واجهت العشرينية ربى العياصرة من جرش تحديات عملها على مركبة نقل الركاب بالأجرة بكل عزيمة واصرار، متغلبة على كل معيقات عمل الفتيات بهذه المهنة، لتختصر سنوات التعطل بعد التخرج التي تعاني منها غالبية الخريجات بجرش.
تقول العياصرة، إنها اختارت هذه المهنة الصعبة لثقتها بنفسها وانها ستحقق فيها نجاحا مميزا، مشيرة إلى عدم اكتراثها بما يعرف بمهن يجب ان تكون حكرا على الشباب، مؤكدة أن هذه المهنة من المهن المجدية والتي توفر دخلا جيدا، في ظل ما يعانية الشباب الجرشي من شبه غياب لفرص العمل.
العياصرة باتت شعبيتها بين السيدات تتسع أكثر، مشيرة أن شريحة كبيرة من نساء جرش يجدن في استخدام مركبة أجرة تقودها سيدة أمرا فيه جانب كبير من الخصوصية والأمان.
فيما تنافس العياصرة المئات من الشبان المتعطلين عن العمل للعمل على نفس نظام سيارات الأجرة التي تعمل بواسطة برامج التطبيقات وتؤكد أنها ستستمر بنفس المهنة وستطور من نفسها وقيادتها وستدخل أنظمة وخصومات وتشجيعات للركاب على عملها من أجل تطويره أكثر.
في مهنة أخرى، كانت حكرا على الشباب، كسرت مدربة السواقة هبة العتوم هذا الحكر، وتحدت كافة الصعاب ونجحت بما اعتبرته “غمار المعركة”، بعد أن بدأت تنافس الرجال في عملها كمدربة سواقة في مدينة جرش.
وشجعت هبة العشرات من الجرشيات بالعمل بهذه المهنة التي لم تكن تعمل بها أي سيدة في جرش قبل بضع سنوات، كما اتاحت الفرصة لآلاف السيدات الجرشيات للحصول على رخصة قيادة كن محرومات منها لعدم وجود أي مدربة في جرش ورفض غالبية الأهالي بان تتلقى الفتيات التدريب على يد مدرب.
واجتازت العتوم كافة المراحل العملية والعلمية، واستطاعت الحصول على مراحل متقدمة في تدريب قيادة السيدات على المركبات، وطورت من نفسها لتقوم حاليا بتدريب النساء والرجال على قيادة المركبات بعد تقبل مهنتها والعمل فيها، كون فرص العمل المتوفرة أمام السيدات الجرشيات محدودة جدا والمشاريع الاستثمارية والصناعة والشركات الخاصة شبه معدومة. وتحاول السيدة الجرشية جاهدة للبحث عن فرص عمل في أي مجال يتناسب مع وقتها وصحتها وقدرتها وتعليمها والبيئة التي تعيش فيها.
وتعتقد العتوم، أن المجتمع بدأ مرحلة تقبل عمل المرأة في كل المجالات من خلال مساعدتها ودعمها، وهناك عشرات الجرشيات ممن امتهن مهنا كانت حكرا على الرجال وأبدعن فيها.
ولفتت إن واقع جرش الاقتصادي يفرض تحديات كثيرة على الشباب والفتيات، مشيرة إلى ضرورة أن تكون المرأة مساهمة وداعمة لأسرتها ما دامت تعمل بعمل غير مخالف.
في المقابل، يرى ناشطون أن العديد من الجرشيات تجاوزن ثقافة العيب، ودخلن إلى مهن كانت قبل سنوات قليلة حكرا على الرجال، ومنها مهنة تدريب السواقة ومهن أخرى مختلفة كالعمل بالمطاعم والمنشآت السياحية.
واعتبروا أن مهنة سائق سيارات أجرة رغم كونها من أصعب المهن الا أنها باتت خيارا أمام بعض الفتيات نتيجة ما تعيشه العديد من الأسر من ظروف اقتصادية صعبة.
يقول رئيس مجلس محافظة جرش رائد العتوم، إن التعيينات الحكومية شبه معدومة، وهناك آلاف الخريجين يعانون من التخصصات الراكدة وانعدام المشاريع الصناعية والاستثمارية في محافظة جرش.
وتابع لم يتبق أمام الشباب والفتيات سوى مهن جديدة وحديثة ومشاريع خاصة، وهناك مهن لم تكن لتعمل بها السيدات في جرش، وقد أثبتت السيدات وجودهن وقدرتهن على العمل في أصعب المهن رغم وجود رفض مجتمعي.
حال الجرشيات لا يختلف عن حال آلاف الفتيات العاملات في العاصمة وبقية المحافظات بحسب العتوم، الذي يرى أن النساء الجرشيات دخلن معظم المهن التي تتناسب مع البيئة والمجتمع التي تحيط بهن، وأهمها العمل السياسي وقد نجحن فيه بدليل حصولهن على مقاعد بمجلس النواب لدورات متتالية بالتنافس والحصول على حقائب وزارية عديدة ومقاعد في مجلس الأعيان وهذه الظاهرة التي تتوسع جديدة العهد في جرش ولكنها تجارب ناجحة وتثبت أن المرأة شريك حقيقي للرجل في كل الظروف والمهام ويتسابقن حاليا للدخول في الأحزاب السياسية.
وأوضح أن نسبة الفقر بجرش وصلت الى 30 %، ونسبة البطالة 22 %، وهي من أعلى النسب على مستوى المملكة، ومن حق الجرشيين البحث عن أي فرص عمل يرونها مناسبة بغض النظر عن مدى تقبل المجتمع لها أو رفضه في البداية كون الخيارات محدودة والظروف الاقتصادية صعبة والتحديات كبيرة وهناك منافسة في سوق العمل من قبل اللاجئين وأبناء المخيمات مقابل ركود في التعيينات الحكومية وقلة المشاريع المتوفرة.
في تجربة جديدة، وضع المستثمر والناشط فايز عضيبات مشروعه السياحي أمام تحد كبير، بعد أن اعتمد على العمالة النسائية لتدير مشروعه.
ومنح العياصرة فرصة لفتيات جرش ممن يرغبن بالعمل في مثل هذا النوع من المهن وأغلبهن فتيات يحملن شهادات تدريب في هذا المجال.
يقول العياصرة، إن السيدات أثبتن قدراتهن وحققن نجاحا في هذا المجال، بل وأصبحن ينافسن الشباب في الانضباط والدقة والجدارة والتطور والتميز، ما كان سبب في نجاح مشروعه الاستثماري، كون تجربة إدخال المرأة في العمل داخل المطاعم السياحية من المهن الجديدة وكانت حكرا على الرجال.
وأضاف العضيبات أن عمل المرأة في مطعمه وفر العشرات من فرص العمل للسيدات في مهن مناسبة وشجع السيدات والسياحة الداخلية على دخول المطعم بكل راحة وثقة لا سيما وأن أغلب العاملين في المطعم من السيدات، وحد من معيقات كانت تمنع السيدات وخاصة في القرى والبلدات من ارتياد المطاعم السياحية لاعتقاد أنها فقط للزوار الأجانب وحكرا عليهم.
ويشجع العضيبات السيدات لدخول سوق العمل السياحي بما يتناسب مع قدراتهن، خاصة في الوظائف الإدارية وإعداد الطعام، وهن منافسات قويات داخل المطابخ ومراحل الإنتاج وفريق متكامل من العمل في استقبال وتقديم الضيافة للزوار.