الأردن اليوم _ أسعد العزام
بعد أن حسم صاحب الجلالة الأمر ووضع نُصب عينيه –وهو حامي الدستور- الإستحقاق الدستوري كخيار بإجراء الإنتخابات النيابية لإختيار أعضاء المجلس النيابي التاسع عشر في صيف هذا العام.على القانون الذي جرى على أساسه إنتخاب أعضاء المجلس النيابي الحالي الثامن عشر الذي يعتمد على القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة.
وتجاوزاً عن القانون الحالي بما له وبما عليه،فإنه يتوجب علينا كمواطنين (ناخبين ومرشحين) أن نتكيف مع هذا القانون لأنه بات في حكم المؤكد أن تُجرى الإنتخابات على أساسه
وكما كانت الدورات النيابية السابقة ستكون الدورة النيابية القادمة من حيث الأهمية.وعليه فإن دواعي إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها ليس لكونها إستحقاق دستوري فقط وإنما هناك العديد من المبررات والضرورات تدعو لأن يكون هناك مجلس نيابي جديد قوي قادر على تحمل مسؤولياته ويكون على قدر التحديات محلياً وإقليمياً ودولياً وخاصة كما أنه لا يخفى على أحد وقوع المملكة الأردنية الهاشمية في منطقة ساخنة وجوار ملتهب منذ عقود من الزمن.
أولاً:-محلياً:
إن من أكثر المعضلات التي تواجه الأردن محلياً هي المعضلة الإقتصادية التي باتت تلازم الشعب الأردني منذ عقود من الزمن بدون حلول ناجعة تخفف ما نتج عنها من إزدياد مضطرد في معدلات البطالة وتفشي الفقر بنسب كبيرة جداً غير مسبوقة.
وبسبب هذه المعضلة برزت محلياً بكل قوة مطالبات شعبية ترى بضرورة فتح ملفات الفساد بجميع أشكاله المالي والإداري.وللأسف باتت هذه الدعوات في معظمها تشير إلى كل مسؤول وصاحب منصب رفيع بأنه فاسد.
وينتظر المجلس القادم إلى جانب الحكومة معاً مزيداً من الملفات الداخلية العالقة مثل الإصلاح السياسي الذي ما زال يراوح مكانه وقطاع التعليم والصحة والمياه والأمن وغيرها
ثانياً:-إقليمياً:
تأتي في مقدمة التحديات الإقليمية مشاريع الدولة الصهيونية وخصوصاً بعد أن تمكن “نتنياهو” رئيس حزب الليكود الإسرائيلي اليميني من تحقيق الفوز بإنتخابات الكنيسيت الإسرائيلية في جولتها الثالثة .وعزمه على تشكيل حكومة قومية وقوية تمكنه من تنفيذ وعوده الإنتخابية التي قطعها على نفسه وعلى رأسها كما أعلن ليلة أمس أمام مؤيديه “الشروع فورا بضم غور الأردن والمستوطنات بالضفة الغربية”.
لا شك بأن هذا الملف يعتبر ملف شائك ويفرض على الدولة الأردنية مزيداً من الأعباء السياسية والإقتصادية والأمنية. وسيكون ذراعي الدولة التنفيذي والتشريعي في واجهة التصدي لمخططات الحكومة الصهيونية التهويدية التي يرأسها أكثر السياسيين تطرفاً في دولة العدو الصهيوني.
أما ملف الإرهاب وإن خفت حدته كثيراً إلا أننا ما زلنا نستشعر وجوده. ونحن على يقين تام بأن خطره لم ينتهي بعد،نظراً للأوضاع الأمنية المتدنية لا بل والمعدومة في بعض دول الجوار والمنطقة.
وكذلك الأزمة السورية من الملفات الإقليمية المعقدة أيضاً التي تنعكس أثارها سلباً على الأردن كونها جاراَ شمالياً للدولة الأردنية وملاصقة لها جغرافياً لكونها الممر الطبيعي والمنفذ الأوحد للجماعات الإرهابية المتناحرة على الأرض السورية نحو دول الجوار لترويج المخدرات لتأمين السلاح وهذا ما يزيد من العبء الأمني والإقتصادي على الأردن الذي يعاني أصلاً من معضلة إقتصادية تتفاقم وتشتد أزمتها يوماً بعد يوم،في ظل الخلافات العربية العربية التي القت بظلالها وإنعكست سلباً على موازنة الدولة بسبب تراجع أو بالأحرى إنقطاع الدعم العربي للأردن.
