الخيار العسكري يتقدم لمعاقبة دمشق على “كيماوي دوما”

الأردن اليوم – استخدمت روسيا حق الفيتو أمس في مجلس الأمن ضد مشروع قرار أميركي يقضي بإنشاء آلية تحقيق حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، وذلك بعد الاعتداءات التي وقعت السبت الماضي في مدينة دوما السورية قرب دمشق.

فيما، أعلن البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة لا تستبعد مشاركة عدة دول في الرد على سورية.

ووافقت 12 دولة على مشروع القرار الأميركي، في حين عارضته روسيا وبوليفيا، وامتنعت الصين عن التصويت.

وكان مشروع القرار يدعو إلى إنشاء “آلية تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة” على أن تعمل لمدة سنة للتحقيق في استخدام السلاح الكيميائي في سورية. وهذا الفيتو هو الثاني عشر الذي تستخدمه روسيا في مجلس الامن بشأن الملف السوري منذ بدء النزاع في سورية.

كما، صوّت مجلس الأمن الدولي بأكثرية سبعة أصوات مقابل ستة وامتناع اثنين عن التصويت، ضد مشروع قرار تقدمت به روسيا.

ولم يحز مشروع القرار الروسي إلا على ستة أصوات في حين انه كان بحاجة لتسعة أصوات على الأقل لتمريره. والنص الروسي الذي سقط في التصويت يمنح مجلس الأمن القرار النهائي في اعتماد أو رفض نتائج التحقيقات التي تخلص اليها آلية التحقيق. ورفضت الدول الغربية هذا النص خصوصا لأنه يحرم في نظرها آلية التحقيق من الاستقلالية اللازمة للقيام بعملها.

وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، إن مشروع القرار الروسي يمنح موسكو فرصة اختيار المحققين وهو غير مستقل.

وأضافت هايلي في جلسة لمجلس الأمن بشأن التصويت على 3 مشاريع بشأن التحقيق بهجمات الكيمياوي في سورية، أنه يجب إنهاء هذه الهجمات الوحشية التي يتعرض لها المدنيون في مدينة دوما.

من جهته، أفاد مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة ديلاتر، بأن استخدام السلاح الكيمياوي أمر مروع للغاية ويهدد النظام الدولي وله تبعات خطيرة، مشيرا إلى أن دمشق لم تلتزم بتعهداتها وتواصل استخدام الأسلحة الكيمياوية.

وصرح ديلاتر بأنه سيتم بذل كل الجهود لوقف سياسة الإفلات من العقاب ولن نقبل أي آلية غير مستقلة.

وأكد مندوب فرنسا أن انتهاء عملية آلية التحقيق المشتركة خلّف فراغا كبيرا تم استغلاله من قبل دمشق.

التحرك ضد سورية

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، إنه من غير المستبعد أن تشارك عدة دول في التحرك ضد سورية، ردا على مزاعم استخدام أسلحة كيماوية فيها. وأضافت المتحدثة “نحن نجري محادثات مع عدة جهات، مع الرئيس الفرنسي ماكرون، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وغيرهما، وليس فقط هذه الدول”.

وأشارت سارة ساندرز إلى أن إدارتها ما زالت تعمل مع شركائها لتحديد ماهية الخطوات التالية.

وأجرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، امس، اتصالين هاتفيين مع الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي دونالد ترامب بحثت معهما تطورات الوضع في سورية.

وأشار مكتب رئيسة الوزراء في داونينغ ستريت في بيان، أن ماي وترامب وماكرون اتفقوا على ضرورة أن يرد العالم على التقارير عن الهجوم الكيماوي المزعوم في مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، لدعم الحظر الدولي المفروض على استخدام هذا النوع من الأسلحة

من جهته، قال الرئيس الفرنسي أن بلاده ستعلن “خلال الأيام المقبلة” ردها على الهجوم الكيماوي المفترض في سورية، وفي حال قررت شن ضربات عسكرية فسوف تستهدف “القدرات الكيماوية” للنظام من غير أن تطال “حليفيه” الروسي والإيراني.

من جهته، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع ماكرون في باريس أن بلاده قد تشارك في ضربات محتملة ضد نظام دمشق إذا لزم الأمر.

وقال ماكرون “خلال الأيام المقبلة، سنعلن قراراتنا” بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا.

لكنه لفت إلى أن “القرارات التي قد نتخذها لن تهدف في أي من الأحوال إلى ضرب حلفاء النظام أو مهاجمة أي كان، بل ستستهدف القدرات الكيماوية التي يملكها النظام”، مؤكدا أن فرنسا “لا ترغب بأي تصعيد”.

وقال بن سلمان الذي يختتم زيارة رسمية لفرنسا استمرت يومين، ردا على سؤال حول إمكانية انضمام بلاده إلى ضربات محتملة في سورية “إذا كان تحالفنا مع شركائنا يتطلب ذلك، فسنكون جاهزين”.

وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير صرح في وقت سابق في باريس حيث يرافق ولي العهد أن بلاده تقوم باستشارات مع حلفائها حول كيفية الرد على الهجوم الكيماوي المفترض، دون ان يستبعد في تعليقاته الرد العسكري.

وقال “موقفنا هو أن هؤلاء المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية يجب أن يحاسبوا ويمثلوا أمام القضاء” مضيفا “هناك مشاورات تجري مع عدد من البلدان بالنسبة الى الخطوات التي يجب اتخاذها للتعامل مع القضية”.

ونسب ماكرون الهجوم الذي وردت تقارير بشأنه إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد رغم نفي دمشق وروسيا.

وقال إن المعلومات التي بحوزة فرنسا أثبتت أن “أسلحة كيماوية استخدمت فعلا وأنه يمكن إلقاء المسؤولية بصورة جلية على عاتق النظام”.

