الأردن اليوم – في سابقة قضائية هي الأولى عدَّلت محكمة بداية عمان عقوبة مواطن حُكِمَ عليه بالمؤبد في الصين الى الوضع بالأشغال المؤقتة 5 سنوات، وذلك بإعطاء الحق للاردن بتعديل العقوبة بما يتلاءم مع القوانين في المملكة.
المحكوم كان قد امضى عشر سنوات من مدة محكوميته السابقة وهي المؤبد، وعلى ضوء ذلك قررت المحكمة خلال الجلسة العلنية التي عقدتها الهيئة الحاكمة برئاسة رئيس محكمة عمان الإبتدائية القاضي سعد اللوزي وعضوية القاضيين إميل الرواشدة والدكتور بسام التلاهين الافراج عنه فوراً ما لم يكن محكوماً أو موقوفاً لداعٍ آخر، بحضور وكيلي الدفاع عن المحكوم المحاميين سالم القلاب وحنان الحديد.
ووجدت المحكمة أن وقائع القضية الثابتة لها تتلخص بأن المواطن المحكوم صدر بحقه حكم جزائي من القضاء الصيني في 2009، يقضي بالحكم عليه بالمؤبد عن تهمة «تصنيع وبيع منتوجات دواء مزورة»، بعد أن تم توقيفه على ذمة الدعوى في 2008 في احد السجون الصينية، وحتى نقله الى الاردن في 2015 وتوديعه في احد مراكز الاصلاح والتأهيل.
وفي 2011 صدرت مذكرة وزارة الخارجية الصينية والمتضمنة الموافقة على نقل النزلاء بما فيهم المحكوم من السجون الصينية الى الاردنية، لإكمال مدة محكوميتهم في مراكز الاصلاح والتأهيل، وقد اشترطت تلك المذكرة على أن لا يتم اعادة اصدار حكم جديد في القضية التي تم محاكمتهم من اجلها، أو تغيير ذلك الحكم الصادر عن المحكمة الصينية، وتضمنت ان يخضع النزلاء الذين سيتم نقلهم للقوانين الاردنية، واعطاء الحق للطرف الاردني بتعديل الحكم بما يتلاءم مع القوانين الاردنية.
وفي منتصف الشهر الاول من العام الجاري وافق مجلس الوزراء على مذكرة وزارة الخارجية الصينية، والتي على اساسها جرى نقل (المحكوم) لقضاء ما تبقى من مدة محكوميته في مراكز الاصلاح والتأهيل بالاردن في 2015، وعلى ضوء موافقة مجلس الوزراء على ذلك الاتفاق فقد تم احالة ملف هذه الدعوى من قبل مدعي عام عمان لغاية النظر بالقضية.
ووجدت المحكمة أن المذكرة والاتفاق بين الاردن والصين واجب التطبيق، وقد تضمن نصاً بخضوع النزلاء الذين يتم نقلهم بموجب احكام تلك المذكرة للقوانين الاردنية، وتضمنت اعطاء القضاء الاردني صلاحية تعديل مدة الحكم الصادر عن القضاء الصيني بشكل يتلاءم مع احكام القوانين الاردنية، على ان لا يشمل ذلك التغيير في الحكم الصادر عن المحاكم الصينية من حيث تغيير جوهر الحكم ووصف الجريمة والادانة، وأن الصلاحية الوحيدة المعطاة للمحكمة هي تعديل مدة الحكم بشكل يتلاءم مع القوانين الاردنية، مع حظر البحث في الادانة والتجريم.
ووجدت المحكمة بعد الرجوع إلى التشريعات الأردنية أن المشرع تولى تجريم الفعل المسند للمحكوم عليه وهو «تصنيع وبيع منتوجات دواء مزورة» وذلك على التفصيل الآتي:
يعتبر الدواء مزوراً وفق المادة (31) من قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008، إذا صنع في موقع غير معتمد أو في غير شركته الاصلية وبدون موافقتها، وإذا لم يحتوِ على المادة الفعالة أو على التركيز المقرر له أو احتوى مادة مغايرة لتلك المنصوص عليها في بطاقة البيان، وإذا حمل اسماً تجارياً أو علامة تجارية أو بطاقة بيان مزورة أو مقلدة، وإذا ورد اسم بلد التصنيع على عبوة الدواء الداخلية أو الخارجية مخالفاً لبلد التصنيع الحقيقي. ونصت المادة (32) من قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008، على الحظر وتحت طائلة المسؤولية القانونية تداول أو استيراد أو ادخال أي دواء مزور الى المملكة بما في ذلك المناطق الحرة والاقتصادية والتنموية الخاصة والعبور بالترانزيت وكذلك الترويج أو نشر إعلان لأي دواء مزور.
كما نصت المادة (65/أ) من قانون الصحة العامة على معاقبة كل من قام بتداول او استيراد أو إدخال أي دواء مزور الى المملكة بما في ذلك المناطق الحرة الاقتصادية والتنموية الخاصة والعبور بالترانزيت، بالأشغال المؤقتة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات، أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين وبغرامة تعادل مثلي قيمة سعر بيع الأدوية المزورة للجمهور.
وبالإستناد الى تلك النصوص وجدت المحكمة أن المشرع الأردني قد جعل من العقوبة المقررة للأفعال المقترفة من المحكوم عليه بمقتضى التشريع الأردني في حدها الأقصى هي الاعتقال مدة خمس سنوات أو غرامة لا تزيد على خمسة آلاف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.
وعملاً بالمذكرة والاتفاق المبرم بين الأردن والصين حول تبادل المحكومين فيما بينهما، والمادة (363) من قانون أصول المحاكمات الجزائية قررت المحكمة تعديل العقوبة المقررة للمحكوم عليه بما يتلاءم مع التشريعات الاردنية، لتصبح الوضع بالأشغال المؤقتة خمس سنوات، وحيث أن المحكوم عليه قد أمضى تلك المدة موقوفاً، قررت المحكمة اعتبار العقوبة الصادرة بحقه منفذة والإفراج عنه ما لم يكن محكوماً أو موقوفاً لداعٍ آخر، علماً بأن القرار الصادر وفقاً لأحكام المادة (363) من قانون اصول المحاكمات الجزائية هو قرار قطعي غير قابل للطعن.