الأردن اليوم – اكد خبراء ان الأطفال يتأثرون بتداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد كغيرهم ولكن بدرجات متفاوتة فبعض تلك الاثار ايجابية وأخرى إيجابية، وقد يتأثرون بما يجري حولهم بصمت مما يستدعي لتفعيل دور العائلة وتخفيف وطئة الظروف الاستثنائية عليهم، وخاصة بظل تقييد الحركة والعزل المجتمعي.
وأوضح هؤلاء الخبراء أن للعائلة دورا مهما في تحييد هذه الآثار واستثمارها بطريقة صحيحة تعود على شعور الطفل وسلوكه بشكل إيجابي، مشيرين الى أن الحوار من أكثر العناصر فاعلية بفترة الحجر المنزلي؛ لقضائه وقتا طويلا مع أفراد أسرته دون الاختلاط بأحد آخر مما يسمح له بالتعبير عن نفسه وما يشعر به أمامهم. استاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتورة رانيا جبر، قالت إن مرحلة حظر التجول أو الحجر المنزلي تعكس آثارها على الصغار والكبار معا، فانعزال الطفل عن المجتمع الخارجي الذي اعتاد عليه يؤثر على سلوكه ومزاجه بشكل يتطلب من الأهالي التعامل معه بطريقة مختلفة. وأضافت، بانه يجب أن لا ننسى بأن الهدف الأساسي من الحجر المنزلي حماية أنفسنا وأطفالنا من فيروس كورونا المستجد، ويكمن ان نجعل فترة الحجر ممتعة لهم من خلال ممارسة الأنشطة المحببة لديهم، واستغلالها بالأعمال التي طالما أجلت لوقت لاحق بسبب الانشغال بالدوام والعمل خارج المنزل. وأوضحت جبر، أن فترة الحجر فرصة لتعزيز العلاقات الاجتماعية وتقويتها بالجلوس فترة أطول مع أفراد الأسرة وتعليم الأطفال لغة الحوار والتعبير عن أنفسهم في ظل عدم وجود أي شخص خارج نطاق العائلة الصغيرة من أصدقاء ومعارف، وهذا يجعل الأهل قادرين على معرفة ما يدور بخلدهم وشعوره بهذه الفترة . وأشارت إلى أن تقييد الحركة بسبب ضيق المساحة الجغرافية المتاحة من أكثر الأمور إزعاجا للطفل؛ فلديهم طاقة كبيرة وحب للحركة، يخفف من أثرها ممارسة نشاطات فكرية أو جسدية، مشيرة إلى أن هذه العزلة الاجتماعية تساعد الأطفال على تنمية المهارات الحياتية والاعتماد على الذات من خلال مساعدة ذويهم في أعمال المنزل كجزء فاعل في الأسرة، ويتعلم من ذلك النظام والمشاركة وتحمل المسؤولية تجاه الأشياء، بالتالي ينعكس ذلك على شخصيته كجزء من المجتمع مستقبلا. ولفتت جبر إلى أن تحديد حركة الناس من الصباح إلى الساعة السادسة مساء يعلم الأطفال الانضباط الاجتماعي والالتزام بالتعليمات، وإن هذا الالتزام هو أساس الحماية من الخطر، فيدعم قيم الانتماء لديه على المدى البعيد، كما يساعده ذلك بتنظيم وقته وإنجاز أعماله ضمن فترة زمنية محددة فيستطيع ترتيب احتياجاته ما بين اللعب والدراسة وممارسة الهوايات والراحة. كما نوهت على ضرورة تعليم الأطفال خلال هذه الفترة بالشعور بالنعم التي منّ الله علينا بها بعدما أصبحت روتينا اعتدنا عليه وغفلنا عنه، واستثمار الموارد وعدم هدرها وتعليمهم أن عدم المحافظة عليها يؤدي إلى حرماننا منها؛ وهذا ينعكس على تعزيز الحس العام بالمحافظة على الموارد العامة للمجتمع. وأكدت جبر، أن هذه الأمور تعلم الطفل استراتيجيات تعايش جديدة مع الواقع بما ينعكس على سلوك الضبط الاجتماعي لديه، ويحسن من المنظومة القيمية والأخلاقية للطفل حتى يكون فردا فاعلا في مجتمعه بطريقة صحيحة. من جهته، قال الاستشاري النفسي والتربوي الدكتور موسى المطارنة، إن انعكاسات أزمة كورونا النفسية على الأطفال ليست كبيرة جدا لأنها نتيجة غير محسوسة أو ملموسة لديهم، والأطفال تسيطر عليهم حواسهم تجاه الأشياء، وشدة أثرها عليهم مرتبطة بالظروف التي تهيؤها لهم أسرهم، وطبيعة العلاقة بين الأب والأم بشكل كبير، فكلما توفرت بيئة هادئة شعر الطفل بالراحة والأمان أكثر. وأوضح، أن فترة الحجر المنزلي وحظر التجول قد تؤثر على نفسية الطفل بشكل سلبي بسبب تقييد حركته وانقطاعه عن العالم الخارجي من مدرسته وأصدقائه وأقربائه المحببين له، مؤكدا على أنه يمكن التخفيف من ذلك بخلق جو أسري دافئ، مع دعم ثقافة الحوار معه وغمره بالحب والحنان. ونبه المطارنة إلى ضرورة تجنب ذكر الوباء وحالات الإصابات والوفيات أمام الطفل؛ لأنه لا يدرك مدى خطورته وقتله للبشرية بالصورة الواقعة لعدم لمسه للأمر مباشرة، مما يزيد من قلقه وخوفه مع عدم إدراكه للأمر بشكل واضح، ناصحا إياهم بشرح الأمر بطريقة بسيطة، بأنها فترة وجيزة ستمضي قريبا، وبقاؤنا في المنزل والمحافظة على النظافة كفيل بحمايتنا من الإصابة بالفيروس. ولفت إلى أن هذه الأزمة تساعد الطفل على تشكيل شخصيته في فترة النمو وتشكيل المفاهيم لديه، بسبب وجود وقت أكبر للتعبير عن ذاته لأسرته وتفاعله مع أمه وأبيه وباقي أفراد العائلة، كما يجعله قادرا على التكيف مع الظروف الاستثنائية على اختلافها والاعتماد على الذات من خلال إشراك العائلة له بأمور المنزل والالتزام بالتعليمات العامة للوقاية من الفيروس.