الأردن اليوم _ عمان
اكد اقتصاديون ان الصين تعتبر مصدرا تجاريا مهما للاردن من الصعوبة بمكان تعويضه سواء لجهة المستوردات او القطاع الصناعي بالإضافة إلى استثمارات بقطاعات استراتيجية أبرزها، استخراج الصخر الزيتي.
وقالوا لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، ان اطالة امد فيروس كورونا المستجد سيفرض تحديات كثيرة على الاقتصاد الوطني وبخاصة عند القطاعات الفرعية للقطاع الصناعي التي تعتمد على مدخلات انتاج مستوردة من الصين وليس من السهولة تعويضها من دول أخرى جراء الكلف وتكنولوجيا التصنيع والتغيير من مورد لآخر.
وشكلت مستوردات المملكة من الصين خلال 11 شهرا من العام الماضي ما نسبته 16 بالمئة من اجمالي المستوردات حيث بلغت نحو ملياري دينار تنوعت بين سلعا وسيطة واستهلاكية، واستهلاكية معمرة ورأسمالية وغيرها.
وبالمقابل، ارتفعت صادرات المملكة الى الصين خلال 11 شهرا من العام الماضي الى نحو 121 مليون دينار مقابل 53 مليون دينار خلال نفس الفترة من عام 2018.
وتستحوذ صادرات المملكة من البوتاس الى الصين على نحو ثلث الصادرات، فيما تشير التوقعات الى تراجعها في حال تراجع مجمل الصادرات للسوق الصينية مع عدم توفر اسواق جديدة تحل مكانها.
واكد رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين حمدي الطباع ان الصين تعتبر من الشركاء الرئيسيين للاردن بحجم تبادل تجاري يصل لنحو 9ر2 مليار دولار سنويا، الى جانب وجود استثمارات صينية بالمملكة بعدة قطاعات.
وقال الطباع” مع تفاقم مشكلة فيروس كورونا المستجد بدأت الدول ومن ضمنها الأردن والتي تمتلك معاملات تجارية مع الصين بالبحث عن بدائل للسوق الصينية كإجراء وقائي لتجنب هذا الوباء”.
واضاف “ان البحث عن بدائل تجارية للبضائع الصينية امر مهم وضروري في الفترة الراهنة، كون صحة المواطنين يجب أن تكون أولوية لأصحاب القرار”، مطالبا باتخاذ إجراءات وقائية بشكل فوري والتشاور مع القطاع الخاص لإيجاد حلول تساعد بالتعامل مع هذا الظرف الطارئ.
وأكد الطباع وجود العديد من الأسواق الأخرى التي يمكن للمملكة التوجه إليها كبديل مؤقت عن السوق الصينية لحين انتهاء مشكلة الوباء، منها الدول العربية المجاورة والدول الصديقة للأردن خاصة فيما يتعلق بالملابس والمنسوجات.
أما فيما يتعلق باعتماد الأردن الكبير على السوق الصينية بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فقد شدد رئيس الجمعية على ضرورة البدء بالبحث عن أسواق بديلة بخاصة في الهند ودول شرق آسيا لتلبية حاجة السوق المحلية.
واقترح الطباع ان يتم التعامل مع استمرار تبعات فيروس كورونا في الصين، على مرحلتين: الأولى تتضمن البحث عن أسواق بديلة والثانية زيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي والبدائل المحلية بأكبر قدر ممكن، مطالبا الحكومة بتقديم الدعم الكافي لقطاع الإنتاج ليتمكن من تطوير طاقاته.
وتعتبر الصين ثاني اكبر اقتصاد بالعالم بعد الولايات المتحدة، كما تعد اللاعب الرئيس في تحريك عجلة الاقتصاد العالمي حيث بلغ حجم الاقتصاد الصيني خلال العام الماضي 2019 نحو 14 تريليون دولار.
وساهمت الصين بنحو ثلث النمو الاقتصادي العالمي المسجل خلال العقد الاخير ما يجعله مقياسا للاقتصاد العالمي والذي على اثره تتحدد اتجاهات العديد من القطاعات الاقتصادية والسياسات المالية حول العالم.
وتتوقع العديد من التحليلات الاقتصادية العالمية، أن يتباطأ الاقتصاد الصيني الى نحو 5ر4 بالمئة خلال الربع الاول من العام الحالي 2020، وهو ادنى معدل ربعي يتم تسجيله منذ عام 1992.
