(أرض) تُطلق تقريراً وتنظّم حواراً في “يوم اللاجئ العالمي”

الأردن اليوم -ميّز وزير الدولة السابق للشؤون الاقتصادية والخبير الاقتصادي الدكتور يوسف منصور بين عدم تجنيس اللاجئين حفاظاً على حقهم بالعودة وتلافياً لأي محاذير سياسية وديمغرافية وأمنية مرتبطة بذلك، وبين عدم الاستفادة اقتصاديا من هؤلاء اللاجئين.

وبيّن منصور أن للإنسان من المنظور الاقتصادي وظيفتان أساسيتان هما الإنتاج والاستهلاك، وإذا نحن عطلنا الفرد عن الإنتاج فإنه سيبقى مستهلكا فقط، وبالتالي زيادة العبء فوق العبء الذي تمثله حالة اللجوء بحد ذاتها بما في ذلك أزمة الديون التي تشمل المواطنين واللاجئين على حد سواء.

وفيما يتعلق بهجرة الشباب، اعتبر منصور أن بحث الشباب عن فرص عمل مجزية في دول الجوار والخارج قد حرم الاقتصاد الوطني من أفضل الكفاءات الوطنية، والعائد بعيد المدى الذي يمكن أن يتحقق على أيدي هؤلاء الشباب بما يفوق كثيرا مبالغ التحويلات المالية المباشرة المتأتية من هذه الكفاءات المهاجرة أو المتغرّبة، علما أن هذه التحويلات هي نسبة ضئيلة من إجمالي دخل هؤلاء الأفراد الذي ينفقونه في بلدان عملهم.

من جانبها اعتبرت العين ورئيسة لجنة العمل والتنمية الاجتماعية في مجلس الأعيان الأردني الدكتورة سوسن المجالي أن النظام المالي في الأردن لا يشجّع على سداد الديون بشكل مبكر، وأن مؤسسات الإقراض لا تعمل إلى جانب الأفراد الذين يقترضون لتمويل مشاريعهم بغض النظر عن مؤهلاتهم ومستواهم التعليمي، سواء من خلال توعيتهم وتثقيفهم بتبعات الدين وطرق السداد الممكنة قبل الاقتراض، أو مساعدتهم من أجل إنجاح مشاريعهم بعد الاقتراض.

وبالنسبة للشباب، فإن عدم توفير بيئة جاذبة تدفعهم للتوجّه إلى الخارج، سواء للتعليم، وهو ما يعني استنزافا للعملة الصعبة في ضوء الاستثمار الكبير الذي تستثمره الأسر بهذا الخصوص. أو للعمل، وهو ما يعني حرمان الوطن من ناتج عمل ونشاط هؤلاء الشباب. ويرتبط ذلك بالمشاكل الذي يعاني منها النظام التعليمي في الأردن، خاصة في شقه الخاص، والذي يهيئ خريجيه لتلبية متطلبات أسواق العمل الخارجية وليس احتياجات السوق المحلية.

واستعرضت رئيسة مركز “تمكين” للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان الأستاذة ليندا كلش الصعوبات التي تواجهها منظمات المجتمع المدني في الاحتفاظ بكوادرها الوظيفية واستمرارية عملها لارتباط ذلك بشكل أساسي بأموال المنح والمساعدات ومشاريع التعاون محددة المدة الزمنية، الأمر الذي يحد بشكل كبير من قدرة هذه المنظمات على تقديم وتوفير حلول مستدامة سواء لمشاكل اللجوء، أو مشاكل التمكين الاقتصادي والتنمية التي تعاني منها المجتمعات المحلية المستضيفة لهؤلاء اللاجئين.

بدورها، استعرضت المديرة التنفيذية لنادي صاحبات المهن والأعمال الأردني الأستاذة ثناء خصاونة أمثلة للنجاح الذي يمكن أن تحققه النساء والإسهام الذي يمكن أن يقدمنه في مجال المشاريع المنزلية والصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك اللاجئات، في حال تم رفدهن بالعون والمساعدة وأوجه التمكين اللازمة.

جميع هذه المداخلات جاءت ضمن الجلسة النقاشية (Panel Discussion) التي تخللت الفعالية التي نظمتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) بعنوان “وصول المرأة للعدالة الاقتصادية”، وذلك بمناسبة يوم اللاجئ العالمي الذي يصادف 20 حزيران/ يونيو من كل عام.

وسبق الجلسة النقاشية عرض رقمي لإشهار الدراسة البحثية التي أجراها مركز النهضة الفكري، الذراع البحثي لمنظمة النهضة العربية (أرض)، بعنوان “ما بين الفقر والسجن: التحديات الناجمة عن الديون لدى النساء الأكثر استضعافاً في الأردن”.

