الرهان على الخاسر غير محمود العواقب

الأردن اليوم _ خالد الزبيدي

التطورات المتسارعة اقليميا ودوليا تتطلب تجنب المبالغة للحفاظ على حياة آمنة والتعامل بكفاءة مع المتغيرات، والابتعاد على القرارات المتسرعة وفي نفس الوقت عدم إدارة الظهر لما يجري فالعالم قرية كونية ولا تستطيع اي دولة العيش في جزيرة معزولة، لذلك التعامل مع التقليات الاقتصادية والسياسية والعالمية يفترض ان يستند الى دراسات لتحديد الكلف والمكاسب والخسائر، وهذا ينطبق الى حد كبير ما يحدث من تباطؤ وانخفاض الاسعار وبداية إغلاقات بين الدول قد تكون محقة والاغلب انها تسعى لتحقيق اهداف خفية.
البورصات واسواق المال العالمية خسرت منذ بداية العام حتى اليوم عدة تريليونات من الدولارات، وتباطؤ التجارة العالمية وانخفاض حركة الموانئ والمطارات، وتدني الحركة في المقاصد السياحية الكبرى في العالم، وهوت اسعار النفط بمعدل 30 % منذ بداية العام الحالي واغلق خام «مزيج برنت» عند مستوى 45 دولارا للبرميل، وهذه التطورات المتسارعة لا يمكن ان يكون سببها فيروس كورنا الذي لم يصنف على انه وباء عالمي.
شبه انهيار اقتصادي عالمي بدأ يلوح في الافق وتم التحذير منه سابقا، فاستخفاف الدول الكبرى بمصالح الامم والشعوب لا يمكن ان يستمر حتى لوكانت هذه الشعوب غير قادرة على الرد، كما ان الاعتماد على الجيوش في إرهاب العالم لا يبني اقتصادات كفؤة، وهذا ما جرى ولا زال منذ عقود وسنوات، وتم توجيه معظم التطور التقني لتجسيد السطوة، والاصعب من ذلك استخدامات دول كبرى التفوق لإذكاء الحروب عن بعد.. فالاهداف اصبحت مكشوفة وممجوجة ولم تعد تنطلي على الشعوب.
هذه التطورات المتلاحقة والسريعة تهيئ العالم للأسواء، في كل الاتجاهات سياسيا واقتصاديا وربما عسكريا، فالمنطقة العربية كان لها النصيب الاوفر من الصراعات والاستهداف الخارجي لاسيما من الولايات المتحدة الامريكية واوروبا، ولاحقا من روسيا ودول اقليمية في مقدمتها ايران وتركيا، فالمتغيرات الاخيرة والمتوقعة على المدى القريب او / و المتوسط ستؤدي الى تبدلات جوهرية بما في ذلك إعادة رسم خارطة القوى العالمية والاقليمية وفق معايير ومصالح مختلفة.
العملات ستتغير مكانتها، والنظام المالي العالمي الجديد سيولد متعدد الاقطاب، وسطوة مؤسسات التمويل الدولية وشروطها على الدول والشعوب ستزول تدريجيا، وهيمنة القطب الاوحد على العالم ستزول، فالتراكم الذي انجز بشراكات جديدة بين الصين وشعوب في افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية ستؤدي الى تبدلات نوعية خصوصا وانها كانت اكثر إنتاجا وصدقا ..وفي المنطقة العربية علينا الاستعداد حتى لا نخسر اكثر فالرهان على الخاسرين غير محمود العواقب.(الدستور)