تعويض شاب عن إهمال بمركز ‘‘لذوي الإعاقة‘‘

الأردن اليوم -ي سابقة قضائية انتزع شاب من ذوي الاعاقة الذهنية مؤخرا قرارا يقضي بالتعويض المالي نتيجة الأضرار المادية والمعنوية التي تعرض لها في مركز رعاية ايوائي بسبب الإهمال والتقصير.

وبحسب قرار محكمة صلح عمان والمصدق من محكمة الاستئناف فإن المحكمة حكمت لصالح المشتكي بتعويض قدره 5 آلاف دينار نتيجة الأضرار التي لحقت به أثناء اقامته في المركز، حيث تعرض “لاصابة بالغة في عينه وصيوان أذنه، مما شكل لديه عاهة دائمة في العين وأذنه اليمنى”.

ويعيد قرار المحكمة إلى الأذهان نتائج اللجنة الملكية التي حققت في أوضاع المراكز الايوائية لذوي الاعاقة الذهنية للعام 2012 حيث كشف تقرير اللجنة عن وجود ضعف الاحساس بالمسؤولية تجاه الاشخاص ذوي الاعاقة من الجهات المقدمة للخدمات والمشرفين على هذه المراكز بالاضافة الى اقدام المسؤولين على القيام بأعمال عنف جسدي ونفسي ولفظي بما في ذلك سوء المعاملة وضعف الخدمات المقدمة لهم.

ويأتي قرار المحكمة بعد مرور أربعة أعوام على تحريك دعوى التعويض، والتي كان سبقها تحريك شكوى جزائية.
وبحسب وقائع القضية “فإن عائلة الشاب وهو مصاب بإعاقة ذهنية متوسطة تقدمت سابقا بتحريك دعوى جزائية، إلا أنها سقطت لشمولها بالعفو العام، ونتيجة لذلك أقام المدعي وهو والد الشاب دعوى للمطالبة بالتعويض نتيجة للضرر المادي والمعنوي، حيث ثبت للمحكمة أن الأضرار التي لحقت بابنه ناتجة عن تعرضه لإصابة أثناء وجوده تحت رعاية المركز وكادره، وأن أصل الإصابة رضي وليس ناشئا عن تشوه خلقي”.

وفي تعليقها على القضية تقول المديرة التنفيذية لمجموعة القانون لحقوق الإنسان المحامية ايفا أبو حلاوة إن “عائلة الضحية كانت تقدمت بشكوى اثر التقرير الذي بثته قناة (BBC) حول الانتهاكات الواقعة بحق الاشخاص ذوي الاعاقة في المراكز الايوائية العام 2012”.

وتضيف، “تم رفع قضية جزائية في حينه لكن القضية اسقطت بسبب العفو العام، وعلى اثر ذلك تم التقدم بقضية تعويض، استغرقت القضية نحو 4 سنوات لحين البت بها”.

وترى أبو حلاوة أن “أهمية الحكم القضائي تكمن في جانبين الأول الجانب الوقائي لجهة أن قرارا من هذا النوع سيجعل الجهات مقدمة الخدمة والمراكز الايوائية تلتزم بالمعايير وشروط السلامة للمنتفعين لديها، حيث أنه في حال وقوع انتهاك أو تقصير يتلزم هذا الجانب بدفع التعويض”.

وتضيف، “أما الجانب الآخر فهو انصاف الضحية بتعويضه ماديا عن الضرر الذي لحق به، كما ان التعويض يمكن أن يكون علاجيا لإعادة الوضع على ما كان عليه سابقا”.

وتشير أبو حلاوة الى الفترة الزمنية الطويلة التي تطلبتها القضية، مبينة أن “قضايا التعويض تعتبر من القضايا التي تحتاج لسنوات اضافة الى انها مكلفة ماديا، بسبب قيمة رسومها والحاجة الى الخبراء لتقدير حجم الضرر وقيمة التعويض”.

من جانبه يقول المحامي مجدي عزوقة والذي تولى القضية موكلا عن والد الضحية انه “اثر تقديم الشكوى الجزائية تم عرض التقارير الطبية الخاصة بالحالة حيث تناولت التقارير الحالة الصحية للضحية قبل دخوله المركز وبعد دخوله، ولكن اثر اسقاط القضية بالعفو العام تم تحريك قضية تعويض تم خلالها عرض نتائج التقرير الطبي واجراء الخبر وعلى أساسه أصدرت المحكمة قرارا بالتعويض بقيمة 5000 دينار الى جانب المطالبة بالرسوم والمصاريف واتعاب المحاماة والفائدة القانونية”.

واعتبر عزوقة أن “القرار سيكون بمثابة كسر لحاجز الخوف لدى الاشخاص ذوي الاعاقة وعائلاتهم في التقدم بشكوى ضد الانتهاكات الواقعة بحقهم في المراكز”، لافتا الى أن “الاتجاه العام هو التخوف من التوجه للقضاء لمواجهة المراكز”.

ويبين “تعتقد العائلات أن المراكز صاحبة سطوة وسلطة وأن مواجهتها في المحاكم أمر صعب فضلا عن التخوف من صعوبة اثبات الانتهاك، هذه القضية تعد سابقة ستشجع العائلات على التقدم بشكوى جزائية وتعويض بحق المؤسسات التي تنتهك حقوق أبنائهم”.

وكانت دراسة حقوقية أعدتها مؤسسة الحقوق المتساوية، بالشراكة مع مجموعة ميزان للقانون كشفت عن وجود “حالات فظيعة من التعذيب التمييزي وضروب أخرى من سوء المعاملة التمييزية ضد الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية”.

واعتبرت الدراسة التي صدرت العام الماضي أن “الحكومة مقصرة في التزاماتها بموجب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتحديدا في مجال حمايتهم، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية لهم، فضلا عن وجود ثغرات قانونية كثيرة تضمن إفلات المسيئين من العقاب”.

وتناولت الدراسة التي حملت عنوان “صرخات عبر الجدران”، ما أسمته “التمييز والتعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها الأشخاص ذوو الإعاقة الذهنية في الأردن”.

وأشارت إلى “وجود دعاوى تعنيف جسدي وجنسي للأطفال في مؤسسات الرعاية الإيوائية، وكذلك في مراكز التأهيل النهارية، كما ان الدعاوى تشمل كلا من المؤسسات العامة والخاصة”.

وطالبت بضرورة إلغاء دور الإيواء المخصصة لذوي الإعاقة، باعتبار أن “فصل الطفل عن عائلته بسبب إعاقته، إنما يشكل تمييزا ضده، وهذا مخالف لكل من الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل”.

رئيسي