الوزير السابق الحباشنة : لا يعقل ان يكون لدينا أعضاء مجالس إدارات يتقاضون رواتب بعشرات الالوف

84

نشر وزير الداخلية الاسبق سمير الحباشنة مقالا طالب فيه ان تتخذ الدولة قرارا جريئا بفك الارتباط بينها وبين شركات الكهرباء، سواء أكانت التوليد او التوزيع، وفق معادلة تفاهم تصل بنا الى إلغاء تلك الإتفاقات.

واضاف الحباشنة “ان خسارةُ لمرة واحدة، هي بالتأكيد أفضل من نزف مالي لا يتوقف جراء تلك العلاقة المجحفة بحق الدوله وغير المتكافئة بينها وبين تلك الشركات” .

وتاليا نص المقال :

بدايةً لا بد من الإشادة بالنجاح الكبير للدولة الأردنية،قيادةً وحكومةً وشعباً، في التعامل مع جائحة كورونا وفي محاصرة الوباء دون انتشاره على نحو واسع. فالاداء في هذا المجال يُسجل للدولة بأجهزتها كافة، الصحية الإدارية وللقوات المسلحة والأمنية، كقصة نجاح، خصوصاً وانها المرة الأولى التي يُفعل بها مركز أدارة الأزمات باعتباره وحدة التنسيق الاستراتيجي والعملياتي، بين كل الاجهزة المختصة في الظروف الاستثنائية.

لقد قامت الدولة بعملٍ مميز لم تقدر عليه دول أغنى وذات إمكاناتِ أكبر، فالوباء لم ينتشر وبقي محاصراً في دوائر ضيقة، إنها في الحقيقة تجربة قابلة للاحتذاء دولياً، ذلك أن الدولة استطاعت ان تتعامل مع الجائحة بموضوعية وبجدية، وبخطة ذات مراحل مدروسة. دون أن نغفل عن بعض الهنات لكنها في حدود معقولة، التي لم تؤثر على سلامة الأداء بشكل عام. هذا مع تثمين الدور الكبير للمواطنين في الإستجابة والتعاون، الذي يثبت بأن شعبنا يقف على مستوى عالِ من الإدراك والالتزام، و الانضباط الذي لابد يستمر الى ان تُستكمل المهمة، ويتم القضاء على الوباء كلياً.

والحقيقة أن هناك دروساً مستفادة من زمن الجائحة، منها سلوكٍنا الوقائيٍ، الذي أرجو أن يصبح جزءاً لا يتجزأ من ثقافتنا وعاداتنا الاجتماعية.

ولا بد كذلك من الإشارة بإيجابية إلى العون المالي المباشر الذي قدمه البنك المركزي لمساندة المؤسسات المالية والشركات الخاصة، لتمكينها من تجاوز مرحلة التوقف الإجباري عن العمل، مع أن هذا العون وكما صدر عن مسؤولين في غرفتي الصناعة والتجارة فأنه العون لم يصل الى الكثير ممن تضرروا، كذلك فإن المساعدات التي قدمها القطاع الخاص «مؤسساتٍ وأفراد»، كانت مهمة، ساعدت الدولة بتمكينها من تأمين المستلزمات الصحية والوقائية الضرورية، اضافة إلى تمكينها من تقديم معونات عاجلة، للعمالة اليومية والفئات الفقيرة، الذين ما كان لها دون مد يد المساعدة من أن تتمكن من تلبية أدنى احتياجاتهم المعيشية في ظل الجائحة. مع تسجيلنا عتباً لتواضع قيمة الدعم، ذلك أن حجم التبرعات خصوصاً من قبل اصحاب الثروات لم يرتق إلى المستوى المطلوب بالوقوف إلى جانب الوطن الذي أعطاهم كل ما حلموا به..

• وهنا أدلف إلى بعضٍ من أجزاء الصورة كما أراها التي ستكون دولتنا عليها حال انتهاء الجائحة.

