تصنيف وكالة ستاندرد اند بورز للأردن يعد شهادة بتعافي الاقتصاد الوطني

أكد مختصون بالشأن الاقتصادي، أن تثبيت التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل ليبقى عند مستوى (B+/Stable/B)، يعد شهادة بأن الاقتصاد الوطني يسير بخطى ثابتة نحو التعافي وتجاوز الصعوبات.

وعزت وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني، التي أعلنت عن ذلك، تثبيت التصنيف إلى نجاح خطة الإصلاح المالي، التي حافظت على الاستقرار المالي عبر خفض العجز والدين ورفع الإيرادات المحلية، مشيرة لنجاح السياسات النقدية للبنك المركزي الأردني بمجابهة الضغوط التضخمية العالمية.

وأشارت الوكالة إلى قيام الحكومة بتنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز قدرة الأردن في استقطاب الاستثمار، مشيدة بتمكن الاقتصاد الوطني من مواجهة التحديات العالمية في ظل الاضطرابات التي يمر بها الاقتصاد العالمي.

وستاندرد آند بورز (S & P) هي شركة خدمات مالية ومقرها في الولايات المتحدة، وهي فرع لشركات مكغرو هيل التي تنشر البحوث والتحليلات المالية على الأسهم والسندات.

وقال مختصون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن هذا التصنيف يعني الكثير للأردن في ظل التذبذبات الكبيرة التي تحدث في اقتصاديات مختلف دول العالم، وتساعد النظرة الإيجابية بالتصنيف في حصول المملكة على تمويل من المؤسسات والأسواق الدولية بأسعار فائدة معتدلة.

وأضافوا، ان التصنيفات الدولية تمثل ممكنات مهمة تخدم الدولة وتضع مسؤوليات كبيرة عليها أمام العالم، وتمثل أداة رقابية فعالة تساعد في الالتزام بالبرامج وما خطط له اضافة لكونها من أدوات المفاوضات المتينة مع المؤسسات المالية الدولية.

وأوضح وزير المالية الأسبق الدكتور محمد أبو حمور، أن هذا التثبيت يؤكد أن المملكة استطاعت أن تحافظ على الاستقرار المالي والنقدي في ظل ظروف عالمية وإقليمية صعبة، مؤكدا أن هذا جاء بالاستناد الى عدد من المؤشرات والنتائج الإيجابية التي حققها الأردن.

وأشار إلى السياسة النقدية للبنك المركزي الذي استطاع أن يحافظ على استقرار سعر صرف الدينار وجاذبية الودائع بالدينار الأردني مع الحد أيضاً من الضغوط التضخمية والاحتفاظ باحتياطيات من العملة الأجنبية، ما يدعم الاستقرار ويعزز الثقة بالبيئة الاستثمارية التي شهدت تطورات إيجابية تمثلت في استكمال الإطار التشريعي ومواصلة العمل على تحسين بيئة الأعمال.

ولفت أيضا إلى الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي أبرزها تحسين الإدارة الضريبية وارتفاع تحصيلاتها التي نتجت عن الحد من التهرب الضريبي، بالإضافة الى الجهود التي تبذل لخفض الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال، إن النظرة الإيجابية التي يعكسها هذا التصنيف تساعد في حصول الأردن على تمويل من المؤسسات والأسواق الدولية بأسعار فائدة معتدلة وتعزز الثقة بقدرة الأردن على جذب وتوطين الاستثمارات وتساهم في تحسين الموقف التفاوضي للأردن خاصة وان هناك نية للتفاوض على برنامج إصلاح جديد.

وأكد ابو حمور، أن جهود جلالة الملك عبدالله الثاني في توثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة والرعاية الملكية السامية لبرامج الإصلاح الشامل التي يتم العمل لتنفيذها، كان لها دور بارز في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي والمضي قدماً لتحقيق المزيد من الإنجازات.

من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية الدكتور رعد التل، إنه عند الحديث عن الجدارة الائتمانية فالمستوى الذي حققه الأردن ضمن درجة المخاطرة وفقا لتصنيفات وكالة ستاندرد آند بورز، تسمى تصنيف درجة المضاربة بحسب الوكالة.

وبين التل، أن هذا التصنيف الحالي كان عليه الأردن قبل سنوات واليوم نعود إليه وهو يعد إشارة إيجابية، ما يتطلب من الأردن الاستمرار في السياسات الإصلاحية حتى ينتقل من تصنيف درجة المضاربة إلى الدرجة الاستثمارية وهي الأعلى في التصنيف الائتماني.

بدوره، أكد المستشار في الاستثمار والأعمال محمد علي القريوتي، أن استقرار التصنيف الائتماني للأردن يعني الكثير للمملكة والعالم، خاصة في ظل التذبذبات الكبيرة التي تحدث في اقتصاديات مختلف دول العالم، حيث شهدنا أخيرا انخفاض تصنيف دول كبرى لم نعتقد يوما بأن تصنيفها سيتراجع كما شهدنا انهيار أسعار صرف عملات دول اقتصاداتها لا يستهان بها.

وأوضح القريوتي، ان هذا التصنيف هو تقييم لقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية، لافتا الى أن العوامل التي يعتمد عليها التصنيف متعددة وتأخذ بعين الاعتبار قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وحجم المديونية والاحتياطات النقدية واستقرار سعر صرف العملة والمؤشرات الاقتصادية المختلفة، منها نسبة التضخم والنمو الاقتصادي، وعلاقة الدولة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات الأولية الممولة والصناديق السيادية، كذلك الاستقرار السياسي والأمني والاتفاقيات والعلاقات الدولية.