واشار نائب رئيس جمعية مستثمري شرق عمان الصناعية وعضو مجلس ادارة غرفة صناعة عمان الدكتور اياد ابو حلتم الى العلاقة التجارية التي تربط الاردن مع الصين التي تعتبر الشريك التجاري الثالث للمملكة وثاني اكبر مورد لمدخلات الانتاج التي يعتمد عليها القطاع الصناعي.
واكد ان حجم العلاقة التجارية الاردنية مع الصين يمثل صعوبة كبيرة في الاستغناء عن اهم الشركاء التجاريين للمملكة سواء لجهة الصادرات او المستوردات الى جانب قوة اقتصادها بين دول العالم.
وقال” من الصعوبة بمكان الاستغناء عن الكثير من مستوردات الأردن من مدخلات الانتاج بتكنولوجيا التصنيع والآلات والكثير من السلع التي تحتاجها الصناعة من الصين لانخفاض الكلف والتكنولوجيا المختلفة المتوفرة هناك وفروقات الاسعار مقارنة مع دول أخرى”.
واضاف ابو حلتم، ” ان استمرار فيروس كورونا المستجد سيؤثر حتما سلبا على القطاع الصناعي الاردني”، مؤكدا أنه ليس من السهولة ايجاد بديل عن الصين وبخاصة من دول مجاورة.
وتستورد المملكة خيوط نسيجية ومنتوجاتها بمقدار نحو 686 مليون دينار سنويا نصفها يأتي من الصين، وهذه الخيوط تدخل في صادرات الالبسة التي تشكل 2ر27 بالمئة من اجمالي الصادرات الاردنية للخارج.
كما تستورد ما يقارب 48 بالمئة من احتياجاتها من الخيوط النسيجية ومنتوجاتها من الصين، بقيمة تبلغ سنويا 329 مليون دينار فيما تتوزع النسبة الباقية على تايوان وتركيا وماليزيا وفيتنام والهند وايطاليا.
واشار ابو حلتم الى ان بعض القطاعات الصناعية يمكن لها ان تتجه الى بعض الدول غير الصين مثل فيتنام وتايلند اندونيسيا ماليزيا مقاربة لأسعار بعض مدخلات الانتاج بالصين.
ولفت ابو حلتم الى ان مشكلة النقل البحري وتأخر شحن البضائع ستؤدي الى خلل في توريد مدخلات الانتاج للقطاع الصناعي تحديدا، الى جانب العطلة الرسمية في الصين التي ادت الى تراكم طلبيات الانتاج المفتوح اعتماداتها.
وطالب ابو حلتم بإيقاف غرامات واعطال الحاويات وغرامات الارضيات في ميناء العقبة كون الكثير من مستندات البضائع التي شحنت من الصين قبل منتصف الشهر الماضي لم تصل حتى اليوم ما يعني صعوبة في التخليص وتكدس البضائع.
واكد نقيب تجار الالبسة والاقمشة والاحذية منير دية، عدم وجود بدائل حقيقية راهنة ومتاحة لتجارة الاردن مع الصين بنفس مستوى الاسعار وكميات البضائع والاصناف، مشيرا الى ان استمرار فيروس كورونا لفترات ابعد سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني المعتمد كثيرا على الاستيراد من هناك.
وبين ان معظم دول العالم تعتمد صناعيا على المواد الخام التي تنتج في الصين ما يجعلها اكبر مورد لسلاسل الانتاج عالميا وبالتالي فان الكثير من الدول سيتوقف انتاجها في حال طالت أزمة الصين جراء فيروس كورونا.
ولفت ديه الى ان الاردن قد يجد بدائل مؤقتة للسوق الصينية مثل تركيا ومصر وبعض الدول الاوروبية وبنغلادش وفيتنام والهند لكن لا يمكن الاعتماد عليها على مدى بعيد، مشيرا الى ان التجار قاموا بشحن بضائع بكميات كبيرة من الالبسة والاحذية قبل بدء العطلة الصينية والاعلان عن فيروس كورونا.
واكد ديه ان البضائع من الالبسة والاحذية متوفرة بكميات تكفي حاجة السوق المحلية لفترات مقبولة خلال الاشهر الثلاث المقبلة، متوقعا ان تكون بدائل الصين بالنسبة للاقتصاد الوطني محدودة وغير دائمة.
يشار الى ان غرفة تجارة عمان شكلت اخيرا بالتعاون مع مؤسسات رسمية ونقابات تجارية “خلية ازمة” استباقية لمواجهة اية تطورات قد تصيب مستوردات الأردن من الصين بظل تطورات فيروس كورونا المستجد. (بترا)