أن الحالة الإقتصادية الصعبة المتعددة الاوجه والمزمنة والتي تعيش في ظلالها البلاد ومنذ عقود، سوف تزداد صعوبة، سواء في الأيام التي تلي انتهاء الجائحه أو في المستقبل المنظور. فعجز الموازنة سوف يتفاقم هذا العام كما اكد ذلك وزير المالية، نظراً لإنخفاض التحصيلات الضريبية والجمركية والرسوم بصورة حادة ودون ما هو متوقع. وأن النمو الاقتصادي لهذا العام سيكون على الأغلب سالباً، مما سيترتب
وذلك يدفعنا الى إقتراح ما يلي:

أولا:- إثارة الموضوع القديم الجديد الذي ما توقفت شخصياً وغيري الكثير من المطالبة بإصلاحه وهو موضوع المؤسسات المستقلة على اختلاف مسمياتها، والتي تكبد الدولة إنفاقاً سنوياً كبيراً غير مبرر، ينعكس سلباً على شكل عجوزات ضخمة متكررة ومتزايدة في موازنة الدولة من عام إلى آخر. وهذه المؤسسات لا يجب التوقف كثيراً عند إعادتها الى بيت الطاعة الحكومي، ولا داعي الى دراسات مفصلة خاصة لكل منها. هذا مع استثناء تلك المؤسسات الراسخة والقائمة منذ عقود، والتي اثبتت جدوى وجودها وخدمتها للتنميه والاستثمار والاستقرار المالي، مع إعادة ما تم الغاؤه رغم أهميتها مثل بنك الأنماء الصناعي. اما المستجدة منها والمشكلة في العقدين الأخيرين تحديداً فأنها كلها «مع استثناءات قليلة» عبارة عن درن غير حميد ضار نما على جلد الدولة تحت ضرورات براقة وجوفاء.

إن الأمر يتطلب اتخاذ قرار جريء وفوري، يقضي بإنهاء عمل تلك المؤسسات، بحيث تعود جميعها بكامل صلاحياتها وأعمالها ومنتسبيها الى جسم الوزارات صاحبة الإختصاص، بحيث يصبح موظفو هذه المؤسسات المستقلة جزءاً لا يتجزأ من الجهاز الإداري للدولة، وفق نظام الخدمة المدنية المعمول به. و قد يقول قائل بأن في ذلك ضربُ من عدم انصاف لموظفي هذه المؤسسات، واقول أن العودة عن الخطأ مهما تأخر أو كان صعباً لهو بالأمر الحميد. وحتى لا يكون الأمر مفاجئاً لمنسوبي هذه المؤسسات، يمكن اعطاء فترة سماح لمدة 6 اشهر على سبيل المثال، لأن يكيفوا اوضاعهم وحياتهم مع الوضع الجديد، وبعدها فإن للموظف حق الاختيار بين أن يستمر في إطار الدولة وهيكلتها الإدارية والمالية او الانسحاب مع ضمان تقاضيه لمستحقاته المنصوص عليها في القانون.

كما لا بد من أعادة النظر في مكافآت ورواتب ممثلي الدولة في الشركات التي تمتلكها الدولة الأردنية كلها أو جزء منها إذ لا يعقل ان يكون لدينا رؤساء وأعضاء مجالس ادارات يتقاضون رواتب خيالية بعشرات الألوف من الدنانير شهرياً في دولة تعيش كل هذا العوز والعجز مع هذا المستوى المتدني من الدخول حيث إن 90%من المواطنين يعيشون بأقل من خمسماية دينار شهرياً!

ثانياً: إن موضوع الطاقة وكما هو معلوم فأنه المسؤول عن الجزء الأكبر من النزف المالي المزمن الذي تتعرض له المالية العامة والذي يتم تغطيته بالقروض، و مرده عجز شركة الكهرباء الوطنية وتراكم خسائرها التي كانت بالمليارات في بعض الأعوام. ودون أن نبحث في الأسباب التي أدت الى ذلك، اقول اننا كنا قد أخطأنا خطأً فاحشاً وكبيراً عندما خصصنا قطاع الكهرباء على النحو الذي تم عليه. حيث قمنا بداية بتشطير هذا القطاع الى شركات ومن ثم بيع هذه الشركات بمقابلٍ مادي هزيل، وكأننا مثل مَن يريد ان يهاجر فيبيع اثاث منزله على قاعدة المثل القائل «مثل ما قالوا شالوا». لذا فأن المرحلة الحالية الاستثنائية وغير المسبوقة تقتضي تصويب هذا الخطأ، وأن يتم ذلك بأسرع وقت ممكن، وأن يكون البديل هو بإنجاز مشاريع الطاقة المتجددة سواء أكانت من الشمس او من الرياح وعلى المستوى الوطني، وفق خطة تكتمل بمدى زمني لا يزيد عن سنتين الى ثلاث سنوات بحيث ينتهي قطاع الكهرباء من الاعتماد على استيراد النفط او الغاز، ذلك لأن لدينا بحمدالله ثروة غير مستغلة وهي الطاقة الآتية من الشمس والرياح، والتي أثبتت جدواها وطنياً، حيث ان الكثير من مصانعنا ومؤسساتنا وجامعاتنا من قامت بالإعتماد على الطاقة المتجددة، اصبحت فواتير الكهرباء الخاصة بها تقترب من الصفر !، وأن هذا النموذج الذي نجح قطاعياً يُحتم علينا أن نسير بخطة سريعة ومدروسة لتوليد الكهرباء وفق هذا الترتيب.

