الأردن اليوم – فارس الحباشنة
لا يكاد يمر يوم من دون ان يكشف عن فساد جديد أو ينبش عن قضية من مخازن الفساد التي لا تنضب. هدر للمال العام واستغلال للوظيفة، واختلاس، لا تتخيل أي ادارة رسمية في الدولة الأردنية لا تخلو من فساد. وكأن لا عبرة ولا موعظة ولا ردع من قضايا الفساد المتناثرة على المجال العام، وكأن الفساد غير قابل للانقطاع.
ما يفصح عنه يوميا من فساد ورشى واختلاس واستغلال للوظيفة العمومية وهدر للمال العام، لربما لا يطاول المسؤولين الحقيقيين عن انتاج وصناعة الفساد، ولنقلْ بصراحة الرؤوس الكبيرة. قضايا تمر باسماء من العيار اللايت والخفيف، صغار الموظفين ومتوسطو المسؤولية، ويخرجون منها مثل الشعرة من العجينة.
قوة الفساد تأتي من هرميته، ومن الرأس تحديدا، ويكتفى حتى الان في محاربة الفساد بقلب الهرم من الرأس الى القاعدة. وبذلك ماكينة الفساد لا تتوقف ولا تنقطع عن الانتاج.
في مشهدية الفساد الأردني، أكثر ما يترواح تراكم الفضائح، ولو أن هناك صدقية حقيقية في صون المال العام لوقف المسؤولون أمام اختبار جاد في اتخاذ القرارات وخاصة ما يتعلق بانفاق المال العام وتصريفه، وهذا ما لا يتلزم به كثير من المسؤولين دون أن يرفع الغطاء عن كل جريمة وفضيحة فساد ليحاكم ويعاقب كل المتورطين من فوق الى تحت والعكس.
الاموال الناجمة عن الفساد في الأردن كافية لحل الازمة الاقتصادية وعجز الموازنة المبكي عليه، وما هو ناتج عن هدر للمال العام واستغلال وظيفي وتهرب ضريبي وتزوير وغسيل أموال وأموال تهرب الى الخارج. فلا تتخيلوا أن قضية الدخان الأخيرة بأقل التقديرات المالية خسرت الدولة الأردنية حوالي نصف مليار دينار أردني.
الشاهد أردنيا أن أدوات الفساد مازالت يدها ممتدة، ولم يجرِ تغيير القواعد وإعادة تكوينها لحماية المال العام، واسترداد ما هو منهوب وضائع ومفقود بحكم ملفات وقضايا فساد كثيرة مازالت عالقة، وشخصيات من العيار الثقيل مطلوبة للعدالة وهاربة خارج الأردن، وأخرى بحقها اتهامات كبيرة، ولكن ملفاتها لم تفتح تحت مجاهر العدالة واجهزة الشفافية والنزاهة.
وإن كنت لا أميل الى فرضية عدم الجدية الرسمية في محاربة الفساد، وأن هناك ارداة مضادة لازالة السترة والعتمة السوداء عن كبار الفاسدين، ومن يسرقون باسم القانون، ويحمون ثرواتهم بالنفوذ والتسلح وقوة الامر الواقع وغيرها. وهذه قوة مضادة تقف على مساحات معتمة تعطل سلطة العدالة وتبث سمومها.