وأضاف، أنه على الرغم من كل التحديات التي يواجهها العالم، استطاع الأردن ان يبقي على تصنيفه الائتماني مستقرا ومتفائلا بالمستقبل، خصوصا في ظل ترسيخ مسارات الإصلاح الاقتصادي والسياسي والقطاع العام.

وبين ان الأردن وضع رؤية تحديث اقتصادي طموحة وهذه تحتاج الى وضع ائتماني مستقر، للمساعدة في التوجه للأسواق العالمية والحصول على أسعار منافسة وفترات سداد طويلة وتغطية تفوق الطلب.

واكد القريوتي، أن الاستثمارات الكبيرة تحتاج لمستثمرين دوليين ودول لتراقب وتقيم تحركاتها الاستثمارية بناء على التصنيف الائتماني للدولة الحاضنة للاستثمار، حتى وأن المنح الدولية تأخذ بالاعتبار هذه التصنيفات على محمل الجدية.

وتابع، أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار ضمن عوامل التقييم ما يحدث في محيط الدولة من عوامل استقرار في دول الجوار، حيث ان الأردن لايستطيع السيطرة عليها ولكنها تلعب دورا في تصنيفه الائتماني.

ولفت إلى أن الأردن نجح في إدارة التوازن بهذا الجانب، بحيث أصبحت هذه العوامل محدودة على التصنيف الائتماني السيادي وهذا يعد تحديا كبيرا نجح الأردن به بامتياز.

وأردف قائلا، إن التصنيفات الدولية هي أدوات مهمة تخدم الدولة وتضع مسؤوليات كبيرة عليها أمام العالم فهي أداة رقابية فعالة تساعد في الالتزام بالبرامج وما خطط له اضافة الى إنها تعتبر أداة من أدوات المفاوضة المتينة تجاه المؤسسات المالية الدولية.

من جانبه، أكد عضو مجلس إدارة شركة إدارة الاستثمارات الحكومية المهندس حمزة العلياني، أن الآفاق الاقتصادية للأردن بدأت في التحسن، بفضل جهود الإصلاح الهيكلي التي تبذلها الحكومة، متوقعا أن يستمر دخل الفرد الحقيقي في الأردن في الارتفاع اعتبارا من العام الحالي فصاعدًا، بعد أن انخفض خلال العقد الماضي.

وقال العلياني، إن التصنيف المستقر لوكالة ستاندرد آند بورز، تعكس التوقعات ان يبقى زخم الإصلاح في الأردن ودعم المانحين قويا، ما يعوض خطر التأثيرات الخارجية التي قد تؤدي إلى تقويض مسار ضبط الأوضاع المالية العامة في البلاد وزيادة عبء الديون المرتفع بالفعل.

وأضاف، انه يمكن رفع التصنيفات إذا تسارع النمو الاقتصادي في الأردن إلى مستوى أعلى بشكل مستدام، ما يؤدي إلى زيادة في الوظائف في القطاع الخاص وفي الناتج المحلي الإجمالي للفرد.

وأشار إلى أنه من المرجح أن يتوقف التصنيف الأعلى على ما إذا كانت الحكومة قادرة على خفض نسبة صافي الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملموس، وهو ما قد يحتاج على الأرجح إلى إجراء المزيد من التحسينات في ضبط أوضاع المالية العامة في القطاع العام.

وزاد، أن هناك عدة مخاوف من خفض التصنيفات إذا توقف زخم الإصلاح، ما يؤدي إلى تراجع جهود ضبط الأوضاع المالية، مثل ضغوط الإنفاق المحلي المتزايدة، وتضاؤل غير متوقع للدعم القوي الحالي من الجهات المانحة الثنائية والمتعددة الأطراف، ما يؤدي إلى ضغوط تمويل خارجية.

وأوضح أن الاقتصاد الأردني واجه العديد من الصدمات في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الآثار غير المباشرة للأزمة السورية، وجائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، حيث خلفت هذه الأحداث ارتفاعا بمعدلات البطالة، وارتفاع الدين العام، والضغوط الناجمة عن استمرار استضافة اللاجئين.

وتابع، أن الأردن واجه هذه التحديات من خلال التركيز على الإصلاحات الهيكلية بدعم من صندوق النقد الدولي، حيث أتت الإصلاحات المالية التي تركز على الامتثال الضريبي بثمارها، بالإضافة الى بذل الجهود لتجديد الاستثمار وتحسين سهولة ممارسة الأعمال التجارية، الأمر الذي يحمل في طياته زيادة النشاط الاقتصادي بشكل مستدام.

وقال العلياني، إنه من المتوقع ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تدريجياً، ليصل في المتوسط إلى 3 بالمئة في الفترة 2023-2026، سيساعده في ذلك التداعيات الإيجابية الناجمة عن النشاط الإقليمي وزيادة النشاط الاستثماري والتيسير النقدي التدريجي في السنوات اللاحقة.

وأضاف، أنه تم احتواء التضخم إلى حد كبير، حيث ارتفعت الأسعار بمتوسط 2.7 بالمئة في الأشهر السبعة الماضية من العام الحالي 2023، مقارنة بمتوسط تضخم سنوي بلغ 4.2 بالمئة العام الماضي.

وأكد أن الأردن استطاع السيطرة على ضغط الأسعار واحتواء التضخم المستورد، فيما أدى التخزين الوقائي للمواد الغذائية الأساسية وعقود استيراد الغاز طويلة الأجل والمرتفعة الأسعار إلى إبقاء فواتير الغذاء والطاقة مستقرة نسبيا.

(بترا)

رئيسي