وأعتقد ان الأمر يحتاج الى قرار جريء بفك الارتباط بين الدولة وشركات الكهرباء، سواء أكانت التوليد او التوزيع، وفق معادلة تفاهم تصل بنا الى إلغاء تلك الإتفاقات. ان خسارةُ لمرة واحدة، هي بالتأكيد أفضل من نزف مالي لا يتوقف جراء تلك العلاقة المجحفة بحق الدوله وغير المتكافئة بينها وبين تلك الشركات. كذلك لا بد من التوقف عن استيراد المركبات بأنواعها واختصارها على تلك الهجينة او الكهرباء.

هذا دون ان نغفل ان تبقى العين الوطنية مفتوحة على مشاريع الصخر الزيتي، بحيث يمكن التوسع بها حال ارتفاع أسعار النفط دولياً بحيث يصبح لنا مصدر دخل يتأتى من تصدير هذا النوع من النفظ فيما لو اصبح إلى استخراجه جدوى اقتصادية مقارنةً بالأسعار العالمية.

ثالثاً: لا بد من العمل على حماية الطبقات الفقيرة والفئات الدنيا من الطبقة المتوسطة، حيث لا يجوز أن نبقى في موقع المتفرج كدولة وحكومة على الغلاء وإرتفاع أسعار السوق. ذلك أن الأردن في التصنيفات الدولية المعتمده، هي أغلى دولة، وأعلى أسعاراً في المنطقة العربية بل ومنطقة الشرق الأوسط وافريقيا..! فهل هذا أمر طبيعي !؟

أن ذلك يتطلب إعادة النظر في دور القطاع العام، وضرورة إعادة تدخله في حركة السوق بحيث نعود الى المعادلة السابقة التي كانت معتمدة في الدولة الأردنية قبل التسعينات، أي التحول من السوق الحر المنفلت السائد حالياً الى السوق الحر المنضبط، ذلك انه لا يجوز ان تبقى الأسعار وغلاء المعيشة بهذا المستوى العالي وغير المبرر، ولا يجوز الإبقاء على اطلاق يد القطاع الخاص حرةُ بوضع الأسعار بالصورة التي يراها مناسبة، لتحقيق نسب أرباح كبيرة على حساب مواطني الدولة وبالذات المواطنين، من الفئات الفقيرة والدنيا من الطبقة المتوسطة.

أن القطاع العام وذراعه المتمثل بالمؤسستين المدنية والعسكرية، هي نوافذ تسويقية موجودة في كل القرى و البوادي و المخيمات والمدن، هذه النوافذ لا بد من دعمها، وقد يقول قائل من اين نأتي بهذا المال وأجيب اننا يمكن ان نجمع كل ما تقدمه الدولة من دعم إلى القطاعات المختلفة وأن يخصص المبلغ بكليته الى هاتين المؤسستين، ليس على طريقة الدفع النقدي انما عبر تسهيلات جمركية وإعفاءات من ضريبة المبيعات والرسوم، هذه المؤسسات وحين يقدم لها هذا الدعم فإنها تكون قادرة على توفير الحصة التموينية لكل مواطن أردني من الفئات المستهدفة بالدعم بأسعار مناسبة لدخولهم المتدينة أصلاً.

ولنقل أن الأسرة المستهدفة في هذه المعادلة، هي دخلُها الذي يقل عن ألف دينار تبعاً لعدد أفراد الأسرة وبأسعار مقدور عليها، بأسعار تتناسب ودخولهم المتدنية !، هذا الأمر من شأنه تأمين مواطنينا بحصة غذائية كافية من الكيبوهيدرات والبروتين والعناصر الغذائية الأخرى، بحيث نجنبه نقص الغذاء الذي يعاني منه اليوم اكثر من 55 مليون عربي، وأن من شأن ذلك مجابهة الفقر الذي تعاني منه بنسبة كبيرة من عدد السكان في الأردن، أن هؤلاء يأكلون ولكن طعامهم به نواقص كثيرة لا تجعل من الجسم ومن العقل بسوية المناسبة والطبيعية لأن يستطيع القيام بأعماله والحفاظ على صحته.

