لمصلحة من …
قبل واحد وثلاثين عاما وأكثر, كان هاني الخصاونة وزيرا للإعلام , وكان نيسان قد أطل برأسه على الجنوب , الذي أنتج وربيعا اردنيا ، وهبة عظيمة , بشرت بالفجر والتحول الديمقراطي .
يومها اجتهدت العقلية العرفية , وأنتجت برنامجا تلفزيونيا اسمه (لمصلحة من) كان تحريضا على الجنوب , وعلى الهبة , وكان إساءة واضحة ومتعمدة من قبل الحكومة , لتأليب الشارع والقبضة الأمنية , ويومها تباكى الراحل محمد أمين سقف الحيط على الشاشة , وهو يشتم الناس ويعرض صور المؤسسات المحترقة ,وكأن الجنوب صار عبئا على الوطن , وكأن الأرحام هنالك صارت تلد الأفاعي وليس الرجال .
كاد هذا البرنامج الذي أنتج بأمر من هاني الخصاونة , أن يعيد إنتاج الهبة مرة أخرى , وللعلم أثار الأمر امتعاض الراحل الملك الحسين , الذي تفهم وجع الناس يومها وأطاح بحكومة القبضة العرفية , وظننا أن التاريخ لن يعيد إنتاج نفسه , ولكن للأسف كنا مخطئين , فالتاريخ يعيد السؤال ولا يعيد الحدث , (لمصلحة من) .
ظل هذا البرنامج جرحا , في قلوب الناس وسقطة إعلامية وعثرة , لابل اعتبر جريمة في حق أناس , انتفضوا لأجل خبزهم , ولم يكونوا ضد الدولة أبدا كما حاول عباقرة الإعلام العرفي أن يقدمونا في ذلك الزمن .
غاب هاني خصاونة , وسقطت حكومة زيد الرفاعي , وسقط برنامج (لمصلحة من ) والذي ظن هاني عبره , أنه سينصف الوطن , ولكنه في لحظة ما دفع ضريبة شيطنة (هبة) عظيمة أنتجت ديمقراطية حقيقية للوطن , بالمقابل ذات العقلية التي أنتجت (لمصلحة من) , ذاتها تفرخ وتعود علينا بنفس السؤال (لمصلحة من) يحدث ما يحدث الان في الإعلام .