عبد الكريم سلامة الحويان
شكّل خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في افتتاح اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين، بوصلة مهمة لقادة وزعماء دول العالم، الذين التقوا في اجتماعهم السنوي.
خطاب جلالة الملك حفظه الله أنار الطريق أمام قادة وزعماء دول العالم، ووضع النقاط على الحروف.
منذ ما يزيد عن ربع قرن من الزمن، ومنذ أن تولى جلالة الملك سلطاته الدستورية، وهو يحمل القضية الفلسطينية في كافة المحافل العربية والدولية، ويدافع عن عدالتها بشراسة.
خطاب جلالة الملك تضمن العديد من المضامين التي هي طريق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية.
وهنا لا بد من الإشارة إلى خطاب جلالة الملك الذي القاه في اجتماع الجمعية في دورتها الماضية؛ أي قُبيل أحداث السابع من اكتوبر بأيام، عندما حذر جلالته من خطورة التصعيد الإسرائيلي، وعدم اقامة الدولة الفلسطينية عند خطوط الرابع من حزيران لعام ١٩٦٧، واكد جلالته بأن ذلك سيكون له تداعيات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة.
جلالة الملك صاحب الرؤية الثاقبة والحكمة، وضع في خطابه النقاط على الحروب، وتحدث بلغة غير معهودة، وهو يتحدث أمام قادة وزعماء دول العالم. خطاب جلالته حمل المسؤولية للمجتمع الدولي الذي عليه أن يتبنى آلية لحماية الشعب الفلسطيني، وأن يوقف التصعيد الدائر في لبنان من قبل جيش الاحتلال.
كما أن خطاب جلالته حمّل المسؤولية للحكومة الإسرائيلية التي قتلت ودمرت قطاع غزة وذهب ضحية آلة الحرب الأطفال والنساء وصحفيين وعاملين في قطاع الإغاثة، عدا عن طواقم طبية، فكان عدد ضحايا هذه الحرب غير مسبوق على صعيد العالم وأكثر من أي حرب شهدها العالم.
كما خطاب جلالته انهى أي حديث عن الوطن البديل وسياسات تهجير الشعب الفلسطيني، التي يثار حولها حديث كثير، عندما أعلن جلالته بأن التهجير هو جريمة حرب..
جلالة الملك اختزل كل الحديث في خارطة طريق، شخصت واقع المأساة الإنسانية التي تواجه الشعب الفلسطيني، ووضعت خطة العمل المطلوبة، واختصر الحديث بكل ما يتعين على قادة وزعماء دول العالم العمل به، لإنهاء هذا الصراع وحماية الشعب الفلسطيني وإقامة دولتهم.
من حقنا كأردنيين أن نفتخر اليوم برؤية وفكر جلالته، صاحب الرؤية الثاقبة.
فجلالته دعا القادة والزعماء لإسناد الشعب الفلسطيني، والوقوف إلى جانبه من خلال القانون الدولي، وكذلك ارسال المساعدات الإنسانية من خلال المملكة الأردنية الهاشمية.
خطاب جلالة الملك خطاب واقعي شمولي، تضمن ما لا تتضمن أي خطابات شهدها الاجتماع من قبل الحضور، فكان خطاب جلالته متقدماً على كافة خطابات القادة التي شهدها الاجتماع؛ لأنه تحدث برؤية إنسانية ثاقبة، وحكمة قائد حمّل القضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية، وطالما نادى بإنهاء الاحتلال وقامة الدولة الفلسطينية، والاحتكام للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
الخطاب الملكي حذر ونبه المجتمع الدولي من خطورة الأوضاع الدائرة على الأراضي الفلسطينية، ومن مغبّة عدم تطبيق القانون الدولي على مسطرة واحدة كما يجب.
ومن يتمعن بهذا الخطاب يدرك أهمية كل كلمة قالها جلالته، ويدرك خارطة الطريق التي يجب السير عليها لاحلال الأمن والسلم في المنطقة كافة، وهو أمر لن يتحقق إلا من خلال الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.