أن من شأن هذا القرار على الجانب الآخر ان يكبح جماح الأسواق بحيث تخفف من غلو إرتفاع الأسعار وبالتالي خلق حاله من التوازن بحيث يحقق القطاع الخاص أرباحاً معقولة لكنها غير مجحفة بحق المستهلكين، إننا بهذا الإقتراح لا نخترع العجلة ولا نطلب المستحيل، انما هو عمل تقوم به دول الخليج العربي برغم رفاهية عيش مواطنيها وارتفاع دخولهم !، كما انه اسلوبٍ لجأت إليه كثير من الدول في المراحل الاستثنائية والصعبة حماية لمواطنيها وتمكينهم من التحصل على الغذاء الكافي والمفيد، و مثال في ذلك تجربة ألمانيا وبريطانيا خلال وبعد الحرب العالمية الثانية وتجربة العراق عربياً إبان الحصار الاقتصادي الذي وقع عليه لاكثر من عقد من الزمن.

إننا مقبلون في الأردن على مرحلة تقتضي منا الذهاب إلى هذا الحل حماية لمواطنينا وخلق حالة من التوازن الإقتصادي وتخفيض مستويات غلاء المعيشة الذي تشكو منه الدولة الأردنية منذ عقودٍ طويلة. أن تأمين مواطنينا بالغذاء سوف يجعلهم اكثر قدرة على تحمل أي قرارات صعبة ضرورية لتنفيذ برنامج الاعتماد على الذات، دون هزات اجتماعية قد تترافق مع تلك القرارات..

رابعاً: وإن على الحكومة أن تعيد النظر بإجراءاتها المتعلقة بتنظيم قطاع العمل بالعلاقة ما بين العمالة الوافدة والعمالة المحلية، وهو أمر يحتاج الى انظمةٍ غير قابلة للاختراق من قبل العمالة الوافدة وتسللها الى الوظائف والأعمال المخصصة للأردنيين، ولدينا في هذا المجال تجربة دول الخليج العربي التي نجحت واستطاعت ان تحول دون ولوج العمالة الوافدةالى اشغال الوظائف المخصصة لمواطني هذه الدول، بما في ذلك ترتيب إجراءات الإقامة، وأن يترافق ذلك مع وضع أنظمة لحماية العمالة الوطنية وعدم استغلالها من أصحاب العمل الذين يحبذونَ العمالة الوافدة لأن متطلباتها قليلة خصوصاً في ما يتعلق بالأجور وبساعات العمل وبالإجازات، الأمر الذي يُحتم تمكين العمالة الوطنية من أن تتحصل على أجور معقولة والتمتع بالامتيازات الواردة في قانون العمل، وفي كل القطاعات بلا استثناء.

خامسا: وعلى جانب آخر فإننا مطالبون بوقفة جدية لتفعيل أدوات ملاحقة التهرب الضريبي، حيث تقضي الدراسات المعلنة والوثيقة، أن التهرب الضريبي في الدولة الأردنية يكلف الخزينة على الأقل حوالي المليار دينار سنوياً، وهذا أمر يمكن تجاوزه اذا ما اتبعنا أدوات تحصيل ضريبية متينة بلا ثغرات وبلا امكانية للتجاوز او التلاعب كما تفعل دول كثيرة في هذا المضمار مع تشديد العقوبات، و للعلم أن الكثير من الدول توازي بين التهرب الضريبي والخيانة.

وأن مبدأ الضريبة التصاعدية والذي هو جزء من الدستور الأردني، مبدأُ لا بد أن نعود لتطبيقه وهو على أي حال مبدأ معمول به في أغلب الدول الغربية ذات الاقتصاد الحر.

سادساً: إن الزراعة وقطاعاتها المختلفة النباتية والحيوانية والتصنيعية، بحاجة الى اهتمام من نوع خاص، فالزراعة هي الركن الأهم و في صلب برنامج الاعتماد على الذات، فاذا توفر غذاء المواطنين بكميات كافية وبجودة عالية وبأسعار معقولة، فأن نجاحنا في خلق ديمومة البقاء على نحو مستقل قد يكون تحققَ جزؤها الأهم.و أجزم كصاحب تجربة متواضعة بهذا الشأن أن ذلك ممكن شريطة توفر رؤية متكاملة لهذا القطاع، تأخذ بعين الاعتبار التنوع في الإنتاج وخفض كلفة المنتج والتأمينات عليه، واداء تسويقي عادل بين المنتج والمستهلك. أنها امور مقدور عليها و سبلها معروفة وهي من واجبات الحكومة اولاً وأخيراً.

