من سوريا إلى فنزويلا.. أردوغان يجني “مليارات الأزمات”

الأردن اليوم – بعقلية الرجل الذي قال يوما “حتى مع عدوك فإنك لا تقطع العلاقات نهائيا .. قد تحتاج إليه”، يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طريقه في استغلال المشكال الإقليمية وحتى العالمية لصالحه، لدرجة وصفه من قبل البعض بـ”تاجر الأزمات”.

ففي وقت مبكر من شهر فبراير الحالي، كشف أردوغان استراتيجيته في عدم قطع بلاده “أبدا” اتصالاتها مع الحكومة السورية، رغم أن أنقرة كانت من أشد خصوم دمشق، ودعمت المعارضة المتشددة التي سعت لإطاحة الرئيس بشار الأسد.

وقال أردوغان في مقابلة تلفزيونية “إذا كان لديك عدو عليك الاحتفاظ بعلاقاتك معه، فربما تحتاجه فيما بعد”. وبنفس هذا المنطق، استفاد أردوغان من مشاكل إقليمية وعالمية، بدأت بالعقوبات الأميركية على إيران، ووصلت إلى ذهب فنزويلا.

ذهب فنزويلا

مع انهيار اقتصاد بلاده، لجأ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى حيلة لتحويل عملة بلاده، عديمة القيمة تقريبا، إلى ذهب يستخرجه عمال التنقيب، ويوضع في الاحتياطيات القائمة، ثم يبيعه لسداد فواتير الدولة، وفقا لمسؤولين حكوميين اثنين رفيعي المستوى.

ونقلت رويترز عن المسؤولين إن المشتري الرئيس حاليا هو تركيا.

ووفقا لمسؤولين كبيرين في فنزويلا، يبيع البنك المركزي الذهب الذي يستخرجه عمال التنقيب إلى مصاف تركية. وتذهب العوائد إلى بنك التنمية الحكومي الفنزويلي بانديس الذي يستخدمها لشراء سلع استهلاكية تركية.

ويشمل مشترو الذهب مصفاة اسطنبول للذهب آي.جي.آر، وساردس كيمتلي مادينلر، وهي شركة تجارة تركية، حسبما ذكر مصدر يعمل في قطاع الذهب التركي ودبلوماسي يعمل من كراكاس والمسؤولان الفنزويليان الكبيران.

ويحظر أمر تنفيذي، صدر في أول نوفمبر، وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الأشخاص والكيانات الأميركية شراء الذهب من فنزويلا. ولا يسري هذا الأمر على الأجانب. وأكدت أنقرة لوزارة الخزانة الأميركية أن كل التجارة التركية مع فنزويلا تتماشى مع القانون الدولي.

وتطور برنامج مادورو للذهب بالتزامن مع تعميق علاقته مع نظيره التركي أردوغان. ويتعرض الرئيسان لانتقادات دولية بسبب تضييق الخناق على المعارضة السياسية، وتقويض الأعراف الديمقراطية، بهدف تركيز السلطة.

وأعلنت فنزويلا في ديسمبر 2016 عن رحلات طيران مباشرة من كراكاس إلى اسطنبول على الخطوط الجوية التركية. وكان ذلك تطورا مفاجئا في ضوء انخفاض الطلب على السفر بين البلدين.

وتُظهر بيانات تركية أن تلك الطائرات لا تُقل ركابا فحسب.

ففي أول أيام 2018، بدأ البنك المركزي الفنزويلي نقل الذهب إلى تركيا بشحنة جوية من المعدن، بقيمة 36 مليون دولار، توجهت إلى اسطنبول. جاء ذلك بعد أسابيع فقط من زيارة قام بها مادورو إلى تركيا.

“الأموال ومطالب أخري مقابل وقف اللاجئين”، هكذا كانت استراتيجية أردوغان في تنفيذ الاتفاق الذي وقعه مع الاتحاد الأوروبي في مارس 2016 للحد من الهجرة إلى أوروبا.

وصل أكثر من مليون لاجئ ومهاجر آخرين إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2015، بعد أن استقلوا الزوارق من تركيا إلى اليونان.

وحينها استغل أردوغان الأزمة، وصلت إلى حد المساومة، فتارة يعد بوقف اللجوء مقابل الأموال، وأخرى مقابل عضوية الاتحاد الأوروبي، وثالثة مقابل الكف عن انتقادات حقوق الإنسان في بلاده.

اعتمد الاتحاد الأوروبي على تركيا في وقف تدفق المهاجرين من الشرق الأوسط، حيث قتلت الحرب في سوريا مئات الألوف ودفعت الملايين للفرار من ديارهم.

ووافق الاتحاد الأوروبي على تقديم دعم مالي لمساعدة تركيا على استضافتهم على أراضيها مقابل أن تمنع أنقرة وصول المزيد من المهاجرين الذين يحاولون عبور بحر إيجه إلى اليونان.

تقول تركيا إنها استقبلت 3.5 مليون لاجئ سوري، وأنفق الاتحاد الأوروبي أكثر من ستة مليارات يورو لمساعدتهم، في إطار الاتفاق.

وقلص ذلك أعداد المهاجرين بدرجة كبيرة، وحال هذا التعاون مع تركيا، وهي عضو رئيس في حلف شمال الأطلسي، من اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراء ضد أنقرة بسبب حملتها على المنتقدين والمعارضين ومنظمات المجتمع المدني عقب محاولة انقلاب في 2016.

ولم يتوف ابتزاز أردوغان عند ذلك، بل هددت السلطات التركية، في أكتوبر الماضي، الاتحاد الأوروبي بفتح الطريق من تركيا إليه أمام اللاجئين السوريين حال عدم تدخل دول أوروبا لوقف هجوم القوات الحكومية السورية على محافظة إدلب.

في أكتوبر 2014، أسقط الادعاء التركي قضية فساد ضد 53 شخصا، بينهم أبناء وزراء سابقين، ليضع نهاية لفضيحة لاحقت الدائرة المقربة لإردوغان لشهور، وكان من بينهم تاجر الذهب رضا ضراب الذي يحمل الجنسية الإيرانية أيضا.

وكان ضراب على رأس المتهمين في هذه القضية، حيث قدم تقرير للشرطة جرى تسريبه ضراب في صورة قائد مجموعة يزعم أنها ساعدت إيران على استغلال ثغرة في نظام العقوبات الغربية المفروضة عليها، مما سمح لها بشراء ذهب بأموال عوائد النفط والغاز.

وحينها وصف أردوغان تحقيق الفساد بأنه محاولة ”انقلاب قضائي“، ومؤامرة للإطاحة به تفتقر إلى السند القانوني، ودبرها رجل الدين فتح الله غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة.

في مارس 2016، اعتقلت السلطات الأميركية ضراب في نيويورك، ووجهت له الاتهام بالمشاركة في إجراء تعاملات بمئات الملايين من الدولارات نيابة عن الحكومة الإيرانية وكيانات أخرى أخرى من 2010 حتى 2015، في برنامج يهدف للالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.

وقال مدعون أميركيون إن لأردوغان ”علاقات وثيقة“ بضراب.

رئيسيعاجل