وفي الجانب الاخر من الأزمة السورية.حيث كانت سوريا منفذاً إقتصادياً حيوياً للأردن نجد بأن الصراع الدولي في سوريا يشتد وهو في تطور دائم مما يعقد المشهد ويذهب بنا بعيداً بأن الأزمة السورية ستستمر لسنوات وربما لعقود من الزمن-وهذا مالا نتمناه- وهذا بحد ذاته يشكل خيبة أمل وإنتكاسة خطيرة بعد أن لمسنا إنفراجاً قبل سنة وشهدنا بدء عودة الحياة إلى طبيتعها.ولكن التنافس الدولي والتدخل الخارجي والوجود العسكري الأجنبي على أرض سوريا العربية أعادها إلى بدايات أزمة عام 2011
ثالثاً:دولياً:-
إن من أكبر التحديات التي تواجه الدولة الأردنية بكافة مكوناتها على المستوى الدولي هي كيفية مواجهة خطة ترامب-نتنياهو المزعومة للسلام التي أعلنا الرئيس الأمريكي مؤخراً.وما تحمله من مخاطر جمة على الدولة الأردنية والشعب الفلسطيني.
لا شك بأن الدعم الذي يوفره ترامب لحليفه -نتنياهو- الأشد تطرفاً في المنطقة الذي لا يرى بقرارة نفسه إلا إقامة دولة قومية لليهود على أرض فلسطين…و تكمن خطورة هذا الأمر في فرض قناعة إسرائيلية مفادها أن فلسطين التاريخية هي بمثابة “أرض إسرائيل”، أي ملكاً حصرياً لليهود وليست موضع تصارع بين شعبين و”قوميتين”، أو بين حقين متساويين، فإسرائيل هنا صاحبة حق حصري،والفلسطينيون مجرد طارئين على الزمان والمكان.
ومن هنا تبرز خطورة هذه الخطوة على الأردن الذي يجد نفسه أمام خيارات صعبة.وهو الرافض دوماً لمبدأ التوطين والوطن البديل والتنازل عن الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
وبالعودة إلى الإستحقاق الدستوري هذا العام أرى أنه من باب الإنتماء لثرى هذا الوطن والولاء لقيادتنا الهاشمية الحكيمة والمحبة والتقدير للشعب الأردني المعطاء…يتوجب علينا أن نُثبت من خلال مشاركتنا الفاعلة بالإنتخابات النيابية المقبلة بكافة مراحلها بإختيار أعضاء المجلس النيابي التاسع عشر،بأننا نقف بكل قوة إلى جانب قيادتنا الهاشمية التي نرى فيها المنقذ –بعون الله تعالى-للخروج من كل ما يواجه الأردن من تحديات جِسام
عندنا نصمت عن دعم مواقف دولتنا الأردنية التي أعلنها جلالة الملك مراراً وتكراراً،ونمتنع عن ممارسة حقنا الدستوري بإختيارأعضاء المجلس النيابي …فإنه لزاماً علينا أن نبقى صامتين للأبد ولا يحق لنا الإعتراض على من سيصل إلى قبة البرلمان لأننا نحن من ساهم بذلك.
ومن هنا تأتي هذه الدعوة للمشاركة في الإنتخابات النيابية القادمة نظراً لخطورة المرحلة القادمة وما تفرضه على الدولة الأردنية من تحديات ولن يكون خلاصنا منها إلا بوجود شعب مؤمن بقيادته.وممثلين عنه في المجلس النيابي القادم الذي يجب أن يكون السند والعون للدولة الأردنية داعماً لمواقف قيادتنا الهاشمية يضع نُصب عينه المصلحة العليا للدولة الأردنية ويترك جانباً المصالح الشخصية الفردية التي تُضعف مؤسسات الدولة وتقوض البناء الذي شارك وساهم فيه الآباء والأجداد.
إن كل ما تحقق على الأرض الأردنية هو مُلك للشعب الأردني وهو إنجاز يجب علينا المحافظة عليه من كل عابث وطامع.وأول خطوة في هذا الإتجاه هي إختيارنا الصحيح لممثلينا في المجلس النيابي الذين نرى فيهم الغيرة على الوطن والمحافظة على مكتسباته وإنجازات أبناءه.
مزيداً من البذل والعطاء خدمة لوطننا وقيادتنا الهاشمية والشعب الأردني