الرزاز: نعدُ بالشفافية ومحاربة الفساد

الأردن اليوم – قال رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز إن الحكومة خلال فترة نحو (3) شهور واجهت تحديات عدة خاصة أنها جاءت إثر احتجاجات شعبية، عقبها بأيامٍ أزمة اللجوء السوري شمال الحدود، ثم تلاه أحداث الفحيص الإرهابية وصولاً إلى تحديات القضية الفلسطينية.

ووصف الرزاز خلال محاضرة يوم الأحد، بالجامعة الأردنية بعنوان “أولويات الحكومة وتحديات المرحلة المقبلة” هذه الاحداث أنها من السهل بمكان أن توصف بالتشاؤمية، قائلاً: ” ولكن الأردن ولد من رحم الأزمات وتعود على تحويلها إلى فرص ومراراً وتكراراً خرج منها أقوى”.

واستعرض الأزمات التي واجهتها حكومته، منها الاحتجاجات الشعبية التي شهدت تعاملاً راقياً بين القوات الأمنية والمحتجين، بالإضافة إلى تعامل الأردن بإنسانية مع اللاجئ السوري، ” إذ تم توريد الاف الأطنان من الأغذية والبطانيات برغم صعوبة الوضع المادي للأردنيين”.

وأشار إلى أن الحكومة وزعت خلال عيد الفطر نحو 3700 طن من المواد الغذائية على الفقراء، وكانت مخصصة للاجئين السوريين.

وعرج في حديثه على التكاتف والوحدة الوطنية التي شهدها الأردن خلال الأحداث الإرهابية، مشيداً بجهود الأجهزة الأمنية.

وحول القضية الفلسطينية، قال : ” إن وضع الأردن لم ينثيه أن يندد بكل الخطوات الأمريكية الأحادية، وصوت ضد هذه القرارات الأمريكية بالأمم المتحدة”، مبيناً أن هذه إشارات على دور الأردن.

وقال إن التشاؤم طابع لا يجب أن يغلب، مبيناً أن التناغم بين القيادة الهاشمية والشعب الأردني، والوعي حول المصلحة الوطنية العليا برغم الضوضاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي عليها أن لا تفقدنا البصر والبصيرة حول ما هو مشترك ومهم.

وأكد ضرورة أن نكون متفائلين، ” ولنبدأ الحوار حول مشروع النهضة الوطنية الذي جاء بكتاب التكليف السامي”، مبيناً أن الحكومة ستعلن عن تفاصيل أكثر من برنامجها الحكومي.

ونوه إلى أن الهاجس الاقتصادي هو الهاجس الأهم والأول، ” وأن لا إصلاح اقتصادي بلا اصلاح سياسي فالأخير من شأنه أن يشرك المواطن بصناعة القرار وممارسة الدور الرقابي واخيتار الممثلين على مستوى الوطن”، وزاد : ” وكل هذا جزء رئيس بمحاربة الفساد”.

واستعرض الرزاز بعضاً من وجوه التاريخ الأردني الحديث، قائلاً: ” إن الأردن مر بأزمة مالية عام 1989م وبدأ برنامج التصحيح مع صندوق النقد الدولي”، مبيناً أن هذا البرنامج كان صعباً وقاسياً، بما فيها الخصخصة.

وقال إن من نتاج البرنامج أن وصلنا العام 2003م بمديونية متدنية لم تتجاوز 60% من الناتج المحلي، مبيناً أن الإنفاق توسع بعد هذا العام ووصل الإنفاق إلى نسبة 40% بينما الإيرادات لم تكفي للنفقات.

ولفت إلى أن تلك المرحلة كانت تشهد رخاءً على المستوى العالمي، مبيناً أن هذا الأمر أدى إلى تفاقم العجز، خاصة مع الأزمة المالية العالمية عام 2008 التي أدت إلى تباطؤ بالإقتصاد علاوة على توقف إمدادات الغاز المصري التي كانت كلفتها نحو 4 مليار.

وبين أن أزمة الربيع العربي وما خلفته من اغلاق للمعابر الحدودية وأزمات اللجوء رتبت على الأردن كلفةً قدرت بنحو (17) مليار دولار، بينما مديونية الأردن تتجاوز 27 مليار دولار.

وقال إن علينا تعلم الدروس من هذا الإنفاق إذ كثير منه ذهب هدراً، وهناك استثمارات لم تدرس جدواها الاقتصادية بشكل كامل.

واعتبر الرزاز تلك العوامل أنها أدخلت الاقتصاد الوطني بحلقة مفرغة رافقها ضعف الاستثمار التي رتبت ضعفاً بالنمو والدخل، فبات الاف من الشباب – جيل الانتظار- فاقدين للأمل لكونهم أصبحوا خارج القوى العاملة.

وأضاف وانعكس ذلك على الايرادات الحكومية مما أدى بها لتخفيض النفقات، مبيناً أن هذا الأمر انعكس على الأسر الأردنية والنمو والاستثمار.

وقال إن محاولات الحكومة بضبط العجز عبر زيادة الرسوم والضرائب مما جعلها بمستوى اقتصادي أقل.

وأشار إلى أن الحكومة اعتمدت على الضرائب غير المباشرة وغيرها من الرسوم تركت تأثيراً اقتصادياً كبيراً، إذ فرضت الحكومة هذه الضرائب بغض النظر عن أرباح القطاع الخاص ، وأيضاً كانت على كاهل المواطن.

