تحت الحظر “تقرير يكشف حالة حرية الإعلام خلال جائحة كورونا”
أكد مركز حماية وحرية الصحفيين أن قانون الدفاع وأوامره والإجراءات الحكومية اللاحقة أدت إلى الحد من تدفق معلومات متنوعة ومتعددة المصادر للإعلاميين والجمهور.
واعتبر “حماية الصحفيين” أن حظر التجول الشامل والجزئي قيد حركة الإعلاميين والإعلاميات مبيناً أن منح تصاريح المرور والحركة لم يستند الى معايير واضحة ومعلنة.
وقال “حماية الصحفيين” في تقرير أصدره تحت عنوان “تحت الحظر.. حالة حرية الإعلام في الأردن في ظل جائحة كورونا” أن وسائل الإعلام تعرضت للخسائر، وان توقف الصحف عن الطباعة أدى لتوقف إيراداتها وتهديد الأمن المعيشي للصحفيين.
وبين التقرير أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يتيح للدول اتخاذ تدابير استثنائية تضع قيودا على بعض الحقوق لحماية السلامة والصحة العامة شريطة أن يكون لها أساس قانوني، وتكون ضرورية للغاية، وبناء على أدلة علمية، ولا يكون تطبيقها تعسفيا ولا تمييزياً ولفترة زمنيه محددة، وفي كل الاحوال يجب ان تحترم كرامة الإنسان وتكون قابلة للمراجعة ومتناسبة من أجل تحقيق الهدف المنشود.
ونوه التقرير الى ان الاجراءات الاحترازية التي اتخذت عند التعامل مع وسائل الإعلام لم تكن جميعها مبررة، ولم تستند إلى أدلة علمية، مشيرا الى ان قرار مجلس الوزراء بوقف طباعة الصحف لا تتوفر له الأدلة العلمية الكافية إلى أن المواد المطبوعة يمكن أن تساهم في نقل العدوى بفيروس كورونا، كما أن الحد من حركة الصحفيين وتقييدها بتصاريح مرور لم يحصل عليها كل الصحفيين ولم تحظ برضاهم جميعاً وربما لا تتوافق مع الضمانات الدولية التي تتيح للصحفيين حقهم بممارسة عملهم بحرية، مشيراً إلى أن هذا الاجراء تعرض للانتقاد والمعارضة، وأن الصحفيين طالبوا باعتماد البطاقة الصحفية للمؤسسات الإعلامية في تنقلهم وحقهم في ممارستهم لمهنتهم.
ويركز القسم الأول من التقرير الذي يغطي الفترة منذ إعلان قانون الدفاع في 19/3/2020 واستمر حتى 9/6/2020 تاريخ تخفيف الإجراءات ورفع الحظر بشكل واسع على الالتزامات القانونية والحقوقية المتعلقة بحرية الإعلام وحق الحصول على المعلومات في المعايير الدولية، في حين يضيء القسم الثاني على الإجراءات والتدابير الواردة في قانون الدفاع وأوامره وأثرها على حرية الإعلام، ويرصد القسم الثالث الانتهاكات التي وقعت على وسائل الإعلام والصحفيين والصحفيات خلال الجائحة، فيما يعرض القسم الرابع استطلاع رأي للصحفيين في السياسات الإعلامية للحكومة خلال جائحة كورونا والتحديات التي واجهتهم، وينهي التقرير قسمه الخامس في عرض لتفاصيل جلسات العصف الذهني والمقابلات المعمقة لمناقشة ما حدث مع الإعلام خلال الجائحة.
التقرير وثق ورصد وقوع 17 انتهاكاً خلال أزمة كورونا تضمنت 11 انتهاكاً تعرض لها ثلاث صحفيين في حين كانت الحالة الرابعة جماعية.
واعتبر 45.9% من الصحفيين الذين شاركوا بالاستطلاع أن تصاريح المرور والحركة شكلت تقييداً على حرية عمل الصحفيين في حين أعرب 27% عن عدم رضاهم عن نظام التصاريح على الإطلاق.
وبين الاستطلاع الذي شارك به 159 صحفياً أن 8.8% منهم يجدون أن أداء الحكومة في التعامل مع وسائل الإعلام كان ممتازاً بينما يجده 17.6% ضعيفاُ، و35.8% يعتبرونه جيداً، و37.7% يصفونه بالمتوسط.
ويرى 22% من الإعلاميين المشاركين بالاستطلاع أن الحكومة ضمنت تدفق معلومات ذات مصداقية إلى درجة كبيرة سواء إلى الجمهور أو وسائل الإعلام بينما معظم الاجابات 70% قالوا أن الحكومة ضمنت تدفق معلومات بدرجة قليلة ومتوسطة.
