نشر الرئيس السابق، لديوان التشريع والرأي، نوفان العجارمة، توضيحا بشأن تعديلات نظام الخدمة المدنية، التي أجازت الاقتطاع من رواتب الموظفين.
وتاليا النص الذي نشره العجارمة …
آثار التعديل الذي تمّ إدخاله على نظام الخدمة المدنية بموجب النظام المعدل رقم (46) لسنة 2020 جدلاً واسعاً من حيث مدى قانونية او دستورية هذا التعديل، حيث أتاح هذا التعديل، لمجلس الوزراء الاقتطاع من رواتب الموظّفين وتكليفهم بالعمل في الظروف الاستثنائيّة دون مكافأة أو حافز ، وفي هذا الشأن لابد من بيان ما يلي :
1. لا يوجد ثمة تعارض بين نص نظام الخدمة المدنية المعدل رقم (46) لسنة 2020 و المادة (13) من الدستور والتي نصت على أنه ( لا يفرض التشغيل الإلزامي على أحد غير أنه يجوز بمقتضى القانون فرض شغل أو خدمة على أي شخص :1. في حالة اضطرارية كحالة الحرب، أو عند وقوع خطر عام او حريق، أو طوفان، أو مجاعة، أو زلزال او مرض وبائي شديد للإنسان أو الحيوان، أو آفات حيوانية أو حشرية أو نباتية او أية آفة أخرى مثلها او في اية ظروف اخرى قد تعرض سلامة جميع السكان أو بعضهم الى خطر) فهذا النص واضح الدلالة يتضمن إجازة التشغيل الإلزامي في حالة الظروف الطارئة بموجب قانون وليس نظام، ولكن هذا النص لا يخاطب الموظف العام بل يخاطب عموم الناس فلا يجوز تشغيل أحد او الزامة بتقديم خدمة عامة إلا بموجب قانون.وهذا لا شك امر مهم لان العلاقة ما بين الفرد والسلطة تنظم من قبل المشرع من حيث الحقوق و الواجبات ، ولا يجوز ان تنظم من قبل الحكومة بموجب نظام .
2. مما يؤكد ذلك أن الفقرة (ب) من المادة (4) من قانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992 منحت دولة رئيس الوزراء ممارسة عدة صلاحيات منها: تكليف أي شخص بالقيام بأي عمل أو اداء أي خدمة ضمن قدرته. وهذا النص أيضا يخاطب أفراد المجتمع من غير الموظفين العموميين.
3. لقد أفرد المشرع الدستوري نصاً خاصاً للموظفين العموميين هو نص المادة (120) من الدستور والتي أوجبت تنتظم كل ما يتعلق بالموظف العام بموجب نظام وليس قانون حيث جاء النص بالقول (التقسيمات الإدارية في المملكة الاردنية الهاشمية وتشكيلات دوائر الحكومة ودرجاتها وأسماؤها ومنهاج ادارتها وكيفية تعيين الموظفين وعزلهم والاشراف عليهم وحدود صلاحياتهم واختصاصاتهم تعين بأنظمة يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك).
4. لقد تم وضع عدة أنظمة للخدمة المدنية بالدولة كان آخرها النظام المعمول به حاليا رقم (82) لسنة 2013. والذي تم تعديله مؤخرا.
5. من المستقر فقهاً وقضاءً ان العلاقة ما بين الموظف والدولة تكيّف على أساس أنها علاقة تنظيمية أو لائحة. ومؤدى الفكرة اللائحية في تنظيم العلاقة الوظيفية، أن القوانين والأنظمة هي التي تنشئ الوظيفة، وهي التي تحدد شروط شغلها ومسئولياتها وحقوقها وواجباتها، وذلك بصرف النظر عمن يشغلها، والذي يعد – والحالة هذه – في مركز تنظيمي أو لائحي. ولهذا فإن قرار التعيين لا ينشئ لهذا الموظف مركزاً ذاتياً خاصاً به، فهذا المركز موجود في الواقع وسابق على قرار التعيين بمقتضى القوانين والأنظمة. أي أن قرار التعيين لا يخلق الوظيفة، وإنما يعنى التحاقه الشخصي بهذه الوظيفة. ولذا فإن قبول الموظف لهذا القرار، أي قبوله شغل الوظيفة، يعد قبولا لكافة الأحكام التي تنظمها هذه القوانين وتلك الأنظمة بما تتضمنه – بطبيعة الحال – من اختصاصات ومسئوليات، وكذلك من حقوق وواجبات، ومن ثم يصبح ملزماً بالقيام بكافة ما يتطلبه هذا المركز الوظيفي من التزامات.
6. ويترتب على تكييف علاقة الموظف بالدولة بأنها علاقة تنظيمية أو لائحية عدة نتائج منها ، أن الادارة بما لها سلطة عامة حق تعديل كافة الأحكام المنظمة للوظيفة العامة إذا اقتضى الصالح العام ذلك، وليس للموظف في هذه الحالة التمسك بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى القوانين والأنظمة السابقة، أي التي عين في ظل سريان أحكامها، ذلك أن مركزه من هذه الزاوية، إنما هو مركز قانوني عام يجوز تغييره أو تعديله في أي وقت وكلما أرادت الإدارة ولكن بشرطين: الأول: أن يتم هذا التعديل بإجراء عام وبذات الأداة القانونية التي نظمت أحكام الوظيفة وحددت مركز شاغلها . الثاني: ألا يسري التعديل بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية الذاتية التي تكون قد تحققت من قبل لصالح الموظف. ومن ثم، فإن الحكومة تملك قانونا إجراء مثل هذا التعديل على نظام الخدمة المدنية ولا تثريب عليها في هذا الشأن.
7. ومن نافلة القول ، ان من متطلبات واجب أداء العمل بالنسبة للموظف العام، أن يخصص الموظف وقت العمل الرسمي كاملاً لأداء واجبات وظيفته ، ولا يعني تحديد ساعات العمل الرسمي، أنه لا يجوز تكليف الموظف بالعمل في أوقات أخرى غير تلك الساعات إذا تطلبت المصلحة العامة ذلك إذ الأصل “إن يكرس الموظف كامل وقته لأداء واجبات وظيفته، أي أن ينقطع لها سواء في الوقت الرسمي أو في غير الوقت المعين لها وتفريعا على ذلك تستطيع الإدارة أن تكلف الموظف بمباشرة بعض الاختصاصات المتعلقة بوظيفته في غير أوقات العمل الرسمي ، وليس له الامتناع عن ذلك وإلا وجبت مساءلته تأديبياً. وفي مقابل ذلك تقرر القوانين والأنظمة في كثير من الأحيان أن يتقاضى الموظف أجرا عن الأعمال الإضافية التي يطلب إليه تأديتها في غير أوقات العمل الرسمي، وأن كانت القاعدة التي تحكم هذا الأمر، أي أمر استحقاق الموظف أجراً عما جاوز أيام العمل الرسمية هو وجوب التزام حدود المخصصات المالية المقررة لذلك في الموازنة، فإن وجدت هذه المخصصات منح الأجر ، وبخلاف ذلك لا يمنح مثل هذا الأجر