الأردن اليوم – عشر سنوات مضت على انطلاق، ثورات شعبية لم يتوقع أحد حدوثها في العالم العربي، وأثارت أحلاما بالحرية، قبل أن تتدحرج كرة الثلج هذه في معظم الدول التي انتقلت إليها وتحطمّت آمالاً كثيرة. لكن هذا الحدث التاريخي غيّر وجه المنطقة بأكملها.
عقد كامل مر على الإنطلاقة الشعبية نحو حلم الحرية والديمقراطية، نظرياً يوفر ذلك حيّزاً زمنياً كفيلاً ببداية فهم أفضل لجذور الأزمات السابقة وتبعاتها إلى اليوم.
القاعدة التي قام عليها الربيع العربي تتمحور بالفقر وقمع الحريات وعدم محاسبة الفاسدين وسرقة أموال الشعوب من الحكام والمسؤولين.
فبدأت شرارة “الربيع العربي” بعود ثقاب أشعله البائع المتجول التونسي محمّد البوعزيزي بجسده بعد أن صبّ الوقود على نفسه في ولاية سيدي بوزيد في تونس احتجاجاً على احتجاز السلطات المحلية بضاعته في 17 كانون الأول/ديسمبر 2010.
الانتفاضات الشعبية في بعض الدول العربية أطاحت بدكتاتوريات متجذرة حكمت لعقود بقبضة من حديد. وحرّكت الحناجر التي كانت تصدح بهتاف مشترك “الشعب يريد إسقاط النظام”، مشاعر الملايين في كل أنحاء العالم. واختصرت رغبة جيل كامل كان يجهل حتى الآن قدراته، بالحرية والتحرّر من الخوف. وُلد نموذج جديد للشرق الأوسط مستنداً إلى إدراك جماعي بأن الطغاة لم يعودوا في أفضل أحوالهم، وأن التغيير يمكن أن يحدث من الداخل، وليس فقط كنتيجة لتغير في الخارطة الجيوسياسية العالمية.
الأحداث الدرامية سنة 2011 كانت إلى حد كبير انعكاساً لطريقة تعامل السلطة في الزمن السياسي، أي في تحديدها نسق التغييرات التي كان من الضروري إدخالها إبان فترة حكمها بناءً على قراءتها لمستوى تطور الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في البلاد. واعتباراً لكل فرص التدارك والإصلاح الضائعة.
وكانت هناك في المقابل أجيال شابة تطالب بالتغيير الفوري والعميق، وهي أجيال لم تعد تكبّلها الرهبة من السلطة بعدما حررت منصات الشبكات الاجتماعية أصواتها وطور انتشار ثقافة الديموقراطية في العالم بدفع من الغرب، طرق التعبير والوعي عندها بمفاهيم الحقوق الفردية والجماعية.
وكانت العقلية السائدة عند الحكام متناقضة، بل متصادمة مع ذهنية مختلفة لدى شباب متعلم وطموح للأفضل، طموح لواقع آخر يتحقق اليوم وليس غداً.
فجأة لم تعد سياسة “البطش والتنكيل والاعتقالات” وتنازلات آخر دقيقة تجدي في شيء. لم يعد ينفع الحذر المفرط والخوف من خروج الأمور عن السيطرة جراء أي إصلاح حقيقي. فقد خرجت الأمور بسرعة عن السيطرة نتيجة الإفراط في الحذر والتردد اللذين أجّلا اتخاذ القرارات اللازمة لِغد لم يأت.
صحيح أن ما حصل من توسع في حرية التعبير وحرية اختيار من يحكم في ظل الانتقال الديموقراطي للبلاد واضح وجلي برغم نواقص المسار. ومن شأن هذا التطور أن يخفف قليلاً من وطأة الانتظار ويقلل من خطر العنف والصدامات. فلا شيء يهدّئ الأعصاب بقدر توزيع مسؤولية الفشل على رقعة أوسع من المشاركين في ممارسة السلطة. لكن هامش الحرية لا يكفي وحده ليهوّن المتاعب التي يعيشها العاطل من العمل أو تواجهها الجهة المحرومة من فرص التنمية
طوال العقد الماضي لم تترك المناكفات السياسية التي ما زالت موجودة وتراخي وتراجع بعض القادة عن المضي قدما في الاصلاح بتخويف الشعوب بأن هذا الثورات ليست في مصلحة الدول وما هي الا اجندات خارجية من اجل تخريب الوطن وسرقة مقدراته وتناسى هؤلاء القادة ان هم من قام بسرقة الوطن ومقدراته وتوزيع المناصب على المحاسيب والمقربين من اجل تنفيذ مخططاتهم الشخصية على حساب الوطن والمواطن وعلى حساب التنمية الاجتماعية والاقتصادية والنهوض بحال البلاد والعباد ولم يتركوا وقتاً لمراجعة منوال التنمية من أجل تجاوز الهوة التنموية بين الجهويات أو إنعاش الاقتصاد أو تحسين الظروف الاجتماعية للمواطنين المحدودي الدخل. وبقي هؤلاء المواطنون في مربّع الانتظار نفسه الذي كانوا قابعين فيه قبل عشر سنوات.
ولكن ثمار “الربيع العربي” المنتظرة لم تزهر كما توقعت الشعوب ..
فهل يعود الربيع من جديد؟