التحدي في عمقه تعليمي

الاردن اليوم – محمد المومني

من أعظم التحدیات التي تواجھ الأردن النھوض بالتعلیم. التطور التعلیمي المطلوب یجب أن یكون شاملا لجمیع عناصر ومراحل العملیة التعلیمیة لترتقي إلى مستوى یسلح بنات وأبناء الأردن لمستقبل التنافس والتمیز والابتكار.

الإبطاء في تطویر ھذا القطاع المھم والاستراتیجي عمق تحدیات أخرى یواجھھا المجتمع؛ اقتصادیة وثقافیة واجتماعیة. الأردن یعاني من معدلات بطالة مرتفعة، وفي الوقت ذاتھ مستقبل لمئات الآلاف من العمالة الوافدة، وربما یكون الدولة الوحیدة في العالم التي تشھد ظاھرة تصدیر واستیراد الموارد البشریة فیما یشكل أحجیة لكثیرین. اختلال التوازن في مخرجات العملیة التعلیمیة، وغیاب تنوعھ، أدى لفقدان كثیر من أبناء الأردن مھارات تدخلھم لقطاعات مھمة في سوق العمل وبأجور مجزیة بعیدا عن الوظیفة.

نشھد أیضا تحدیات ثقافیة واجتماعیة نرى تجلیات جزء منھا في عالم السوشال میدیا یمكن تسبیب جلھا لنوع التعلیم الذي یتلقاه طلبتنا والذي غاب عنھ ثقافة الحوار وقبول النقد والتعبیر عن الرأي بموضوعیة واحترام الآخر والاختلاف.

خضع تطویر التعلیم بالأردن لتجاذبات سیاسیة مؤسفة، مع أنھ أمر وطني مھم یجب أن یسمو فوق السیاسة وتبایناتھا. الأمر وصل حد التشكیك بأن تطویر المناھج والنھوض بھا أمر ضد الدین وتعالیمھ، وضد الأمة وقیمھا، في مقاربة تستحق أن توصف بالساذجة والسخیفة. بل إن العكس ھو الصحیح لأن تدریس الدین واللغة والتاریخ وغیرھا بأسالیب حدیثة ومنھجیات علمیة مدروسة ضمن ممارسات فضلى، ھو انتصار للدین والقیم والتاریخ.

یساق ھذا الحدیث، والذي قیل غیره الكثیر عن التعلیم بجمیع أبعاده وضروراتھ، لسبب أساسي وھو الطلب والإلحاح على جمیع القائمین على عملیة التطویر التعلیمیة بأن یجسروا ویجرؤوا على السیر بقوة وسرعة لإصلاح ھذا القطاع الاستراتیجي، والتعامل مع ھذه المھمة النبیلة والشریفة على أنھا مسألة إنقاذ وطن ومستقبل أبنائھ.

التشاور والشراكة مطلوبة مع جمیع المعنیین بالتعلیم من مشرعین ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني وخبراء وعلماء، لكن ھذه التشاركیة یجب أن تتم بسرعة وفاعلیة لتسیر بعجلة تطویر التعلیم، والأھم أن تراعي ھذه التشاركیة أن یعھد لشأن تطویر التعلیم للعلماء والخبراء، وأن تبتعد السیاسة والأیدیولوجیات عن ھذا الشأن الوطني الجلل.

تم إنشاء عدة مبادرات، وبناء استراتیجیات ومؤسسات تعنى بالتعلیم وتطویره، فیھا كفاءات محترمة تستحق الدعم والاسناد من كل أردني غیور على مستقبل شبابنا وطلابنا. أھم أوجھ ھذا الدعم یتمثل بتقدیم الدعم والاحترام المجتمعي لھذه الجھود الخیرة، والتأكید دوما على نبل المقصد ورفعة المھمة، وأن نتعامل مع ھذا التحدي الوطني الكبیر والجھود المبذولة لمواجھتھ على أنھا فوق السیاسة والأیدیولوجیات، یساعدنا بذلك أن في طلیعة ھذه الجھود وقیادتھا جلالة الملكة، وھي ملكة كل الأردنیین بمختلف رؤاھم وأفكارھم وأیدیولوجیاتھم حول التعلیم وتطویره، ما یجعل شأن تطویر التعلیم الذي تقوده الملكة بمنھجیة مؤسسیة شأنا جامعا لنا وعنصر توافق مجتمعي یھدف لإفادتنا جمیعا وتعزیز ثقافة النشء من طلبة العلم من الأردنیین.