واعلنت منظمة حظر الاسلحة الكيماوية انها سترسل “خلال فترة قصيرة” فريق تحقيق الى مدينة دوما السورية للتحقيق في الهجوم المفترض.

وقالت المنظمة في بيان انها “طلبت من الجمهورية العربية السورية القيام بالاجراءات اللازمة” للاعداد لهذه الزيارة، مضيفة ان “الفريق يستعد للانتشار في سورية خلال فترة قصيرة”، وان المدير العام للمنظمة احمد اوزومجو يريد منها ان “تلقي الضوء على الوقائع المحيطة بهذه الادعاءات”.

واعلنت السفارة الروسية في لاهاي حيث مقر منظمة حظر الاسلحة الكيماوية، انها نقلت الى المنظمة الاقتراح الروسي بـ”بالبدء بالتحقيق فورا”.

واضافت السفارة الروسية في بيان أن “اي تأخير في عملية التحقيق هذه سيكون لصالح الذين يريدون استخدام الشائعات المحيطة بهذا الحادث ذريعة للقيام باعمال غير مسؤولة في سوريا” في اشارة الى ضربات اميركية محتملة.

استنفار عسكري سوري

في سياق متصل، دعت دمشق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لزيارة مدينة دوما للتحقيق في التقارير حول الهجوم الكيماوي التي اتُهمت بشنه، في وقت تشهد قواعدها العسكرية حالة استنفار بعد تهديدات غربية برد قوي قد يصل الى الخيار العسكري.

وتتوعد دول غربية منذ يومين بـ”رد قوي”، وتحدثت واشنطن عن قرار مهم في “وقت قصير جداً” فيما أكدت فرنسا انها سترد في حال تخطت دمشق “الخط الأحمر”، بعدما تحدث مسعفون عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في هجوم كيماوي مساء السبت في مدينة دوما.

وقال مصدر في وزارة الخارجية السورية  امس أن دمشق وجهت “دعوة رسمية لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية لارسال فريق من بعثة تقصي الحقائق لزيارة دوما والتحقيق في الادعاءات المتعلقة بحادثة الاستخدام المزعوم للاسلحة الكيميائية فيها”.

وأكد المصدر، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، على حرص بلاده على التعاون مع المنظمة.

كما اعلنت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية في وقت لاحق عن ارسال فريق الى دوما للتحقيق في الهجوم الكيميائي المفترض.

وأعلنت المنظمة الدولية الاثنين أنها تحقق في الأمر، وقد أجرت “تحليلات اولية” للتقارير الواردة.

ومنذ ورود أول التقارير حول الهجوم الكيماوي، اعتبرت دمشق الاتهامات “فبركات”، وهي لطالما نفت استخدام الأسلحة الكيماوية طوال سنوات النزاع منذ العام 2011، كما تؤكد أنها دمرت ترسانتها في 2013 بموجب قرار اميركي روسي جنبها ضربة أميركية اثر اتهامها بهجوم اودى بحياة المئات قرب دمشق.

وحذرت روسيا من “تداعيات خطرة” لضربة عسكرية في سورية.

وتأتي التطورات الأخيرة بعد مرور عام على ضربة أميركية استهدفت قاعدة الشعيرات العسكرية في وسط سوريا رداً على هجوم كيماوي اتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بتنفيذه وأودى بالعشرات في شمال غرب البلاد.

وتشهد قواعد الجيش السوري  حالة استنفار لدى كافة وحداتها، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال مديره رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “عممت قيادة أركان الجيش منذ منتصف الليل تنفيذ استنفار لمدة 72 ساعة على كافة القطاعات العسكرية، المطارات والقواعد” في كافة المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية، وبينها دمشق.

وأضاف “هذا الشيء لا يحصل الا رداً على التهديدات الخارجية”.

وأوضح مصدر من القوات الحليفة للجيش السوري “هناك تدابير احترازية من قبل الجيش السوري بشكل خاص خصوصاً في المطارات والقواعد العسكرية”، مشيراً إلى أنه “عادة يبلغ الأميركيون الروس في وقت سابق، وهذا ما حصل في ضربة مطار الشعيرات” العام الماضي.

وتابع “تبلغ الروس بالامر وقتها وهم بلغوا الجهات السورية، ومن المفترض ان يكون لديهم هذه المرة ايضاً انذار مبكر”.

وكانت منظمة الخوذ البيضاء، الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، أول من تحدث عن هجوم بـ”الغازات السامة” على مدينة دوما، موجهة أصابع الاتهام لقوات النظام. وتحدثت عن أكثر من 40 قتيلاً ومئات الاصابات.

وألغى الرئيس الاميركي دونالد ترامب بصورة مفاجئة امس زيارته الأولى المقررة في وقت لاحق هذا الأسبوع الى أميركا اللاتينية، من اجل “الاشراف على الرد الأميركي على سورية”، وفق ما قالت المتحدثة باسم البيت الابيض ساره ساندرز.

وكان ترامب أعلن الاثنين “نحن بصدد اتخاذ قرار بشأن ما سنقوم به في ما يتعلق بالهجوم المروّع الذي حصل قرب دمشق والذي سيتم الرد عليه بقوة”، مشيراً إلى أنه سيتخذ “في وقت قصير جداً”، بينما لم يستبعد وزير دفاعه جيمس ماتيس توجيه ضربات عسكرية.

وغداة التقارير حول الهجوم الكيماوي، أعلنت دمشق عن اتفاق مع فصيل جيش الاسلام المسيطر على دوما لإجلائه منها، وبدأ تنفيذه بعد ساعات قليلة.-(وكالات)