الرزاز يرفض التنصل من المسؤولية في حادثة البحر الميت

الأردن اليوم – رفض رئيس الوزراء الدكتورعمر الرزاز تنصل الحكومة من المسؤولية في حادثة البحر الميت، مؤكدا أن الحكومة “لها دخل”.

وقال الرزاز خلال جلسة مجلس النواب الرقابية لغايات تشكيل لجنة تحقيق محايدة في حادثة البحر الميت، إنه ستتم محاسبة المقصرين ولن تبحث عن “كبش فداء”.

وأكد الرزاز لمجلس النواب: “علينا أن نرتقي إلى مستوى الفاجعة، ونحن نحترم الدور الدستوري لمجلس النواب في دوره الرقابي وسنكون عوناً له في مهامه”.

وتالياً نص كلمة الرزاز :

بسم الله الرحمن الرحيم

“سعادة رئيس مجلس النوّاب الأكرم.. السيّدات والسّادة أعضاء مجلس النوّاب الموقّر.. أودّ في البداية، أن أعرب عن خالص مشاعر الحُزن والمواساة، لجميع أبناء الوطن، وعلى وجه الخصوص، ذوي ضحايا الفاجعة التي حدثت في منطقة البحر الميّت، نهاية الأسبوع الماضي، وأمنياتنا الخالصة بالشفاء العاجل للمصابين.

كما أودّ أن أُعرِب عن تقديري للحوار الموضوعي، ولكلّ الملاحظات الناقدة، التي تنمّ عن شعور وطنيٍّ صادق بالمسؤوليّة تجاه ما حدث، كما هو شعور كلّ أردنيٍّ صادق انفطر قلبه على وقع هذه الفاجعة.

السيّدات والسّادة النوّاب المحترمون.. إلى كلّ من يقول أنّ الحكومة تنصّلت، أو تحاول التنصّل من مسؤوليّاتها، أودّ أن أقول بكلّ وضوح، ودون تردّد: “الحكومة إلها دخل”، وهي التي تتحمّل المسؤوليّة العمليّة والإداريّة والأخلاقيّة.

لكنّ واجب الحكومة في مثل هذه الظروف، وفي ظلّ هذه اللحظة الصّعبة، ليس البحث عن “كبش فداء”، وليس السعي إلى “فشّة الغلّ”، بل واجبها تجاه أرواح أطفالنا الأبرياء، الذين قضوا جرّاء هذه الفاجعة، أن تتحقق من الحيثيّات بأكملها، وأن تحدّد المسؤوليّة بدقّة، وأن تكشف بوضوح عن أوجه التّقصير والإهمال والخلل المؤسسي، حتى لا تتكرر مثل هذه المأساة.

إنّ الدول الناجحة ليست تلك التي لا تخطئ، فلا أحد معصوم عن الخطأ، وإنما هي التي لا تكرّر أخطاءها، فتستخلص الدروس والعِبَر، وتعكسها في عملها، وتحدّد المسؤوليّات بدقّة، وتحاسب المقصّرين بكلّ حزمٍ، ودون تردّد.

أمّا المقصّرون فهم أنواع؛ فهناك من يخالف القوانين أو الأنظمة أو التعليمات، أو يهمل في تطبيقها؛ وإذا ثبت عليه ذلك، فهذا يستوجب إحالته للقضاء، ليلقى جزاءه العادل.

وهناك من لم يخالف التّشريعات والإجراءات بشكل صريح، لكن إذا ثبت أنّ أداءه لم يرتقِ إلى مستوى المسؤوليّة، فهذا يستوجب منه التنحّي، ليفتح المجال لغيره. في المقابل، هناك أيضاً من شارك في التصدّي للأزمة بكلّ كفاءة واقتدار، وفعل كلّ ما بوسعه، لكنه لم يستطع تغيير النتيجة؛ لأن التصدّي للأزمة يتطلّب جهوداً مختلفة، تتشارك فيها جهات عِدّة؛ لكنّها لم تتكامل بالشكل المطلوب؛ وهؤلاء لا نملك إلّا أن نشكرهم على جهودهم المبذولة، ثمّ نلتفت إلى مكامن الخلل في تقسيم الأدوار وتكاملها؛ لتلافي تكرارها مستقبلاً.

في هذه اللّحظات الصعبة، يغلبنا شعورنا العميق بالفاجعة والحزن، فيدفعنا إلى محاولة تضميد الجراح، ومواساة الآباء الحزانى، والأمهات الثكالى؛ وهذا أقل واجبٍ يمكننا عمله؛ أمّا شعورنا بالغضب، فهو شعور أصيلٌ ومبرّر، وسنوظّفه بمزيد من التصميم على أن نتفادى مثل هذه المأساة في المستقبل، فنحدّد المسؤوليّات بدقّة، ونراجع آليّات العمل بعيداً عن الترهّل والإهمال، والضبابيّة وأسلوب “الفزعة”.

وأخيراً أكرّر، نعم “الحكومة إلها دخل” وعلينا أن نرتقي إلى مستوى الفاجعة، بقلوبنا وعقولنا وإجراءاتنا؛ وإنّنا نحترم ونقدّر الدّور الدستوري لمجلسكم الكريم، ودوره الرقابي، وسنكون عوناً له في مهامّه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.