وناقشت الدراسة أزمة الديون لدى النساء الفقيرات والأكثر استضعافا في الأردن، سواء من الأردنيات، أو شقيقاتهن اللاجئات السوريات اللواتي يعشن في المجتمعات المحلية المستضيفة خارج أسوار مخيمات اللجوء.

وشملت الدراسة في شقّها الكمّي تعبئة استمارة بحثية (استبيان) لعينة حجمها (439) امرأة أردنية ولاجئة سورية في عمان الشرقية والمفرق، وشملت في شقها النوعي سلسلة جلسات “مجموعات التركيز” مع نساء من مجتمعي الدراسة.

وأظهرت الدراسة الانتشار الواسع لظاهرة الدَيْن بشقيها “الديون الاجتماعية” و”الديون الرسمية”، حيث تبلغ نسبة المدينات من بين اللاجئات السوريات التي شملتهن الدراسة حوالي (92%)، في مقابل (65%) لنظيراتهن الأردنيات.

وبيّنت الدراسة الآثار “المشلّة” لدوامة الديون على النساء، والتي تحدّ من حركتهن وتعطل حياتهن وتؤثر على صحتهن النفسية والعقلية واستقرارهن الأسري والاجتماعي، وهو ما يظهر من عنوان الدراسة “بين الفقر والسجن”، حيث تتجاوز كلمة “السجن” هنا المعنى المادي المباشر إلى معناه المجازي الذي يشمل كافة مناحي الحياة.

كما تطرّقت الدراسة إلى الأبعاد الجندرية والأبعاد السيسيو- ثقافية المتعلقة بأزمة ديون النساء، أي رزوح المرأة تحت وطأة الدين لصالح أحد الذكور في الأسرة، أو اضطرارها لأن تتولى دور المعيل بسبب تنصل أو غياب رب الأسرة، وثقافة العيب المرتبطة بذلك، سواء حرج الذكر من الاستدانة الذي يدفعه إلى اللجوء للمرأة لتقوم هي بالاقتراض، أو “الوسم” الاجتماعي الذي يمكن أن يلحق بالمرأة “الغارمة” جرّاء تعرضها للسجن.

وخَلُصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات في مقدمتها ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات الموسّعة، والمعمّقة، والتشاركية، ومتعددة المقاربات والقطاعات، والمقارنة، والتي تقترح حلولا وإصلاحات تشريعية وإجرائية بعينها.

وجاءت الدراسة استكمالا لبحثين سابقين قامت بهما (أرض) ضمن مشروع “وصول النساء إلى العدالة الاقتصادية من خلال التمكين القانوني”، والذي يُعنَى بالصعوبات والمعيقات التي تواجهها النساء في الدخول إلى سوق العمل، وإلى التحديات والمشاكل التي تواجهها النساء في سوق العمل مثل التحرّش والتمييز وعدم المساواة في الأجور والامتيازات.

وتضمنت فعالية يوم اللاجئ أيضا عروضا رقمية للإيجازات/ أوراق السياسات التي أعدّها الفريق البحثي في مركز النهضة الفكري تحت عنوان “التطلّع قدماً: فرص من أجل المستقبل”، وذلك لتكون أساسا للنقاش ومنطلقاً للمزيد من الدراسات والأبحاث المعمقة والموسّعة في المستقبل.

وناقشت الأوراق موضوعات فرص الشباب الأردني بالبقاء داخل الوطن في مقابل النزوع للهجرة، والإسهامات الإقليمية الذي يمكن أن تقدمها منظمات المجتمع المدني استجابة للتحديات التي تواجه الشتات العربي في دول المهجر المستضيفة بين “الاندماج” و”الانصهار”، والبعد “الجندري” في عملية اتخاذ القرار داخل الأسرة في ضوء النقاش الدائر حول عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم الأم في حال أتيحت لهم العودة.

وكانت الرئيسة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية (أرض) الأستاذة سمر محارب قد ألقت في بداية الفعالية كلمة ترحيبية استعرضت فيها جهود المنظمة بالتزامن مع يوم اللاجئ العالمي، حيث تعكف (أرض) حاليا من خلال مركز النهضة الفكري على وضع اللمسات والتصورات من أجل إطلاق دراسة بحثية موسّعة تتناول مختلف أوجه عدم المساواة في المجتمع من دون أن يقتصر ذلك على النساء دون الرجال، وبما يشمل المواطنين واللاجئين والمهاجرين العرب في دول المهجر والشتات على حد سواء حسب مقتضى الحال.