قتل شاب برشّاش مساء الخميس ثمانية أشخاص وجرح 14 آخرين في ثلاث قرى في منطقة كلادينوفاتس على بُعد ستين كيلومتراً جنوب بلغراد.
أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش الجمعة عن خطة واسعة النطاق لـ”نزع السلاح” تهدف إلى جمع مئات الآلاف من الأسلحة من سكّان هذه الدولة الواقعة في منطقة البلقان والتي شهدت هذا الأسبوع مجزرتين بأسلحة نارية أوقعتا 17 قتيلاً بينهم ثمانية أطفال.
والأربعاء، قتل تلميذ (13 عاما) بالرصاص ثمانية من زملائه وبوّاب المدرسة الواقعة في وسط بلغراد، وجرح سبعة أشخاص هم ستة تلامذة ومعلّمتهم، وما زال اثنان منهم في حالة حرجة بعد خضوعهما لسلسلة من العمليات الجراحية.
واعتقلت الشرطة في الحال التلميذ الذي نفذ المجزرة.
وغداة هذه المجزرة، قتل شاب برشّاش مساء الخميس ثمانية أشخاص وجرح 14 آخرين في ثلاث قرى في منطقة كلادينوفاتس على بُعد ستين كيلومتراً جنوب بلغراد. واعتقلت الشرطة المنفذ المفترض لهذه العملية صباح الجمعة في منطقة كراغويفاتش (وسط)، بعد مطاردة استمرت طوال الليل.
وقال فوتشيتش في مؤتمر صحافي بُثّ على الهواء مباشرة بعد ساعات من المجزرة الثانية التي وقعت في ثلاث قرى لم يذكر الرئيس اسماءها لكنها تبعد حوالى ستين كيلومترا عن بلغراد “سنقوم بعملية نزع سلاح شبه كاملة في صربيا”.
كما أعلن عن مراجعة رخص حمل الأسلحة الخفيفة بالإضافة إلى الأسلحة التي يمتلكها الصيادون بهدف خفض عددها من نحو 400 ألف حالياً إلى “ما لا يزيد على ثلاثين أو أربعين ألفا”.
واوضحت الحكومة في بيان أنها تريد “تقليص عدد الاسلحة الخفيفة التي لدى الأفراد والشركات بنسبة تسعين في المئة”، لافتة الى أن وزارة الداخلية “ستوجه ايضا نداء الى مالكي الاسلحة والعبوات الناسفة غير القانونية من أجل تسليمها (للسلطات) خلال شهر من دون خطر التعرض لملاحقات”.
وفي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكّانه 6,8 ملايين نسمة، يمتلك الناس بشكل قانوني أكثر من 765 ألف قطعة سلاح بما في ذلك حوالي 360 ألف سلاح صيد، بحسب أرقام ذكرها رئيس الدولة.
وبينما يتوجّب الحصول على ترخيص لامتلاك سلاح ناري في صربيا، أعلنت وزارة الداخلية الخميس عن عمليات تفتيش لمنازل للتحقّق ممّا إذا كان يتمّ الاحتفاظ بالأسلحة في مكان آمن، وفقاً للقواعد المعمول بها. وستتمّ مصادرة أسلحة المخالفين.
“مطاردة مكثفة”
وقالت وزارة الداخلية الصربية في بيان صباح الجمعة إنّه “بعد مطاردة مكثفة، أوقف أفراد من وزارة الداخلية يو. بي المولود في 2002، في منطقة كراغوييفاتش” بوسط صربيا.
واضاف البيان أنّه “يُشتبه في أنّه قتل (…) بسلاح آلي ثمانية أشخاص وجرح 14 آخرين”، مشيراً إلى نقل جميع المصابين إلى المستشفى.
ووصف وزير الداخلية الصربي براتسيلاف غاسيتش إطلاق النار بأنّه “عمل إرهابي”.
وقبل اعتقال منفّذ إطلاق النار، ذكر مراسل لوكالة فرانس برس صباح الجمعة أنّ رجال شرطة يجوبون في المنطقة، تواكبهم مروحية مزوّدة بكشّاف ضوئي بحثاً عن مطلق النار.
من جهتها، قالت القناة الحكومية إنّ نحو 600 من أفراد قوات إنفاذ القانون نُشروا في المنطقة، بما في ذلك أعضاء في وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب. وقطعت الشرطة الطريق المؤدّي إلى قرى عدّة.
وتجمّع أقارب عدد من الضحايا، القلقين خارج مركز الطوارئ الطبي في بلغراد حيث نُقل ثمانية من الجرحى على الأقل إلى هذا المستشفى. وقامت وزيرة الصحة دانيكا غرويسيتش بزيارة قصيرة للمركز.
حداد وطني
واعتقل التلميذ الذي قتل زملاءه بعد وقت قصير من ارتكابه المجزرة، في باحة المدرسة حيث كان ينتظر وصول الشرطة، وتمّ نقله إلى مستشفى للأمراض النفسية.
كما تمّ توقيف والد مطلق النار مالك المسدّس المُستخدم، وهو طبيب معروف، وستستمع إليه النيابة الجمعة. واعتقلت والدة مطلق النار أيضاً.
وأعلنت الحكومة حداداً وطنياً لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من الجمعة. كما سيتمّ إلغاء أو تقليص عدد الاحتفالات والمناسبات المخطّط لها.
وفي رسالة وجهها المسؤول الثاني في الفاتيكان عبر تلغرام باللغة الصربية، أكد أن البابا فرنسيس يشعر “بحزن كبير” لما حصل، مضيفا أن “قداسته متضامن مع آلام من يبكون وفاة ضحايا بريئة”.
وأعرب الرئيس الصربي في خطاب مساء الأربعاء، عن أسفه لـ”أحد أصعب الأيام في التاريخ المعاصر” لصربيا.
وتنتشر الأسلحة النارية في البلقان منذ تفكّكت يوغوسلافيا السابقة والحروب التي حدثت في تسعينات القرن العشرين.
وفي 2013، قتل قروي 13 شخصاً في إطلاق نار، بمن فيهم أفراد من أسرته و جيران له، في مكان ليس بعيداً عن ملادينوفاك، المنطقة التي وقع فيها إطلاق النار ليل الخميس.
وطوال نهار الخميس، وضع الآلاف من سكان بلغراد الزهور والالعاب والرسائل كما أضاءوا الشموع خارج مدرسة فلاديسلاف ريبنيكار في وسط المدينة حيث وقعت المجزرة.
كذلك، أُقيمت تجمّعات على ضوء الشموع في زغرب في كرواتيا وفي بانيا لوكا في البوسنة.
وتمّ تكريم الضحايا بقدّاس في كنائس بلغراد. ووصف رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الصربية البطريرك بورفيريج إطلاق النار بأنه “كارثة لم يسبق لها مثيل في أمّتنا ووطننا”.