بعد أن حُسم أمر الانتخابات البرلمانية، والتي ستجري في العاشر من شهر أيلول المُقبل، إلإ أنه ما تزال هُناك تحديات ومُعيقات تعترض عملية الاستحقاق الانتخابي، وعلى رأسها تلك التي يواجهها الشباب، الذين يقع عليهم مسؤوليات جسام، خصوصًا بأنهم يُشكلون ما يقرُب من ثُلثي سكان المملكة.
من تلك التحديات أو المُعيقات ما يعود أسبابه إلى الحُكومة، وبعضها إلى الأحزاب نفسها، وأُخرى سببها المواطن نفسه أو بُنية المُجتمع ككُل.
وحتى لا أُتهم بـ”السوداوية”، أو التجني على الحُكومة أو مُهاجمتها، أو نعتي بأني أتصيد بالماء العكر، فسأبدأ بتلك التي تخص الأحزاب، التي ما تزال تُعاني من ضُعف في التمثيل الشبابي.
ومُعالجة هذا التحدي، يقع بالمقام الأول على كاهل الأحزاب نفسها، التي يبدو وكأنها حتى كتابة هذه الأسطر، غير مُقنعة ولا جاذبة لجيل الشباب، وهذا مرده إلى أنها تفتقر إلى برنامج سياسي، اقتصادي، اجتماعي، فكري، ثقافي، يجذب الشباب، ويجعله يؤمن بذلك البرنامج التابع لحزب ما.
وقبل ذلك يقوم جيل الشاب بمرحلة لتقييم برامج الأحزاب، الموجودة على الساحة، حتى يستطيع أن يُميز “الغث” من “السمين”، ويُقارن بين تلك البرامج، وبالتالي يختار طريقه عبر حزب مُعين، يؤمن بأفكاره ومبادئه وبرامجه أولًا وأخيرًا.
وللتغلب على هذا التحدي، فإن الأحزاب مُطالبة بإنشاء برامج اقتصادية اجتماعية سياسية، تثقيفية وتوجيهية، تستهدف فئات المُجتمع كافة، خصوصًا الشباب، فضلًا عن ضرورة تمثيل الفئة الأخيرة بشكل أفضل في هياكل الأحزاب التنظيمية.
أما التحديات أو المُعيقات التي أسبابها الحُكومة، ويقع على عاتقها إيجاد آلية ناجعة لمُعالجتها، تتمثل بالإحباط الشبابي من النظام السياسي بشكل عام، ما يجعل الشباب يُفكر ألف مرة قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع لكي يُمارسه حقه الانتخابي.. فكيف سيتم إقناعه بالمُشاركة ترشُحًا؟.
إن عدم الثقة بالعملية الانتخابية ككُل، قد يُسبب استياء بين الشباب، يجلعهم يفقدون الرغبة في المُشاركة بالانتخابات، أكان ترشُحًا أم انتخابًا، فعندما يصل الشباب إلى قناعة بأن العملية الانتخابية غير نزيهة، ويشوبها الكثير من السلبيات، فإن ذلك يُعتبر سببًا رئيسًا لعدم المُشاركة.
المُعيقان أو السببان السابقان، مُرتبطان وبشكل وثيق مع التحديات الاقتصادية، والتي تتمثل بزيادة مُعدلات الفقر بين أبناء المُجتمع الأردني، وكذلك ارتفاع نسب البطالة بشكل جُنوني.. فمثل هذه التحديات تُشكل عائقًا أمام المُشاركة الشبابية.
تلك أمور تتطلب من الدولة أو الحُكومة والأحزاب إعداد خطة واقعية، قابلة للتطبيق على أرض الواقع، تكون من مهامها الرئيسة، توعية الشباب بأهمية المُشاركة السياسية، وإقناعهم بأن لهم تأثير إيجابي، يجني ثماره الوطن ككُل.
كما يتطلب للتغلب على تلك المُنغصات، ضرورة توفير فُرص عمل للشباب، فعندما يؤمن الشاب قوت يومه وأفراد أسرته، ويشعر بأمن وظيفي نوعًا ما، فإن ذلك يُشكل دافعًا وقويًا لتعزيز مُشاركتهم وبشكل فعال في العملية السياسية، لا بل سيبذلون قُصارى جهدهم من أجل إقناع الآخرين بالمُشاركة أيضًا.
نقطة أخيرة، سببًا رئيسًا للتشجيع على المُشاركة في الانتخابات، تتمثل بضمان حُكومي على نزاهة العملية الانتخابية، وتوفير بيئة ديمقراطية وشفافة، تُشجع على المشاركة الشبابية.
في حين أن المُيعقات التي يقع على كاهل الشباب مُعالجتها أو تخطيها، هي تلك المُتمثلة بأن الصوت الانتخابي الشبابي لا يُقدم ولا يؤخر، ولا يُحدث أي تغيير حقيقي على أرض الواقع.. الأمر الذي يتطلب من الشباب بأن يكون أكثر ثقة بنفسه، وأكثر وعيًا، بأن الأيام القادمة “حُبلى” بتغييرات إيجابية، تعود بالنفع عليهم أولًا ثم بأقي أبناء المُجتمع، فالوطن بأكمله.
مُشاركة الشباب في الانتخابات المُقبلة تُعتبر أمر بالغ الأهمية، لبناء مُستقبل أفضل للبلاد.. فعكس ذلك تمامًا، قد يُلحق ضررًا إما عاجلًا أو آجلًا بالعملية السياسية، أهمها عزوف الشباب عن المُشاركة وبالتالي الابتعاد عن عملية صنع القرار.. الانتماء الحزبي أو الإيمان بالأحزاب أو حتى برامجها، أصبح ضرورة، خصوصًا أن قانوني الانتخاب والأحزاب ضمنا حدًا أدنى من مُشاركة الشباب والمرأة في العملية الديمقراطية.