بقلم سلطان عبد الكريم الخلايلة
يبدو بأنّ مقر أكبر مركز رقابي أردني بحاجة إلى رقابة، حيثُ أنَّ الصور المتداولة لأعضاء مجلس النواب داخل المجلس لا تدعو إلى التفاؤل، فلا تباعد ولا كمامات، ولا كأن في الشارع القريب من المجلس هنالك شرطي يُدَقِّق على الناس ويخالفهم ويطارد كل من يثبت عدم انصياعه لأوامر الدفاع، فَلِمَ لا يلتزم نُخَب الأردن ولِمَ لَمْ يتحولوا إلى قدوة للناس؟
إن الرابط بين فايروس كورونا ومجلس النواب الحالي هو رابط رقمي، أعني بالرقم (١٩) حيث أن الإثنان يحملان هذا الترقيم، فكورونا المستجد كوفيد ١٩ ومجلس النواب الحالي ١٩.
في الحقيقة، لقد واصل النواب ما كانوا يفعلونه وهم مرشحين وخلال مناسباتهم الدعائية ما قبل الانتخابات النيابية وما كان يفعله مرشحون كل أنواع الاستهتار بالفايروس، ومن شبّ على شيء شاب عليه، أو من اعتاد على فعل شيء وهو مرشح سيفعله بالضرورة وهو نائب، ومن هنا بدأت الحكاية؛ حكاية وَزّعت على جسد المجتمع الفايروس أينما حل المرشح.
العالم اليوم يقف على رؤوس أصابعه وهو يتابع قلقاً الأخبار الواردة عن السلالة الجديدة من الفايروس في لندن وعادت الإغلاقات وعاد معها العالقون، واهتزت من جديد المطارات، وعادت الشوارع في عواصم عالمية فارغة، أما نحن فلا زلنا بحاجة إلى إقناع جماعتنا أن الأمر جدّي، فلا يوجد جهات رقابية مسؤولة عن انصياع النواب لشروط الصحة العامة، لكن هناك الإعلام، وهنا يأتي الدور الذي على وسائل الاعلام التحرك في دائرته بجدية، والتأشير على كل عضو مجلس نواب غير ملتزم.
ليس فقط لأنّ التجمعات النيابية تُشكل خطراً صحياً بل الأخطر من ذلك أنهم قدوة، سواء كانت حسنة أم سيئة، فماذا يعني انشغال شرطي بتحرير مخالفة لمواطن نسي أن يرتدي الكمامة، فيما هناك جمهرة نيابية على بعد أمتار منهما، بالصوت والصورة، تؤكد ان أحداً من النخب لا يكترث حقاً بالتباعد أو بارتداء الكمامة أو أيّاً من شروط أوامر الدفاع المتعلقة بذلك؟
إنَّ ما يدعو إلى الخطر اليوم هو ولادة سلاسة جديدة من الفايروس ولا نعرف عنها الكثير بعد، ولا نريد لمجلس النواب أن يكون أحد ضحاياها باستهتار بعض أعضائه.
ختاماً، فإن ما يمنحه النائب من قدوة سيئة للعامة أمر مقلق فالنُخب أولى أن تبدأ بنفسها أولاً، وأن يجري التشديد عليها أولاً، كما أن يشعر النائب بأنه معصوم عن المُساءلة أمر في غاية الخطورة، لا ليس معصوماً وربما من أجل ذلك يخاف نواب من الكاميرات، ومن الصحافيين، حتى كأنك تشعر أن العدو الأول للنائب – كما يظهر عند بعض النواب – هو الصحافي، فربما هذا صحيحاً لأن من على رأسه بطحة لا بد وأن يتحسسها، وهذا هو التفسير الوحيد لخوف بعض النواب من كاميرات الصحافيين.