د. موسى الشتيوي يكتب: هل تم إفشال مشروع الضم لنتنياهو؟
لقد بات واضحًا أن مشروع نتنياهو لضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن قد أصبح محاصرًا أكثر من أي وقت مضى، وبات مشكوكًا في قدرته على تنفيذ وعده الانتخابي بذلك حيث تتضاءل احتمالات الضم مع اقتراب الموعد المحدد لذلك. هناك أسباب كثيرة أدت إلى ضعف قدرة نتنياهو بتحقيق وعوده بالضم منها الإقليمي والداخلي والعالمي.
بداية، فقد كان لموقف الأردن الجذري والصلب في معارضة مشروع الضم أهمية كبيرة في ذلك حيث صعد جلالة الملك بخطابه المعارض واضعًا العلاقات الأردنية الإسرائيلية وخاصة اتفاقية السلام على المحك؟ لقد شكل هذا الموقف جرس إنذار لإسرائيل والمجتمع الدولي لخطورة الضم ليس فقط على فرص حل الدولتين وإنما أيضًا على عملية السلام برمتها والاستقرار الإقليمي. بالإضافة لذلك، فقد قاد جلالة الملك حراكًا سياسيًا منظمًا استهدف المجتمع الدولي برمته ولكن مع تركيزه على الأطراف الدولية الفاعلة كالاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة محذرًا ومنبهًا لخطورة عملية ضم الأراضي الفلسطينية. وبالرغم من العلاقة الفاتره مع الرئاسة الأميركية بسبب صفقة القرن إلا أنه استطاع أن يتوصل مع كافة القوى الفاعلة في الولايات المتحدة كالكونغرس ومجلس الشيوخ والذي تمخض عن حراك غير مسبوق لأعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ في إبداء معارضتهم لعملية الضم وتأكيدهم على حل الدولتين بالإضافة لموقف المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية برفضه لعملية الضم وتمسكه بمبدأ حل الدولتين.
كذلك، فقد أبدى الاتحاد الأوروبي وأطراف عديدة بالولايات المتحدة بما فيها بعض الجماعات اليهودية تحفظها على مشروع الضم، وأحياناً وخاصة من بعض دول الاتحاد الأوروبي التلويح بالعقوبات أو بالاعتراف بدولة فلسطين وهذه مواقف لا يستطيع نتنياهو تجاهلها لأنها دول صديقة لإسرائيل وموقفها يؤثر على المصالح السياسية والاقتصادية الإسرائيلية.
هناك عامل لا يمكن إهماله وهو موقف الإدارة الأميركية المتردد أو المنقسم حيال مسألة الضم حيث أن ترامب كان قد أكد على أن الضم هو جزء من صفقة القرن ويجب على إسرائيل الالتزام بكامل بنود صفقه القرن تأكيدها على ضرورة موافقة غانتس شريك نتنياهو بالحكومة على الضم والذي لا يوافق حتى الآن على خطة نتنياهو بتفاصيلها المعروفة وهذا مؤشر على أن الإدارة الأميركية تريد من نتنياهو التريث في عملية الضم أو تأجيلها لمرحلة لاحقة.
لكن المواقف السابقة أدت إلى بروز اختلافات داخل النخبة الإسرائيلية وخاصة العسكرية منها لإدراكها مخاطر الضم على العلاقة مع الأردن وعلى الاستقرار السياسي في الضفة الغربية.
نتنياهو بات يسابق الزمن الآن فمن جانب يخشى أن لا يتم انتخاب دونالد ترامب لولاية ثانية وبالتالي يصبح مشروع الضم وصفقة القرن في مهب الريح ومن جانب آخر يتنامى الضغط الداخلي والأردني والفلسطيني والدولي لعدم الضم. كل ذلك لا بد أن يؤثر على قدرته على تنفيذ وعوده بالضم والاحتمالات باتت مفتوحة فإما أن يقوم بعملية ضم جزئية أو يحل الحكومة الائتلافية ويذهب إلى انتخابات مُبكرة تضمن له الحصول على أغلبية برلمانية تمكنه من تنفيذ مخططه قبل رحيل ترامب المتوقع. قد يكون خطر الضم قد تأجل ولكنه لم ينته كليًا مما يتطلب الاستمرار في حشد الجهود لإسقاطه.