كتب – زيد النوايسة
من المقرر أن تبدأ امتحانات شهادة الثانوية العامة «التوجيهي» بتاريخ الأول من تموز المقبل وتنتهي في الثالث والعشرين من الشهر ذاته، يشارك فيها ما يقارب المائة وثمانية وسبعين ألف طالب وطالبة. هذه الدورة تنعقد في ظروف صعبة وغير مسبوقة واجهت كل مناحي الحياة في بلدنا وفي العالم، واستدعت الخروج من القوالب التقليدية والتوجه نحو استخدام أدوات ومفاهيم تكنولوجيا الاتصال في كل شيء ومنها التوجه نحو التعليم الافتراضي أو التعليم عن بعد وعبر المنصات الإلكترونية ومحطات التلفزيون والتواصل الاجتماعي لسد الفراغ الحاصل نتيجة جائحة كورونا والتي تطلب التعامل معها قرار الحكومة بتعطيل المدارس والجامعات.
يسجل لوزارة التربية والتعليم وكادرها من معلمين وإداريين سرعة التحرك وخلال أقل من عشرة أيام لتجهيز المنصات وإعداد المحتوى الدراسي ونماذج التقييم والامتحانات مما مكّن استمرار العملية التعليمية بمعزل عن تقييم جودتها في ظل الظروف الاستثنائية وخلال ما يقارب ثلاثة أشهر. وهي الآن تستعد للتعامل مع امتحان الثانوية العامة بشكل مختلف لم تعتد عليه من قبل من ناحية توفير الظروف الصحية وضمان التباعد الاجتماعي وزيادة أعداد المراقبين والمصححين.
منذ أن بدأت فكرة الامتحان الوطني العام «التوجيهي» في الأردن منذ العام الدراسي 1961/1962 جرى الامتحان سنوياً مرة واحدة فقط، ثم تطور لاحقاً لامتحان الفصلين، وعاد للدورة الواحدة ثم نظام الحزم ونظام الفصول وأخيراً الدورة الواحدة مع دورة تكميلية مباشرة بعد النتائج كما جرى في العام الدراسي الماضي 2018/2019. وقد اعتبر امتحان ذلك العام أغرب امتحان في تاريخ الثانوية العامة منذ اعتمادها من حيث تحقيق العلامة المئوية الكاملة وارتفاع منحنى العلامات المرتفعة، حتى أن من حصل على أقل من علامة 90 % اعتبرت علامته متواضعة جداً، ولاحقاً أربك التعاطي مع هذه النتائج الجامعات واستدعى منها زيادة الطاقة الاستيعابية خاصة في الكليات العلمية كالطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة والتي تحتاج تجهيزات وإمكانيات وتختلف عن الكليات الإنسانية التي تعتمد نظام الصف المفتوح.
ربما يكون سوء الطالع رافق المتقدمين للثانوية في هذه الدورة منذ اليوم الدراسي الأول؛ إذ بدأوا عامهم الدراسي بأطول إضراب واجهته المملكة منذ تأسيسها وهو إضراب المعلمين الكبير الذي استمر شهراً قبل التوافق مع الحكومة وعودة المعلمين للمدارس، ثم داهمتنا جائحة كورونا فعُطلت المدارس ومراكز ومعاهد التعليم الخاص التي يعتمد عليها الطلاب بدرجة توازي ما يقدَّم في المدارس الحكومية والخاصة إن لم يكن أكثر.
هذه الظروف الضاغطة على الطلاب وأهاليهم تستدعي من وزارة التربية والتعليم أخذ ملاحظات الطلاب بعين الاعتبار والتي تكررت خلال الأيام الماضية بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها وقت الامتحان غير الكافي والطريقة الجديدة في الإجابة عن الأسئلة الموضوعية أو أسئلة الاختيار من متعدد والتي تفرض على الطالب الإجابة على ورقة الأسئلة وعلى دفتر الإجابة وعلى ورقة الماسح الضوئي بنفس الوقت مما قد يربك الطالب الذي يعيش في ظروف نفسية صعبة وقلق من المخاطر الصحية التي قد تحرمه من الامتحان.
حتى لا يعاقب الطلاب ثلاث مرات، مرة بالإضراب ومرة بوباء كورونا، وثالثة بالتشدد في التعليمات، يجب أن يكون توجه الوزارة وإدارة الامتحانات فيها نحو تطبيق التعليمات بمرونة وبما يسهل على الطلاب دون أن يؤثر ذلك على مصداقية الامتحان وجودته وقدرته على قياس الأداء ولكن مع مراعاة ظروف الطلاب فالظرف استثنائي ويستدعي تعاملا مختلفا.