الولاء للأقوى : مناهجنا ومناهجهم !

في علم النفس هناك مرض يسمى ( عُقدة ستوكهولم أو متلازمة ستوكهولم ) : وهو مرض نفسي يعني تعاطف الضحية مع الجلاد والولاء لصاحب القوة !

 

من يريد ان يستشرف المستقبل يجب عليه التمعن في التاريخ بعناية، فما زال هناك من يخلط بين الواضح والمجهول ،، ولا جديد في الأمر سوى اختلاف صفة المجهول !

 

نَحار من أين نبدأ ؟ سنبدأ من البديات بالعودة الى مطلع عام ٢٠١٤ التي بدأ فيها فعلياً تغيير المناهج الدراسية والتعليمية في غالبية الدول العربية نتيجة الضغوطات الأمريكية والأوروبية والاختراق الإسرائيلي للكثير من البلدان العربية في محاولة لتغيير مواقف الرأي العام تجاه إسرائيل !

 

مؤسسات ومعاهد دولية تقوم برصد التغييرات في المناهج الدراسية في معظم الدول العربية لصالح إسرائيل ، تضغط لإدراجها على الخرائط العربية وتعريف الطلاب العرب بمذابح الهولوكوست ،،  من أبرز تلك المؤسسات والمعاهد معهد مراقبة السلام والتسامح الثقافي في التعليم IMPACT-SE ومقره لندن ،،، ورابطة مكافحة التشهير (ADL ) ومقرها أمريكا.

 

قبل ان اكتب حرفاً واحداً من هذه المقالة راجعت من خلال تقنية الذكاء الصناعي GPT ما استطعت بما يتعلق بمضامين ومحتويات وأسماء كتب المناهج التعليمية في إسرائيل.

 

فلو استعرضنا أفقياً وعامودياً ما تحتويه تلك المناهج لوجدنا أنها جزء من الفكر الصهيوني تحتل مركزاً متقدماً في تشكيل العنصرية ، محشوّة بعبارات الحقد والتحقير والاستعلاء للإنسان العربي ،، تتّخذ من التلمود أساساً لها ! وأهم ما يميز تلك المقررات الدراسية عسكرتها لدرجة تجعل الطالب في المراحل الإعدادية والثانوية جندياً.

 

المضامين العنصرية موجودة بشكل واضح لا لبس فيه في كل المراحل الدراسية المقررة للطلاب الاسرائيليين، خصوصاً في الكتب المتعلقة بالعلوم الإنسانية وكتب العهد الجديد والجغرافيا والتاريخ ! ومن أخطر تلك الكتب : كتاب قرارات إسرائيل الحديثة وكتاب ديرخ همليم ( أي درب الكلمات الذي يدرس للصف الرابع الابتدائي ) ! وكتاب الطلائعيون اليهود ، وكتاب القرن العشرين على عتبة الغد ، وكتاب مختارات إسرائيل الجديدة للصف الثاني الأساسي الذي يتحدث بفصل كامل عن مدينة الخليل ويصنفها تحت عنوان ( مدن عتيقة في يهودا ) مشيراً الى انها ارض يهودية وبلد الآباء والأجداد ، وكتاب التربية المدنية ،، وكتاب بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط ! وكتاب إسرائيل والشعوب ،،، وكتب مفسرين التلمود من الحاخامات مثل ( المنشا والجمارا ) ،،، وكتب بابوريش للجغرافيا.

 

إن تقديم قراءة وتحليل مناهج التعليم في إسرائيل يدفعنا الى القول أن كتب التاريخ الاسرائيلية حافلة بالسرديات الدينية التي تحفزه على الاستيلاء على أراض ومساحات في سبيل هدف ديني مقدس لديه ، وان طبيعة تلك الكتب تعتمد تربية ذات بعد واحد تسعى لطمس الهوية العربية الإسلامية واستئصال جذور الصراع العربي الإسرائيلي على مبدأ ( الأبرتهايد ) بترسيخ مفهوم شعب الله المختار ( أي العبقريين المتميزين ) وأن المسيح لن يظهر إلا إذا تم قتل العرب جميعا ، وأن الخارجين عن الدين اليهودي هم خنازير نجسة ،، وان باقي شعوب الأرض خُلقت لخدمة اليهود ! كما تُعطي المناهج الاسرائيلية صوراً سلبية عن العرب لطلاب اليهود ،، بحيث يبقى العربي في تصورهم مفردة ملازمة لصفات سلبية شريرة.

 

بشكل عام الأدبيات الصهيونية دأبت على توصيف العرب بأقبح الصور بوصفهم أفاعي ومجموعة من رعاة الأغنام المتخلفين ! وانهم من درجة متدنية لا يعرفون الرحمة والشفقة والقتل والإجرام غريزة وهواية عندهم ، وأن الإنسان العربي شخصية انفعالية وظاهرة صوتية بليدة العقل لا يؤمن جانبها ، وأن كل العرب طماعين وغشاشين ومتخلفين بالمقارنة مع اليهودي صاحب الحضارة.

 

قبل فترة شاهدت مقطعين فيديو : الأول لمجموعة من أبناء يتامى الجيش الإسرائيلي أثناء استقبال رئيس الوزراء نتنياهو لهم في مكتبه ،، حيث قدم لكل واحد منهم هدية وهي عبارة عن مجسم للهيكل الثالث مُقامٌ مكان المسجد الأقصى.

 

الفيديو الثاني : يكشف عن نوعية المواد والاسئلة التي يتعلمها الطلاب اليهود في مدارسهم الدينية ! حيث يظهر في الفيديو قيام أحد المعلمات بتوجيه أسئلة للطلاب ،، فتقول لهم : حين أقول لكم كلمة أورشليم ؛ ماذا يخطر ببالكم ؟ فيردّون جميعهم البيت المقدس الذي سَيُبنى قريباً ! ثم تسألهم المعلمة مرة أخرى : ماذا يوجد مكان الهيكل ، وماذا سيحصل للمسجد الأقصى ؟ يجيب الطلاب سوف يتحطم أو ينفجر ثم يختفي ! والسؤال الأكثر خطورة كان : ماذا تشعرون عندما تقابلون طفلاً عربياً ؟ ليرد أحد الطلاب ،، أشعر بالغضب وأني أريد قتله !

 

إن تغيير المناهج التعليمية العربية جارٍ على قدم وساق منذ عام ٢٠١٤ وقطع أشواطاً كبيرة !! لكن المُؤسف أننا في الوقت الذي نشاهد فيه تسابق العرب لتغيير مناهجهم الدراسية وتغيير خطابهم الديني والثقافي تجاه إسرائيل ، لم نسمع عن نية لدى اسرائيل لتغيير مناهجها التي تحمل مواد تحريضية و عدوانية تجاه العرب والمسلمين ، ولم نرى أن أحداً من القيادات العربية تجرّأ على انتقاد مناهجهم الدراسية ! او حتى طالب بتغييرها !

featuredالأردنالمهندس سليم البطاينة