وكشف وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العضايلة خلال جلسة نقاش مع نخبة من الإعلاميين والإعلاميات نظمها مركز حماية وحرية الصحفيين لغايات إعداد هذا التقرير أن الحكومة لمست خلال جائحة كورونا ضعف قدرات المؤسسات العامة في التعامل مع وسائل الإعلام.
وقال أن ضعف وغياب التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام زاد من التحديات في إدارة الاتصال مع المنابر الإعلامية.
وأكد أن الدولة الأردنية كرست جهودها خلال الجائحة للوصول للمواطن من خلال الإيجازات الصحفية التي اعتبرها أداة مهمة في ضمان تدفق المعلومات مشيراً إلى أن إجراءات الوقاية والسلامة العامة حالت دون تواجد الصحفيين في الإيجاز.
وقدم التقرير 19 توصية أولها وقف العمل بقانون الدفاع وأوامره بالإضافة إلى حث الحكومة إلى تطوير استراتيجيات إعلامية للمؤسسات العامة وبناء قدراتها في الاتصال، وكذلك تأسيس صندوق مالي لدعم وسائل الإعلام المستقلة.
وفي تفاصيل التقرير بين أن الحكومة وبعد المصادقة على قانون الدفاع أصدرت أوامرها بحظر التجول الشامل والجزئي الذي يمنع ويحدد الساعات المسموح بها بالتجول والحركة، ومنعت طباعة الصحف الورقية خوفاً من تسببها بنقل عدوى الإصابة بفيروس “كورونا”، وأجازت للإعلاميين والإعلاميات التحرك لممارسة مهنتهم من خلال إصدار تصاريح مرور تسمح لهم باستخدام سياراتهم للتنقل لتغطية الأحداث، وأسندت هذه المهمة لرئاسة الوزراء، والمركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، وهيئة الإعلام التي تواصلت مع المؤسسات الإعلامية المرخصة “المسجلة” لديها لغايات تنظيم إصدار هذه التصاريح وفق معايير تتعلق بحجم وطبيعة عمل المؤسسات الإعلامية، لكنها لم تعلن ولم تنشر.
وقال مدير هيئة الإعلام السيد ذيب القرالة أن الهيئة منحت 900 تصريحً ورقي في أول يوم لحظر التجول، ثم ألغيت التصاريح الورقية وحلت بدلاً عنها التصاريح الإلكترونية.
وأضاف التقرير أن الحكومة توقفت عن عقد المؤتمرات الصحفية للإبلاغ عن تداعيات فيروس “كورونا”، ولجأت إلى تنظيم إيجاز صحفي يومي في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات يُعلن فيه وزيرا الدولة لشؤون الإعلام والصحة عن الوضع الصحي وعدد الإصابات، والتعليمات وأوامر الدفاع، وقد شهد هذا الإيجاز في بعض الأحيان مشاركة بعض الوزراء ليتحدثوا في الشؤون المنوطة بمهامهم، وتعاملت الحكومة مع المعلومات الصادرة من طرفها باعتبارها كافية لإعلام الجمهور ووسائل الإعلام بما يُستجد من أخبار ومعلومات عن الفيروس.
وأشار إلى أن الحكومة لم تلتفت كثيراً وحتى وقت متأخر للسياسات الإعلامية الواجب اتباعها في مثل هكذا ظروف، ولم تعلن خطتها أو استراتيجيتها لمواجهة الأزمة، ولم تدقق في أن أمر الدفاع رقم (8) يشكل قيداً على حرية التعبير والإعلام، ولجأت إلى توقيف صحفيين استناداً إلى أوامر الدفاع و/ أو مواد قانونية بالتشريعات النافذة لا تتواءم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، والالتزامات القانونية بشأن حرية الرأي والتعبير والحصول على المعلومات.
ورغم أن الحكومة حظيت بتفهم وسائل الإعلام والجمهور خاصة في الأسابيع الأولى للجائحة لفرض بعض القيود والتدابير الطارئة، إلا أن الأصوات المنتقدة بدأت تتعالى لمراجعة آليات تعامل الحكومة مع حرية التعبير والإعلام خلال هذه الجائحة.
