طمع المناصب وفجع الرواتب

72

جميل النمري

ردود الفعل الغاضبة والمستنكرة لكل حادثة تعيين لمنصب ما في الاردن تجعلك تشعر أن كل أردني كان مؤهلا ومرشحا للمنصب الذي ذهب غيلة وغدرا إلى نكرة تسلل من الباب الخلفي للمحسوبية والفساد. لا ينجو من تسونامي ردة الفعل هذه إلا الاحلال التلقائي ضمن تراتبية المناصب والتقادم الوظيفي كأن يأتي مثلا نائب المدير محل المدير المحال للتقاعد. لكن ماذا نفعل بمبادئ الكفاءة والتميز والمنافسة والحوافز التي اصبحت من مبادئ الإدارة الحديثة؟! ناهيك أن الكثير من المناصب ليس لها تراتبية وتقادم وظيفي وخذ مثلا المناصب الاستشارية وعضوية المجالس وهيئات المفوضين ومنها آخر منصبين ثارت حولهما زوبعة من ردود الفعل لعضوية هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن.
قبل مناقشة سلامة وعدالة التعيينات يجب أن أقول أن مستوى الرواتب والامتيازات لرئاسة وعضوية بعض المجالس والهيئات هي مما يسيل له اللعاب، مع انها في الغالب لا تتطلب دواما كاملا ولا عملا مرهقا. فتصبح الأعين مركزة عليها ويتم حجزها كوجاهة للمحاسيب او كتنفيع عالي القيمة أو تعويض فاخر لمن غادر منصبا أو أحيل على تقاعد.
وفي فترة معينة توالدت الكثير من الهيئات وعضوية مجالس إدارات بحيث توفرت مئات المناصب الممتازة التي يمكن تدوير المحاسيب عليها وتلبية الاسترضاءات وأيضا تنفيع مسؤولين بعضوية مجالس تعود ببضعة آلاف «حلوين» من الدنانير. لكن تطبيق نظام الخدمة المدنية على الهيئات المستقلة وتقليص عددها وخصخصة الشركات ساهم في تقليل المناصب والامتيازات المتوفرة ومن فترة قريبة تم تقليص حق الوزراء ومن هم في مرتبتهم في عدد عضويات أو رئاسة مجالس شركات.
ينبغي التنبيه بالمناسبة ان الرواتب والمكافآت لرؤساء وأعضاء مجالس الادارة للبنوك والشركات المساهمة الكبرى هي أكثر، ومن وجهة نظري لا يجوز ان تبقى خارج المساءلة رغم الاعتراض بأنها تتبع القطاع الخاص. لكن لنترك هذا لمقال آخر ونعود للقطاع العام، لأقول أن الخطوة الأولى لسحب التوتر هو تقليص الرواتب والامتيازات لهذه المناصب وإنهاء وضع التفرغ للعضوية حيثما أمكن لتصبح على غرار عضوية مجلس إدارة الإذاعة والتلفزيون، او مفوضي المركز الوطني لحقوق الإنسان. حيث لا رواتب بل مكافآت محدودة على الجلسات. وأذكر أنني كنت لسنوات عضوا في المجلس الأعلى الاعلام وكنا نحصل على مكافأة لا تزيد عن ٢٠٠ دينار شهريا.
بعد ذلك يمكن تطبيق اعراف شفافة للتعيينات وليس بالضرورة ان تكون فقط الامتحانات وفوق ان هذه الطريقة يمكن ان تكون شكلية وخادعة فهي – ولنكن صرحاء – لا تصلح للتطبيق على جميع المناصب.

اترك رد