أسر تبدع بتحويل الحجر المنزلي لأوقات نوعية وتشاركية منتجة

الأردن اليوم- تمكنت أسر ببراعة، وبفترة قياسية منذ بدء العمل بالحجر المنزلي وحظر التجول، من تحويل ظروف المكوث في المنازل لأوقات نوعية منتجة، جددت خلالها إحياء مواهب الاطفال وتعبئة اوقاتهم بالتعلم واللعب والحوار وحثهم على التفكير بوسائل ابداعية، لتجاوز الظروف الاستثنائية بسلاسة وفائدة، وتخطي أي تبعات نفسية سلبية قد تنجم عن الحد من حركة الاطفال خارج المنازل حكما، وفقا لمتخصصين.
وفي تحد لظروف طارئة على الاردن والعالم بأسره، استطاعت الثلاثينية زينة الفاعوري، التغلب على ملل قد يصيب اطفالها الثلاثة، فبعد مشاركتهم تلقي التعلم عن بُعد، والمواظبة على إنجاز دروسهم وواجباتهم المدرسية كافة، خطر لها، ومع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، مشاركتهم التحضير لزينة رمضان من مواد أولية بسيطة في البيت، مثل “الكرتون الملون” ومزيح من ألوان الرسم، مشيرة الى أن “الحجر المنزلي فرصة ذهبية لإعادة اكتشاف مواهب أطفالي، ومشاركتهم اوقاتهم بصيغة نوعية”.
واعتبرت خولة العموش، ربة منزل، أن الوقت المخصص لدراسة طفلها عن بُعد، هو الوقت النوعي الذي من المفترض أن تسهم الامهات فيه بتوفير الهدوء والراحة، وأن تشارك اطفالها في مراجعة الدروس، ما بعد انتهاء الحصص”أون لاين”، حيث سيمر الوقت بشكل اعتيادي كما لو أننا بأيام الدراسة العادية”، على حد تعبيرها.
ويقول محمد الجزازي، موظف قطاع خاص، “بما أننا بدأنا بفصل الربيع، حوّلت ميول اطفالي من اللعب بالألعاب الالكترونية، لتقليم وتعشيب حديقة المنزل، مبينا ان هذا افضل نشاط ممكن أن تقوم به أي أسرة لديها مساحة خضراء بجانب بيتها، ولو كانت صغيرة، حتى لو كانت أيضا من قاطني الطوابق العليا، ولديها أحواض لنباتات بيتية. وتوضح رئيسة جمعية خيرية سنا الدعامسة، اقضي اوقاتي مع اطفالي كالأيام الاعتيادية، بعمل اشكال ابتكارية من مادة المعجون، وقراءة القصص، ولعب الرياضة معهم، مشيرة الى اننا استطعنا واطفالنا التعود على ظروف الحجر لأننا ندرك انها لمصلحتنا، ولمصلحة المملكة برمتها.
ويشارك أحمد مزاهرة، موظف قطاع عام، ابنته ترتيب المكعبات “الليجو”، حيث تعبر احيانا عن غضبها ببراءة، ممن تسبب بالكورونا في العالم!، فيما وجدت آمنة شوربجي، كاتبة قصص اطفال، طريقة للخروج من الملل، بإنشاء قناة على اليوتيوب، تهدف لتسلية الاطفال وتقديم المضمون المفيد لهم.
وتقوم كاتبة سيناريو الأفلام مجد عدنان، بوضع قائمة يومية لكسر ملل الاطفال تتضمن، الدراسة، القراءة، الرياضة، الافلام الهادفة، القصص الدينية، الالعاب الترفيهية.
وتفيد ميرنا جمال، وهي من دولة عربية مجاورة وام لطفلين، عبر صفحتها على الفيسبوك، باننا “نعمل سمك ونصيد”، في اشارة منها إلى ابتكارها، لعبة مصنوعة من الكرتون الملون، والخيوط ، إضافة لصناعة الحدائق الورقية واشكال الحيوانات والاشجار، وغيرها من مظاهر الطبيعة.
من جهته، يرى عميد كلية التربية في جامعة اليرموك الدكتور علي جبران، ان الحجر البيتي الوقائي والضروري جدا هذه الأيام، يعد فرصة كبيرة لتغيير الروتين للأسرة برمتها وليس حصرا بالطفل.
ويتابع وهو استاذ الادارة التربوية في ذات الكلية والجامعة، أن هذه فرصة حقيقية للوالدين للتعامل مع الأطفال، وصنع البيئة الإيجابية لذلك، كالتقارب الأسري، ووضع برنامج دراسي جيد لتعزيز المعارف المختلفة.
ويؤكد أهمية مشاركة الاطفال بالمواظبة على قراءة القرآن الكريم وحفظ ما تيسر من آياته الكريمة، وضرورة تدريبهم على مواظبة الصلاة، وفضل الدعاء، فضلا عن تعزيز اهتمامهم بالمطالعة، بدلا من التركيز فقط على الالعاب الألكترونية والسوشال ميديا.
ويشير الدكتور جبران، الى أهمية ممارسة الرياضة، والعودة الى ألعاب الألغاز التي تحفز العقل، وتعزز الإبداع لدى الأطفال، فضلا عن اهمية إشراكهم ببعض الأعمال المنزلية لتدعيم روح المبادرة لديهم، معتبرا ان الحجر المنزلي فرصة لتدعيم قيم التواصل مع الأهل والأقارب ولو عن بُعد، برسالة صوتية، او باتصال هاتفي، وتعزيز الحوار الأسري، ومهارات الإقناع والتفاوض، والعمل ضمن الفريق بالروح الإيجابية.
من جانبها تؤكد استاذة التربية الخاصة بجامعة البلقاء التطبيقية الدكتورة منى أبو طه، أهمية توفير الاجواء التي من شانها تعزيز علاقة الثقة المتبادلة والاحترام بين الاطفال وذويهم، ليتقبلوا تاليا، كل التعليمات والارشادات المتعلقة بأهمية المحافظة على الصحة والنظافة في هذا الوقت، والبدء بالبحث عن برامج نوعية بديلة لقضاء فترة الحجر، بإبداع وانتاجية وحرفية وبتعزيز للمواهب عبر مساعدة الأطفال على فهم انفسهم، وماذا يملكون من قدرات والبناء عليها.
وتقول أبو طه، ان التفاعل مع الطفل، ومراعاة وضعه النفسي، تكون بتكريس اوقاتنا للعب التفاعلي والتشاركي معه، والتكلم معه عن دوره الكبير في محاربة الفيروس، عبر التزامه بكل سبل الوقاية سواء من خلال قراءة النشرات الارشادية التي يبثها التلفزيون الاردني وعموم وسائل الاعلام، او من خلال سبل المحاكاة وتلقي نصائح الوقاية عبر منصات التواصل الاجتماعي و”اليوتيوب” الهادف.