سابعاً: إن علينا ان نسعى إلى إزالة كافة المعوقات في وجه النشاطات الاقتصادية «تصديراً واستيراداً وأستثماراً » مع الدول العربية الشقيقة وبالذات الدول المجاورة واقصد هنا لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ومصر إلى جانب دول الخليج. والسعي من خلال الجامعة العربية إلى تفعيل السوق العربية المشتركة ومؤسسات الجامعة العربية الإقتصادية والإجتماعية، وزيادة التجارة البينية بين الدول العربية، ذلك أن حجم التجارة البينية بين الدول العربية هو متواضع جداً إذا ما قارناه بعلاقة كل دولة على حدة مع الدول الأجنبية.

ثامناً: إن على الدبلوماسية الأردنية ان تراقب المتغيرات في المشهد الدولي وأن تعمل على تفعيل دعوة جلالة الملك عبد الله الثاني الذي قدمها مؤخراً بإعادة قراءة العلاقات الدولية وتكاتفها في ضوء هذه الجائحة وما نجم عنها من سلوكاتٍ أضرت بالتعاون الدولي بشكل عام. وأعتقد أن دعوة جلالة الملك بشقها العربي هي الأكثر أهمية وأمكانية للتحقق، فالعرب يشكلون إقليماً واحداً متجانساً إلى حد بعيد وأعتقد بأن هذا الإقليم وإن تم تفعيل بنود ومفاهيم السوق العربية المشتركة وتشجيع التجارةِ ما بين بلدانه والسماح وبلا قيود لحركة المواطنين والبضائع و إعطاء الأستثمار العربي أولوية، فإننا نتمكن معاً من وضع تنمية متوازنة يعود خيرها على الجميع.

وفي نفس السياق فإن مصلحة الدولة الأردنية ولخصوصية وضعها وصغر حجم اقتصاداتها ووضعها الجيو سياسي فإن عليها أن تحافظ على سياسية وسطية بعيدة عن المحاور الدولية القائمة او المحاور التي يمكن ان تتشكل ما بعد كورونا، إن علينا أن نبقي نوافذنا مفتوحة على الجميع وأن نبني علاقات دبلوماسية متوازنة مع الجميع على قاعدة المصلحة اردنية.

كما أن الوسطية وعدم الاصطفاف سياسة تُمكن الأردن من تعزيز مصداقيته وأن يلعب دوراً مهماً سواء على الصعيد الإقليمي وقضاياه، أو على الصعيد الدولي بشكل عام.

وفي النهاية فإن علينا ان نتنبه إلى سلوك إسرائيل تجاه الأردن والعمل على تحصين بنانا الداخلي وتعضيد وحدتنا الوطنية فإسرائيل وفي ظل رفض الأردن الرسمي والشعبي لصفقة القرن سوف تعمل على نقل معركتها مع الشعب الفلسطيني الذي يقف صامداً ومناضلاً في ظروف صعبة من أجل الوصولِ الى حقوقه الوطنية المشروعة، سوف تسعى إسرائيل الى نقل هذه المعركة وتغيير شكل الصراع من صراع عربيٍ فلسطيني – إسرائيلي إلى صراعٍ عربي – عربي.

إن الدعوات والتحريضات المشبوهة التي تصدر عن قادة وجنرالاتٍ وإعلاميين في إسرائيل إنما هي مقدمة لعملٍ ما، تسعى له إسرائيل يسعى الى الولوج الى الداخل الأردني والعبث بوحدته الوطنية، الأمر الذي يحتاج إلى أفعال رسمية تتمثل بإصلاح سياسي وخصوصاً على قانوني الأحزاب والانتخابات بقصد توسيع المشاركة الشعبية وتحقيق العدالة بين المواطنين، والتوقف عن الانتقائية والعبث بموضوع اللامركزية. فإن في كل ذلك فائدة من شأنها تقوية الجبهة الداخلية، وتعزيز الانتماء الوطني ورفع مستوى اليقظة الشعبية لمواجهه تلك المخاطر المحتملة.

اترك رد