تراجع القطاع الزراعي يفاقم مشكلتي الفقر والبطالة

في الوقت الذي يعد فيه القطاع الزراعي من اهم القطاعات المؤثرة في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية لسكان وادي الاردن، تسببت الخسائر الجسيمة التي تكبدها المزارعون خلال السنوات الأخيرة إلى تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة نتيجة فقدان الاف العاملين لفرص عملهم.

ولعل الموسم الحالي يعتبر الأشد وطأة على اهالي الوادي، الذي يعد من المناطق الأشد فقرا على مستوى المملكة، اذ تزامن انهيار القطاع مع جائحة كورونا ما زاد من معاناتهم المعيشية.

وتقول ام احمد التي تعمل منذ سنوات في احدى الشركات الزراعية، ” ان عددا كبيرا من الفتيات اللاتي اعتدن العمل بالقطاع لا يجدن حاليا قوت يومهن نتيجة تراجع الطلب على العمالة الزراعية خاصة عمليات الحصاد والتوضيب والتدريج والتغليف،” موضحة “انعدام التصدير تسبب باغلاق عشرات المشاغل التي تشغل الاف العاملين وخاصة من الفتيات”.

ويضيف أن تردي اوضاع المزارعين بشكل عام جعل من العمل في القطاع الزراعي ان وجد مخاطرة لان أرباب العمل يعجزون في الغالب عن دفع أجور العمال في ظل تدني اسعار بيع الخضار،” مشيرة إلى ان عددا كبيرا من العاملين تركوا العمل لعدم تمكنهم من الحصول على مردود يغطي احتياجاتهم المعيشية.

ويؤكد احمد الرميلات، ان بعض الشركات الزراعية اغلقت ابوابها واستغنت عن عشرات العاملين لديها لعدم قدرتها على دفع رواتبهم نتيجة تراجع العمل، لافتا إلى ان معظم العاملين كانوا يعتمدون بشكل كلي على العمل بالقطاع الزراعي مصدر دخل رئيسا لهم ولعائلاتهم.

ويشير إلى ان معاناة الاف الاسر تفاقمت، بعد تعطل معيليها عن العمل ما قد يؤدي الى انعكاسات خطيرة على المجتمع، نتيجة اتساع رقعة الفقر وارتفاع حجم البطالة، لافتا الى ان الاوضاع المعيشية تزداد سواء في ظل استمرار تداعيات جائحة كورونا على الوضع الاقتصادي ككل.

ويرى المزارع جعفر العدوان، أن تحمل كلف العمالة اصبح تحديا حقيقيا للمزارع في ظل ما يشهده القطاع من ارتفاع في أسعار مستلزمات الإنتاج وأجور الأيدي العاملة وأثمان الكهرباء التي أثقلت كاهل المزارعين وجعل من عملية الخسارة كل موسم أمرا لا بد منه.

وبحسب دراسات المسح الاجتماعي التي تقوم بها مديريات التنمية الاجتماعية في وادي الاردن، فإن ما يقارب من 25 % من السكان يتقاضون رواتب معونة وطنية وهم الفئة التي لا تستطيع توفير لقمة عيشها، فيما الاعداد مرشحة للازدياد في ظل ازدياد اعداد المحتاجين.
ويرى رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، ان غالبية سكان وادي الأردن يعتمدون بشكل شبه كلي على القطاع الزراعي، اذا ما أخذ بعين الاعتبار أن ما نسبته 70 % من السكان هم من المزارعين، مبينا ان عدد الأعضاء المسجلين في الاتحاد يزيد على 20 الف عضو ومثلهم غير مسجلين، وهذا عدد كبير اذا تم احتساب عدد أفراد أسرهم الذين يعتمدون بشكل مباشر على العمل الزراعي.
ويضيف أن العمل في القطاع الزراعي جر الويلات على أهالي الوادي وفاقم من مشكلتي الفقر والبطالة، بدلا من أن يكون حلا لها، موضحا ان تدهور اوضاع القطاع خلال السنوات الاخيرة زاد من عدد العازفين عن الزراعة ما انعكس على فقدان الالاف من العاملين لمصدر دخلهم.
يذكر ان القطاع الزراعي يشهد انتكاسة غير مسبوقة نتيجة استمرار تدني الاسعار منذ بداية الموسم ما قلل من قدرة المزارع على الوفاء بالتزاماته المادية للعمالة التي باتت ترفض تاجيل دفع الاجور كما كان سابقا.
وكانت اسعار الخضار في وادي الاردن شهدت انتكاسة كبيرة نتيجة تدني اسعار بيعها الى مستويات قياسية منذ شهر تشرين الأول ( نوفمبر) الماضي نتيجة توقف التصدير وتراجع القدرة الشرائية للمواطن بسسب تداعيات جائحة كورونا.
ودفع تدني الاسعار الى اقل من التكلفة بمزراعين الى اقتلاع اشتال لوقف خسائر رعايتها، بعد انخفاض كارثي استمر لشهرين متتالين، ملحقا خسائر ثقيلة بالمزارعين.
وكان خدام اعلن تعليق الإضراب العام، الذي كان بدأه المزارعون صباح الاربعاء الماضي بالامتناع عن توريد منتوجاتهم للاسواق المركزية، بعد استجابة الحكومة لعدد من المطالب المتعلقة بالعمالة الوافدة، والتفاهم على حلحلة المشاكل التي يعانيها القطاع.
وبين الخدام، ان استجابة الحكومة من خلال مجلس الشراكة الزراعي لمطالب المزارعين، بفتح باب الاستقدام للعمالة الوافدة وتخفيض رسوم تصاريح العمل للمزارعين، وتشكيل لجنة للنظر بكل الاجراءات المتعلقة بالعمالة الوافدة، بهدف توفيرها بالاعداد الكافية ما يسهم بتخفيض اجورها، التي تشكل اهم تحد يواجه المزارعين خلال فترة الإنتاج.

جفرا