الأردن اليوم _ عمان
يدفع المواطن «تحويشة» العمر لكي يشتري شقة لأسرته واولاده هربا من تحكم «المؤجرين» والاجور الباهظة، وغالبا ما يحتاج الى قرض بنكي طويل الاجل يستنزف ثلث راتبه او اكثر، لكن سرعان ما يكتشف بانه اصبح «مستأجرا» لدى الحكومة وبان عليه ان يدفع ضريبة سنويا «اسمها ضريبة المسقفات» وحين يسأل لماذا؟ او مقابل ماذا يقال له: هذا ما يفرضه القانون.
لا ادري اي قانون هذا الذي يفرض على المواطن ان يدفع ضريبة سنوية على «منزله» الذي هو ابسط حاجة انسانية يمكن ان يفكر بالحصول عليها، ولا ادري كيف وافق «المشرّع» الاردني على معاقبة الناس الذي مارسوا حقهم في الحصول على «السكن» بدل ان ينتظروا من الدولة ان توفره لهم؟.
قبل سنوات شهدت مصر سجالات ساخنة حول مشروع تقدمت به الحكومة لاقرار «ضريبة عقارية» تشمل المنازل الخاصة التي يسكنها المواطنون، انذاك اعترض فقهاء القانون المصريون ورأوا ان هذه الضريبة غير مشروعة ، فهي تخالف الشريعة الاسلامية التي قررت حق الانسان في امتلاك مسكن خاص به ، بل واوجبت على الدولة ان توفره له في حالة عدم قدرته على ذلك.
لا تقتصر المسألة على هذه «الضريبة» العجيبة، فعدد «الضرائب» التي تترتب على المواطن الاردني لا تحصى، وربما لا توجد دولة في العالم لديها ما لدينا من ضرائب، ومن يتفحص بنود اية «فاتورة» سواء كانت فاتورة كهرباء او ماء او ترخيص سيارة او رخصة بناء.. الخ، سيجد انواعا من الضرائب يصعب فهمها، فثمة ضريبة اضافية واخرى بدل عداد تم شراؤه سلفا وثالثة للجامعة ورابعة للتلفزيون وخامسة للصرف الصحي، بل ان ثمة ضرائب على الضرائب وضرائب ليس لها اسماء ايضا.
كيف يستطيع المواطن الاردني ان يدفع من دخله «المتواضع» كل هذه الضرائب وكيف يمكن ان يقتنع بان عليه حين يفكر بشراء «وجبة طعام» ان يدفع عليها ضريبة «مبيعات» تعادل خُمس ثمنها؟ وهنا لا فرق بين الغني والفقير لان ضريبة «المبيعات» توحد بينهما تماما.
السؤال : هل الضرائب في بلادنا عادلة؟ وهل حان الوقت لنفتح ملف «الاصلاح» الضريبي لكي نعيد التوازن الى مجتمعنا، ونستعيد «الطبقة» الوسطى التي اصبحت تحت خط الفقر؟ لا ادري اذا كانت ثمة اجابة لدى الحكومة لكنني اعتقد ان الضائقة الاقتصادية التي يعاني منها الناس خاصة ذوي الدخول المتواضعة يجب ان تدفعنا الى رفع شعار «اصلاح الضرائب» وهذا لا يقل اهمية ابدا عن شعار «اصلاح السياسة» اذا افترضنا ان هذا الاخير سيحتاج الى وقت طويل حتى يصل الى فتح ملف الضريبة واوضاع الناس الحياتية وما يعانونه من عوز وعدم قدرة على الوفاء بالتزاماتهم تجاه «اسرهم» فكيف بالتزاماتهم تجاه «الحكومة» والخزينة العامة.
افهم ان يدفع «الاثرياء» ضرائب متصاعدة على ارباحهم ودخولهم العالية وتجارتهم واموالهم في البنوك وافهم ان يدفع «المواطن» ضرائب بدل الخدمات التي يحصلون عليها بما يتناسب مع دخولهم ومع مستوى هذه الخدمات لكن ما لا افهمه هو ان لا يدفع الاثرياء الا القليل من الضرائب وان يتهربوا منها دون ان يطالبهم القانون فيما يدفع المواطن الفقير ضريبة على «البيت» الذي اشتراه بالدين، وللجامعة التي لم يحصل اولاده على مقاعد فيها، ولرغيف الساندويش الذي لم يجد غيره ليسد به جوعه.
رجاء.. اذا كان لدى احدكم اية اجابة يمكن ان تسعفني في فهم ما ذكرت، فليدلني عليها..!