الأردن اليوم – أطلقت منظمات مجتمع مدني وناشطون وحقوقيّون وخبراء في الشأن العمالي، مساء الأربعاء، عاصفة الكترونية، ضمن حملة تطالب بإعادة النظر بمعايير تصنيف قائمة القطاعات الأكثر تضررا، بالإضافة الى تأكيدها على ضرورة دعم الحكومة للقطاعات المتضررة وعدم خفض أجور العاملين فيها.
وكانت وزارة العمل، أصدرت، مؤخرا، بيانا اورد قائمة القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا لشهر تشرين الأول، بسبب جائحة كورونا، ليقول البيان “في ضوء القرارات الحكومية باستمرار العمل بالحظر يوم الجمعة وزيادة ساعات الحظر اليومية خلال الأسبوع نتيجة لتطور الحالة الوبائية لفيروس كورونا في الأردن، وزيادة أعداد الإصابات به ولتخفيف الآثار الاقتصادية للجائحة على مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، أعلنت وزارة العمل عن قائمة القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا من آثار جائحة كورونا خلال شهر تشرين الأول من العام الحالي بموجب أمر الدفاع رقم (6) لسنة 2020 والبلاغات الصادرة بموجبه”.
وبموجب البلاغ رقم 8 والبلاغ رقم 10 الصادرين بالاستناد إلى أمر الدفاع رقم 6، يحدد رئيس الوزراء القطاعات والأنشطة الأكثر تضررا بناء على تنسيب مشترك من وزير العمل ووزير الصناعة والتجارة والتموين، وقد سمح البلاغان لصاحب العمل في هذه القطاعات الاتفاق مع العامل الذي يؤدي عمله في مكان العمل أو عن بعد بشكل كلي على تخفيض أجره الشهري بنسبة تصل إلى 20% كحد أعلى.
كما سمحا له أيضا أن يوقف أي من العاملين لديه عن العمل ويخفض أجره بنسبة تصل إلى 50% شهريا شريطة أن لا يقل الأجر بعد التخفيض عن الحد الأدنى للأجور البالغ 220 ديناراً.
اما العامل في القطاعات والأنشطة غير المشمولة بقائمة القطاعات الأكثر تضررا سواء كان يعمل في موقع العمل أو يعمل عن بعد بشكل كلي فيستحقون أجورهم كاملة في حين سمح البلاغ رقم 13 بتخفيض اجور العاملين المتوقفين عن العمل في القطاعات غير المصنفة اكثر تضررا بنسبة 30%
ويلاحظ على قائمة القطاعات الأكثر تضررا أنها توسعت بشكل غير مسبوق وشملت 12 قطاعا جديدا لم تكن ضمن القطاعات الأكثر تضررا السابقة، وهذه القطاعات تعتبر من القطاعات التي تشغل أعدادا كبيرة من العاملين، وهي، المنشآت العاملة في قطاع النشر والتوزيع، قطاع الصناعات الخشبية والأثاث، البقالات والأسواق التموينية ومحلات بيع اللحوم والدواجن والأسماك والخضار والفواكه والألبان والأجبان وبيض المائدة، منشآت تجارة الألبسة والأحذية والإكسسوارات، منشآت المخابز ومحلات بيع الحلويات، منشآت الصحف الورقية، منشآت الأندية الرياضية والترفيهية والمسابح والحمامات الشرقية، منشآت الأندية الصحية، شركات تطبيقات النقل الذكية والتاكسي الأصفر، منشآت الحضانات ورياض الأطفال، منشآت المراكز التعليمية والثقافية، ومنشآت مراكز تعليم السواقين، إضافة إلى المطاعم الشعبية والمقاهي، والمحلات في الأسواق الشعبية.
وقال بيان صدر الخميس عن مطلقي العاصفة الالكترونية ان “العمّال هم أول فئة خاسرة مع إصدار هذه القائمة، ذلك لأنّ الحكومة تربطها بتخفيض أجور العاملين فيها وليس دعم القطاع ذاته، فضلاً عن كون بعض المؤسسات العاملة في ذات القطاع لم يمسها ذلك الضرر الكبير الذي يؤثر على تخفيض الأجور”..
واكد أنّ أوامر الدفاع والبلاغات الصادرة بموجبها لم تأخذ لا بقانون العمل ولا بقانون الضمان الاجتماعي، فلم تعامل أي منها العامل على أنه على رأس عمله، ولم تعامله على أن خدمته قد انتهت، فحرمته من تقاضي كامل أجره بصفته مستعدا للعمل، وحرمته من تقاضي راتب التعطل بصفته متعطلا عن العمل.
وحذرت الحملة من ارتفاع نسب الفقر والبطالة نتيجة استمرار الحكومة على النهج ذاته باختيار القوائم الاكثر تضررا، والتي زادت هواجس عشرات الآلاف من العمال بخفض أجورهم أو تسريحهم.
