بقلم م.عماد عودة
قالت العرب قديما ” في الصْيفِ ضَيعتِ اللبن ” وهي مقولة قالها عمرو بن عداس لطليقته وابنة عمه لقيط بن زرارة حين أرسلت اليه تطلب اللبن بعد زواجها من غيره فاطلق تلك المقولة مذكرا اياها بانها اضاعت الفرصة حين فارقته على ما كان من كرمه وسعة معيشتها في كنفه .
اليوم يقولها فايروس مجهري لا حياة فيه مخرجا لسانه متحديا مجتمعنا المحجورة منذ اسابيع عدة خوفا من عدوى عابرة للحدود لا تميز بين عربي ولا أعجمي الا بالثقافة وحترام القانون.
كغيري من المهتمين بالعمل الاجتماعي وخدمة الناس تطوعاَ عبرت عن أسفي الشديد تجاه سياسة وزارة التنمية الاجتماعية التي استبعدت كافة الجمعيات من خريطة العمل العام اثناء الحجر ومنع التجول الذي فرضته الحكومة على مضض.
اليوم وبعد انقضاء ثلاثة اسابيع من الحجر الالزامي اتاحت لي اعادة تقييم المشهد من جديد اجد ان طاقم وزارة التنمية كان محقا في هذه الجزئية وعدم الاعتماد على مخرجات جمعيات التنمية المجتمعية وهذا ينم عن عدم ثقة في اجراءات السواد الاعظم منها الا من رحم ربي فكان ان اتخذت الوزارة قرارا بحجر هذه الجمعيات ومنعها من الحركة.
الناظر الى الجمعيات بصورة عامة يجد انها كثيرة العدد ومتنوعة من حيث جودة الاداء وعدالة التقييم حتى ان الكثير منها لا يعدو كونه مشروعا لقلة من الناس اطلقوا على انفسهم صفة الهيئة العامة واختبئوا بين ثنايا القانون الذي يسمح لسبعة اشخاص بانشاء جمعية وتسجيلها رسميا كهيئة اعتبارية شأنها شأن الجمعيات التى تتشكل هيئتها العامة من الاف الاشخاص.
القاسم المشترك الاعظم بين معظم الجمعيات انها تدار من هيئات ادارية تنتخب كل ثلاث سنوات مما يعني تغيير مستمر في القيادة يجعل اداء الجمعية رهنا بجودة من يديرها اضف الى ذلك غياب نظام اداري صارم يدير الجمعية بغض النظر عن الاشخاص وقدراتهم.
قبل سنتين تقريبا قدمت جمعية السافرية مقترحا لوزارة التنمية لعمل منصة اليكترونية تخدم كافة الجمعيات العاملة وتوحد اجراءات التقييم للعائلات المحتاجة مما يضمن عدالة في التقييم وتوحيدا للمصطلحات وبوابة للتواصل بين كافة الجمعيات ومرجعها الرسمي ” وزارة التنمية ” وقد عقدنا عدة اجتماعات في مبنى الوزارة بهدف دراسة المقترح وايجاد وسيلة لتنفيذه على ارض الواقع لكننا اصطدمنا ببيروقراطية ومحددات منعتنا من اكمال المشروع فذهب ادراج النسيان .
المقترح الذي قدمناه باسم جمعية السافرية معتمدين على نظامنا المحوسب كان يقضي بتوحيد قاعدة البيانات لكافة الجمعيات وتحويل نصوص التقييم الى معادل رقمي يتيح لنا تقييم حاجات الفقراء بارقام حسابية صرفة لا تعرف الانحياز ولا تتأثر بالعواطف ناهيك عن ان كافة المعلومات الواردة من الجمعيات كانت ستشكل قاعدة معلومات ضخمة تغنينا عن قاعدة بيانات معونة الخبز التي اعتمدتها الوزارة في توزيع المساعدات خلال الازمة.
امام جائحة كالتي نمر بها اجد لزاما علي طرح هذا الامر مرة اخرى فلو كان هذا المشروع وجد طريقه للتنفيذ لكان لوزارة التنمية اليوم قاعدة بياناتها الخاصة ناهيك عن اكثر من خمسماية ذراع تنفيذي ممثلا في الجمعيات العاملة في العاصمة عمان واكثر من ذلك على صعيد الوطن ولما تذكرنا قولة القائل ” في الصيف ضيعت اللبن .
حما الله الاردن ارضا وشعبا وقيادة.