ووصف ضريبة المبيعات أنها لا تعبئ بمستوى دخل الأسرة، ويدفعها المواطن بغض النظر عن دخله.

وقال إن حكومته حين درست العبئ الضريبي بالتوازي مع قراءتها لمشروع قانون الدخل، لاحظت أن العب متساوٍ بغض النظر عن دخل الأردني، وأنها ضريبة غير تكافلية وتصاعدية، لذا فهذا خلل يجب إصلاحه.

ووصف هذا العبء الضريبي أنه أثر على شعور المواطن حيال صندوق النقد، خاصة وأنه يدفع ضرائب مختلفة ورسوم وغيرها ، بنسبة تصل إلى 26% من الناتج المحلي الاجمالي مقارنة بما كان يحسب سابقاً.

وأشار الرزاز إلى أن نسبة الـ 26بالمئة كبيرةً لبلد نامٍ كالأردن، مبيناً أن حكومته لمست فجوة كبيرة بين المدينة والريف بمستوى التنمية والفروقات بين الأغنياء والفقراء، قائلاً: ” إن اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء ظاهرة ليست محلية بل عالمية وهناك دعوة لإعادة دور الدولة في توزيع مكتسبات التنمية للفقراء ومحدودي الدخل”.

وتساءل الرزاز: كيف ننتقل من هذه الحلقة المفرغة إلى حلقة نهضوية (أو حميدة)؟ يتم من خلالها زيادة الاستمثار والنمو مما يؤدي لاستحداث فرص عملٍ للأردنيين تكون منتجة، وليست فرص عمل تعاني من الترهل الإداري.

كما تساءل: كيف من الممكن أيجاد ايرادات ضريية توزع الضريبة بشكل عادل وتقدم خدمات نوعية للمواطن بالتعليم والصحة والنقل وبما يسعف الطبقة الوسطى التي اختارت اللجوء للقطاع الخاص في ضوء تردي خدمات القطاع العام.؟

وقال إن هناك (3) محاور الأول : سيادة القانون والاصلاح السياسي، والثاني: منظومة التكافل الاجتماعي والخدمات العامة ، والثالث: اصلاح الدورة الاقتصادية.

وبين أن الحكومة ستلخص هذه المواضيع حين تعلن عن برانمجها لعامين قادمين، قائلاً: ” إن الدولة القوية أساسها الديمقراطية، بينما الدول الضعيفة تنتج ديمقراطيات فاشلة”.

وشدد على أهمية الفصل بين السلطات والمشاركة السياسية، متطرقاً إلى قوانين عدة تعتبر عناوين أساسية بحاجة للحوار منها الأحزاب واللامركزية والانتخاب (..) وعلى المجتمع بكل طاقاته المشاركة بها.

وأكد أيضاً، على أن الأوراق النقاشية الملكية تضع نموذجاًَ للأردن الديمقراطي، تصل بنا إلى تشكيل حكومات برلمانية.

وقال إن موضوع إصلاح الدورة الاقتصادية يبدأ بالاستمار الموجه نحو تشغيل العمالة الأردنية ونحو التصدير خاصة وأن اقتصادنا صغير والأردن يعيش باقليم ملتهب، معبراً عن أمله بفتح المعابر مع سوريا والعراق بما يغير من حركة التجارة والتصدير وصولاً إلى خارج حدود المنطقة.

وبين أن الحكومة تعمل بشكل حثيث على تأسيس شركة قابضة تستمثر بها الحكومة ومفتوحة الاستثمار للمواطن والمغترب والهدف منها توفير الاستثمار في البنية التحتية والمشاريع الكبرى على مستوى الوطن والمحافظات والبلديات.

وقال إن هذا سيكون محرك أساس للإقتصاد بشكل كبير، مشدداً على أهمية مشاركة المغترب الأردني بهذه الشركة نظراً لتجاربه وخبراته، لافتاً إلى أن المناطق الحرة والتنموية فكرة جيدة، ولكن اعتراها الكثير من التحديات.

وهنأ الرزاز رئيس الجامعة الأردنية الدكتور عزمي محافظة على صدور الإرادة الملكية بتعيينه رئيساً للجامعة الأردنية، مبيناً أن الجامعة الأردنية اختزلت في حكاية تأسيسها قصة الأردن مع إدارة الموارد البشرية.

وقال إن الأردن حين تأسست الجامعة الأردنية كان في أدنى السلم، وانتقل بعد (3) عقودٍ من تأسيس الجامعة الأردنية إلى أعلى سلم التنمية البشرية.

وأعرب الرزاز عن أمله أن يعود “الألق” إلى التعليم العالي بقيادة الجامعة الأردنية، قائلاً: ” إننا بحاجة إلى ماسة للإستماع للأكاديميين والطلبة”.

بدوره بين مدير مركز الاستراتيجيات في الجامعة الأردنية الدكتور موسى شتيوي أن هناك أزماتٍ اقليمية تستوجب من الحكومة أن تحاور الشباب.

ونوه إلى أن هذه الأزمات تتوالد سواء في سوريا أو العراق، بالإضافة إلى ما تمر به  القضية الفلسطينية من مرحلة تاريخية، باتت كلها تحديات أمام الأردن.

وكان رئيس الجامعة ألقى كلمة في مستهل المحاضرة رحب فيها برئيس الوزراء.