الأردن اليوم _ حمادة فراعنة
داهم فيروس كورونا العابر للحدود، للمجتمعات المتدينة وغير المتدينة، للمسلمين والمسيحيين، للآسيويين والأوروبيين وللأميركيين، للشعوب الغنية والفقيرة، للسنة وللشيعة، شر همجي لا يوفر أحداً من أذاه، مما يؤكد أن البشر متساوون أمام الخير وأمام الشر، لا أحد يملك الادعاء أنه فوق البشر، وأفضل منهم وأحسن، إنه درس جديد للبشرية كي تتعلم المساواة في الحقوق والواجبات، مهما اختلفت ألواننا وألسنتنا وثقافتنا وبيئتنا.
وفيروس فلسطين والعرب والمسلمين والمسيحيين هو التمييز والعنصرية والاحتلال وليد الصهيونية ومشروعها الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي يحتل أراضي ثلاثة بلدان عربية: فلسطين وسوريا ولبنان ولا يزال، ويتطاول على كرامة العرب والمسلمين والمسيحيين ومقدساتهم، أدواته الفاقعة نتنياهو وليكوده، وبيني غانتس وجنرالاته، ولهم الفضل في توحيد الفلسطينيين في معركتهم المدنية الديمقراطية ونيل تمثيلهم اللائق لشعبهم، بعد كشفهم زيف الصهيونية وأحزابها وقياداتها ورموزها، وتنظيف مجتمعهم من تأثيرها، وفرضوا أنفسهم كقوة انتخابية موحدة.
الفلسطينيون أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة راكموا الخبرة، فكانت نتائج انتخابات 2/3/2020، فاقعة لمصلحة: 1- القوى الأكثر تطرفاً لدى المجتمع العبري الإسرائيلي، 2- والأكثر وطنية لدى المجتمع العربي الفلسطيني، ولكنها لم تكن انتصاراً نوعياً كما يقول البعض، ولكنه سجل خطوة إضافية تراكمية لنضال من سبقوهم:
اولا من الشيوعيين الذين انفردوا طوال عشرات السنين بتسجيل حقيقتين أساسيتين هما:
1-أن أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، ممن بقوا في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، انهم جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني، وليسوا كما اطلقوا عليهم «عرب إسرائيل».
2-أنهم وجدوا أن التفاهم والشراكة بين القوميتين العربية و العبرية، والهويتين الفلسطينية الإسرائيلية ضد الظلم والتمييز والعنصرية والاحتلال والصهيونية هو الملاذ للتخلص من المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، وتنفيذ حل الدولتين وفق القرار الأممي 181، وعودة اللاجئين وفق القرار 194.
وبقي صوتهم وحيدا لعشرات السنين في مواجهة المشروع الصهيوني وجنرالات حزب العمل وقياداته.
ثانيا: كانت الخطوة النوعية الثانية ما قام به شيخ المناضلين أطال الله في عمره عبد الوهاب دراوشة الذي استجاب للانتفاضة الفلسطينية، وترك موقعه في كتلة حزب العمل البرلمانية، وشكل الحزب الديمقراطي العربي مع ابن النقب طلب الصانع ورفعا شعار «الصوت العربي للنائب العربي» وشكلوا مع الحركة الإسلامية وشيخها الفلسطيني حتى نخاع العظم عبدالله نمر درويش صاحب الرؤية الواقعية والنظرة الثاقبة، مؤسس الحركة الإسلامية، شكلوا القائمة العربية الموحدة، وخاضوا الانتخابات ليقفز التمثيل الفلسطيني إلى سبعة مقاعد عام 1996 ويرتفع إلى تسعة مقاعد عام 1999، نحو القفزة النوعية اللاحقة.
ثالثا الاتفاق التاريخي الذي وُقع يوم 22/1/2015، بين الذين شكلوا القائمة المشتركة من تحالف الأحزاب الأربعة: الجبهة الديمقراطية والحركة الإسلامية والحركة العربية للتغيير مع التجمع الديمقراطي العربي،ليحصلوا على 13 مقعداً في انتخابات 17/3/2015، ليزيد التمثيل الفلسطيني من 11 مقعداً، مقعدين اضافيين بسبب التحالف والشراكة.
وكان الدرس القاسي لهم والمفيد في تجربة انتخابات 9/4/2019 ونتائجها، بسبب خوضهم المعركة بقائمتين منفصلتين بدلاً من واحدة فتراجع تمثيلهم من 13 مقعداً إلى 10 مقاعد. وعادوا إلى التحالف والشراكة وللقائمة المشتركة في انتخابات 17/9/2019، وحصلوا على 13 مقعداً ، ليقفزوا إلى 15 مقعداً في انتخابات الكنيست 23، بسبب تطرف الأحزاب الصهيونية وتعرية مواقفها العنصرية الفاقعة ضد الفلسطينيين، وسجل نتنياهو حقاً انه كورونا الذي وحد الفلسطينيين، وضرورة التخلص منه.(الدستور)