واستغرب الناشطون من شمول بعض القطاعات بقائمة الأكثر تضررا رغم عودتها إلى ممارسة أعمالها منذ شهور، ومنها من لم تتوقف أعماله في أي وقت بسبب طبيعتها المتصلة بالحاجة اليومية للمواطن كالمخابز والبقالات والأسواق التموينية، مشيرين إلى أنّ هذه القطاعات لا يمكن فهم أسباب إَضافاتها للقطاعات المتضررة.
وأشاروا إلى أنّ الدعم الحكومي للقطاعات المتضررة يجب أن يكون مباشراً منها، وأنّ الطريقة الصحيحة لذلك لا تتمثل بخفض أجور العمال.
كما طالبوا أيضاً بالعودة لتطبيق أحكام قانون الضمان الاجتماعي وخاصة في تأمين التعطل عن العمل، وإلغاء صلاحية صاحب العمل في وقف اشتراك الشيخوخة لعامليه.
ويرى مركز بيت العمال، أنّ دعم القطاعات المتضررة من خلال خفض أجور العاملين فيها، لا علاقة له بالحلول الاقتصادية، ذلك لأنّ القدرة الشرائية للمواطن ستنخفض مع انخفاض أجره وبالتالي سيؤثر على السوق كاملاً.
ويقول المركز على لسان مديره حمادة أبو نجمة أنّ تخفيض الضرائب والإعفاءات وتسهيل شروط الاقتراض والاتجاه نحو دعم صناديق الضمان الاجتماعي، هي الحلول المثلى لنشل القطاعات من الخسائر الكبيرة، والأصل حماية العامل من إبقاء أجره كمان هو عليه.
ويبين أنّ بعض الدول الكبرى بدأت بالتعافي الاقتصادي جراء الدعم المباشر للقطاعات من خلال دفع الدولة جزءا من أجور العاملين دون تخفيض كما أعفت أصحاب المنشآت من الضرائب لتخفيف الأعباء عنهم.
وترى مديرة مركز تمكين للدعم والمساندة لندا الكلش أنّ برامج الحماية الاجتماعية التي أطلقتها الحكومة اعتمدت على اموال المشتركين في الضمان الاجتماعي، واستمرت ذات السياسات فيما سُمي بقائمة القطاعات المتضررة دون معرفة الأسس التي يتم اختيارها بها، خاصة وأنّنا نجد في أحد الأشهر المخابز والبقالات من ضمن القطاعات الأكثر تضرراً رغم انها من القطاعات الاكثر ازدهارا خلال أزمة كورونا.
وتقول الكلش إنه من الواجب تعويض اصحاب العمل من القطاعات المتضررة دون ان يصبح العمال ضحايا، كما كان الاولى تطبيق قانون العمل بدلا من اللجوء الى اوامر دفاع التي كان أثرها مدمراً.
وتضيف أنّ كل قطاع له خصوصياته فليست الشركات الكبرى كالشركات الصغرى من حيث اثر الضرر وتقييمه، وليست الشركات الناشئة كالشركات التي مضى على تأسيسها سنوات كثيرة وكذلك راس المال ليس متساويا.
من جهته أكد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية احمد عوض على ضرورة وضع معايير واضحة لتصنيف القطاعات المتضررة، مبينا أنّ العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية التي تم تصنيفها ضمن “الأكثر تضررا” خلال الخمسة شهور الماضية هي من القطاعات والأنشطة الأكثر استفادة، الأمر الذي يتطلب تطوير معايير محددة وواضحة لتصنيف القطاعات المتضررة بشكل فعلي.
ويقول عوض: “أن تصنيف القطاعات والأنشطة الاقتصادية المتضررة يجب أن يكون لغايات تقديم الدعم لهذه القطاعات والأنشطة الاقتصادية من قبل الحكومة، وليس لتسهيل عمليات خصم الأجور من العاملين”.
بدوره يؤكد مدير مركز الشرق والغرب للتنمية المستدامة محمود حشمة على عدم قبول استمرار استخدام “كذبة” قائمة القطاعات الأكثر تضررا للنيل من حقوق العاملين وتخفيض أجورهم، ذلك وأنّ تلك القائمة لا أحد يعرف ما المعايير التي يتم على أساسها تصنف القطاعات بذلك.
ويشير حشمة إلى أن عدداً من تلك القطاعات مازالت داخل القائمة رغم أنها عادت للعمل بكامل طاقتها وأرباحها مثل البقالات والمراكز التموينية والمخابز.
ويرى أنّ الأجدى من استمرار استخدام تلك القائمة هو تقديم الدعم الحكومي اللازم لتلك القطاعات المتضررة لنتمكن من دعم العاملين فيها.
كما أشار بعض الناشطين إلى ضرورة قيام الدولة بواجبها بتقديم حق الحماية الاجتماعية للعمال وتعويض ضرر اصحاب العمل، وأنه يجب على الدولة اعادة النظر في سياسة الاغلاق والنظر الى دول اخرى مثل الكويت والامارات.