وفيما يتعلق بتدفق المعلومات قال التقرير أنه مع بدء جائحة كورونا وإعلان حظر التجول وإغلاق المؤسسات العامة والخاصة، فإن حركة الصحفيين تعرضت هي الأخرى لتقييد، وباستثناء الإعلاميين والإعلاميات الذين منحوا تصاريح مرور، فإن البقية تعذر عليهم التنقل، وهذا الأمر انسحب على توقف الحكومة بما فيها وزير الدولة لشؤون الإعلام عن عقد مؤتمرات صحفية لتغطيتها، وأصبحت القناة الوحيدة لمرور المعلومات للصحفيين من وزير الدولة لشؤون الإعلام، ويشاركه بها وزير الصحة إن كانت تتعلق بفيروس “كورونا”، وبشكل أقل لجنة الأوبئة التابعة لوزارة الصحة، ومدير عمليات خلية أزمة كورونا العميد مازن الفرايا، الأمر الذي حال دون توجيه الأسئلة المباشرة من الصحفيين.
ولفت إلى أن تدفق المعلومات إتسم بالمركزية، فالإيجاز الصحفي لم يكن يعقد بحضور الصحفيين لتوجيه الأسئلة، بل كان يبث فوراً عبر قنوات التلفزة المحلية (قناة المملكة، التلفزيون الأردني، قناة رؤيا، والحقيقة الدولية) التي سمح بتواجد كاميراتهم في مركز الأزمات مكان انعقاد الموجز الصحفي.
وأشار إلى أن أمر الدفاع رقم (8) الذي غلظ العقوبات على من يتهم بترويج الشائعات شكل ضغطاً غير مسبوق على وسائل الإعلام، ودفعها للتريث قبل نشرها أي معلومة، خاصة فيما يناقض معلومات أجهزة الدولة حول الحالة الوبائية ومعدل الإصابات على سبيل المثال.
وقال التقرير أن توقيف مدير عام ومالك قناة رؤيا فارس الصايغ، ومدير الأخبار في القناة “محمد الخالدي” إثر بث تقرير متلفز اعتبر تحريضاً على خرق أوامر الدفاع شكل تهديداً مباشراً لكل الإعلاميين والإعلاميات، ودفعهم لأخذ الحذر أكثر، وزاد من منسوب الرقابة الذاتية والمسبقة على المحتوى الإعلامي.
وأشار التقرير إلى الخسائر المادية التي تعرضت لها وسائل الإعلام بسبب قرار وقف طباعتها والتراجع في مدخولاتها من الإعلانات، وتعرض عدد من الصحفيين/ ات للفصل التعسفي من قبل إدارات مؤسساتهم الإعلامية بدعوى تلك الخسائر التي منيت بها نتيجة أوامر الدفاع لمواجهة فيروس “كورونا” وغياب أي تعويض لها من قبل الحكومة، كما شكى العديد من الصحفيين/ ات من قرارات الفصل من العمل أو تراجع دخلهم المالي.
وقد أكد ناشرون ورؤساء مجالس إدارات الصحف اليومية المطبوعة في المقابلات التي أجريت لأغراض إعداد هذا التقرير أن قرار وقف طباعة الصحف الورقية تحسباً من انتقال عدوى فيروس كورونا أدى إلى خسائر تصل إلى 100% من إيراداتها.
وعلى نحو مشابه؛ أظهرت نتائج الاستطلاع المخصص لهذا التقرير حول أداء الحكومة وتحديات الإعلاميين خلال جائحة “كورونا” أن وسائل الإعلام تواجه تحديات متزايدة خلال الجائحة وعلى الأرجح ستستمر بعدها، حيث يرى غالبية الصحفيين المستطلعين وبنسبة (73.5%) أن أهم تحدي يواجهها هو تراجع الإيرادات المالية، يليه (66%) تراجع الإعلانات التجارية، ومن ثم توقف إمكانية توزيع الصحف والمجلات المطبوعة (51.5%)، ويأتي بعدها كل من تخفيض رواتب ومكافآت الاعلاميين والاعلاميات والتهديد بالاستغناء عن الإعلاميين والإعلاميات على التوالي.
ووثق التقرير الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيين في الفترة من 17/3/2020 وحتى 10/6/2020 وقوع 4 حالات تضمنت 17 انتهاكاً تعرض لها 4 إعلاميين، منها 3 حالات فردية تمثلت بـ توقيف مدير عام قناة رؤيا “فارس الصايغ” ومدير أخبارها “محمد الخالدي”، واعتقال مراسل التلفزيون البنغالي “كبير سالم” أو ما يعرف عن نفسه “سليم عكاش” بسبب تقرير عن الظروف المعيشية لعمّال بلاده في الأردن أثناء حظر التجول، والاعتداء على مصور صحيفة الغد اليومية “محمد المغايضة” ومنعه من تغطية حدث وصول طلبة أردنيين عائدين من الخارج بسبب جائحة “كورونا”، وحالة جماعية واحدة تمثلت بتعميم وجه إلى مديرية الشؤون الصحية ومدراء المستشفيات بمنع التصريح لوسائل الإعلام إلا بموافقة وزارة الصحة.