواقع الإلكترونية، وتكمن أهميتها بأنها تبين جوهر التفكير اللاهوتي المسيحي في الصراع الدائر في فلسطين،مؤكدة أن الحركة الصهيونية قامت على التضليل والتحريف.
لم أجد أفضل من هذه الفقرات كمدخل للدعوة إلى خطاب إسلام مسيحي موحد من أجل القدس،التي اشتد الخطر على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، بعد قرار الرئيس الأميركي ترمب بنقل سفارة بلاده إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، أي بسط السيادة والقوانين الإسرائيلية على المدينة ومقدساتها، مما يمهد الطريق، أمام مرحلة جديدة وكبيرة، من مراحل المشروع الصهيوني الطامح إلى إقامة دولة يهودية خالصة على أرض فلسطين، دولة يختفي منها كل معلم يتنافى مع يهودية الدولة،وفي مقدمة هذه المعالم التي يجب أن تختفي المقدسات الإسلامية والمسيحية، بالإضافة إلى كل ما يذكر بأن هذه الأرض ليست يهودية، وأن اليهود مغتصبون يمارسون التطهير العرقي ضد أهل البلاد الأصليين مسلمين ومسيحيين، لذلك لا غرابة في أن يتقلص عدد المسيحيين في القدس إلى مجرد بضعة الآف،وأن يفقد المسيحيون الكثير من أملاكهم ومصادر رزقهم في القدس بفعل الممارسات الإسرائيلية، وأقلها السعي إلى عرقلة وصول الكهنة إلى كنائسهم، تماماً كالسعي لمنع الناس من الوصول إلى مساجدهم، فاليهود يضمرون كرهاً شديد للمسيح عليه السلام،الذي لا يعترفون بنبوته أصلاً،لذلك سعوا إلى قتله عليه السلام صلباً، ليتحول كرههم له كرهاً لأتباعه، وهو كره لا يساويه إلا كره اليهود لمحمد عليه السلام وأتباعه،لذلك سعوا إلى قتله عليه السلام بالسم، ومن ثم فإن من الطبيعي أن يسعى اليهود إلى إزالة كل ماله علاقة بالمسيح ومحمد عليهما السلام،وهذا هو الخطر الذي يدق أبوابنا في القدس مسلمين ومسيحيين ويفرض علينا أن نتوحد لمقاومته، وهي المقاومة التي أكدت وثيقة كايروس فلسطين أنها حق مشروع لإنهاء الاحتلال الصهيوني غير الشرعي لفلسطين، بعد أن نقضت الأساس التوراتي الذي استند إليه هذا الاحتلال رافضة توظيف الإنجيل لتبريره.
لقد جاءت وثيقة كايروس فلسطين اللاهوتية امتداداً طبيعياً لإحساس المسيحيين العرب بالخطر الصهيوني على الإسلام والمسيحية ومقدساتهما، فكانت الأديرة أول من حذر من الخطر الصهيوني في القرن الثامن عشر، وكان مسيحي عربي هو نجيب عازوري أول من نبه في بداية القرن العشرين ومن خلال كتابه « يقظة العرب» الصادر في باريس عام 1905 إلى أن الصراع القادم سيكون بين القومية العربية والصهيونية.
وعبر مراحل الصراع العربي الإسرائيلي ظل المسيحيون العرب شريكاً أصيلاً في مقاومة المشروع الصهيوني،بكل أشكال المقاومة، فكراً وثقافةً وفناً، وصولاً إلى المقاومة العسكرية، ولا عجب في ذلك فهم أبناء هذه البلاد الأصلاء المنحدرين من أصلاب لخم، الأزد، وغسان وغيرها من قبائل العرب التي ينحدر منها إخوانهم العرب المسلمين. لذلك كله من الطبيعي أن ندعو في جماعة عمان لحوارات المستقبل إلى خطاب إسلامي مسيحي موحد، يتحول إلى عمل إسلامي مسيحي موحد لإنقاذ المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، عبر إنقاذ العالم العربي من التضليل الصهيوني.
Bilal.tall@yahoo.com
Related