مغتربون عالقون: عودتنا مؤجلة .. ومصير أبنائنا في المدارس مجهول

69

الأردن اليوم-تخبط وحيرة وقلق وغياب القدرة على اتخاذ القرار، هي المشاعر التي تسيطر على داليا أحمد التي تعيش في إحدى الدول الخليجية وتنوي العودة الى الأردن مع عائلتها بعد فقدان زوجها وظيفته بسبب جائحة كورونا؛ إذ تخاف على مستقبل أبنائها ولا تعرف أي قرار صائب ينبغي أن يُتخذ بحقهم ويصب بالنهاية في مصلحتهم.

داليا تبين أن المشكلة الأولى والرئيسية هي أنه لا يوجد قرار واضح وصريح صدر حتى الآن، وعلى أساسه يمكنهم حسم قرار العودة وترتيب تفاصيل الحياة بناء عليه، مبينةً أنها ما تزال حتى الآن لا تعرف متى سيتم بدء العام الدراسي الجديد بالأردن، وما إذا كان دواما نظاميا كما كان قبل أو من خلال التعلم عن بعد.

ذلك وغيره، من الأمور العالقة التي جعلت داليا وزوجها يقفان مكتوفي الأيدي حول مستقبل أبنائهما المجهول، لافتةً أنها في نفس الوقت لا تستطيع إبقاءهم في مدرستهم بالبلد الذي يقيمون به، فزوجها لم يعد يعمل وهم بحاجة الى العودة لوطنهم، وفي الوقت ذاته تخاف من القرارات الأخيرة المفاجئة التي قد تجعلها غير قادرة على تسجيلهم في آخر لحظة بالمدرسة وبالوقت المحدد.

ولعل حالة التخبط هذه التي تعيشها داليا، ليست عليها وحدها، كون إسماعيل عبدالله هو شخص آخر يعيش في أحد البلدان الخليجية، وقرر عودة عائلته الى الأردن بسبب سوء الأوضاع المعيشية الصعبة في البلد التي يعيش بها، غير أنه ما يزال ينتظر قرارا واحدا مؤكدا عن بدء العام الدراسي لمعرفة الطريقة الصحيحة للتصرف بدون أن يضر في مصلحة أبنائه.

يقول إسماعيل “لو كان ما نقرؤه على مواقع التواصل الاجتماعي بأن بدء العام الدراسي سيكون في 10 آب (أغسطس) المقبل، فإن مدة الحجر المخصصة ما بين مكان الحجر والبيت تقارب 28 يوما، ولو أرسلت عائلتي اليوم الى الأردن لن يكون باستطاعتهم الالتحاق بالعام الدراسي من أوله”.

الى ذلك، فإن الحاجة لكي يأتي للأردن ويختار المدرسة المناسبة لأبنائه تتطلب وقتا، فضلا عن التكلفة المادية التي ستقع على كاهله في هذه الفترة، وما يتطلب من غيابه الطويل عن عمله بهكذا ظروف صعبة، ذلك عدا عن البعد النفسي والوقت الذي يحتاجه أبناؤه للاندماج في مدارس جديدة بعد أن أمضوا حياتهم بمدارس في بلاد أخرى.
ويرى إسماعيل أن هنالك حالة تخبط وتأخر في القرارات لا تخدم المغتربين على الإطلاق وتجعلهم يختبرون القلق والتوتر، عدا عن الأزمة التي يمرون بها بسبب غياب الاستقرار الوظيفي.

ولعل حالة التخبط والتأخر في أخذ القرارات وتحديد موعد العام الدراسي الجديد، كلها أمور لن تصب في مصلحة المغتربين، وستجعلهم، بحسب وصفهم، “الضحية” في هذه الأزمة وتبعاتها.

وفي ذلك، يرى الخبير والاستشاري التربوي الدكتور عايش النوايسة، أن أزمة كورونا أفرزت مشكلات متعاقبة في قطاع التعليم مست جميع فئات المجتمع، وقد كان نصيب المغتربين من هذه المشكلات كبيرا؛ إذ فقد الكثير منهم وظائفهم وأصبحت العودة للوطن حتمية، وأهم المشكلات تتعلق بتعليم الأبناء وعودتهم إلى مقاعد الدراسة.

ووفق النوايسة، ما تزال وزارة التربية تصدر تصريحات وسيناريوهات غير واضحة حول بدء العام الدراسي، وناقشت تصورات محتملة لعودة التعليم في المدارس، وهذه التصورات المدى الزمني لها قريب جدا، في الوقت الذي ما تزال فيه مشكلة المغتربين وأبنائهم عالقة، وكيف سيتم التوفيق ما بين بدء العام الدراسي في المدى القريب ودخولهم الحجر لمدة 28 يوما في المكان المخصص، فضلا عن الحجر المنزلي.

ويشير النوايسة الى أنه على وزارة التربية والتعليم وبأسرع وقت، إعلان إجراءات بدء العام الدراسي، كذلك إعلان البروتوكول الخاص بأبناء المغتربين وما هي الإجراءات التي سيتم بموجبها استيعاب هؤلاء الطلبة من خلال برامج تعلم عن بعد أثناء فترة الحجر، ولا بد من برامج تأهيل نفسي لهم كون التجربة تركت أثرا نفسيا كبيرا لديهم.

ويضيف النوايسة أنه أمام وزارة التربية والتعليم فرصة كبيرة لإدارة أزمة العودة إلى التعليم بطريقة أفضل من خلال العمل التشاركي مع جميع الأطراف والجهات المعنية، ومنها المغتربون خارج الوطن الذين ينتظرون بفراغ الصبر قرار الوزارة فيما يتعلق ببدء العام الدراسي واستيعاب أبنائهم الطلبة.

ولا بد لوزارة التربية والتعليم من توظيف التقنيات المعاصرة في عمليات التعليم وتسجيل الطلبة حتى وإن كانوا خارج الوطن، فالتعليم الأساسي للأردنيين إلزامي ومجاني، لذا على المعنيين في الوزارة التفكير في حلول غير تقليدية للتعامل مع أزمة المغتربين وأبنائهم.
الأمين العام لوزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والفنية الدكتورة نجوى القبيلات، قالت في تصريح صحفي إن المغتربين الأردنيين هم أبناؤنا ولا يمكن التخلي عنهم مهما حدث وسيتم تقديم كافة التسهيلات لهم”، مبينة عدم معرفتهم حال العودة الى الأردن والفصل الدراسي لم يحدد موعده النهائي حتى الآن، فهناك ما يسمى بـ”نسبة الغياب المشروع”، التي تغطي فترة غيابهم عن الفصل الدراسي.

وبينت القبيلات أن موعد بدء الفصل الدراسي لم يحدد بعد وكل المواعيد التي تطرح ما تزال عبارة عن سيناريوهات ولم يتم تأكيدها بالشكل النهائي، لافتة الى أن غالبية المدارس يتوفر بها مقاعد، وباستطاعة المغتربين حجز مقاعد لأبنائهم.

وبالنسبة للمقاعد في المدارس الخاصة، بينت القبيلات أن وزارة التربية والتعليم تنظم آلية التسجيل في المدارس الخاصة، فعندما تمنح المدرسة ترخيصا يكون بناء على الطاقة الاستيعابية وحسب المساحات المتوفرة داخل المدرسة، بحيث يكون هناك مساحة متر لكل طالب في الصف ومتران في الساحة وهذا في الظروف العادية.

أما في الوضع الحالي، فإن التوصيات أن ما ينطبق على المدارس الحكومية سينطبق على الخاصة كذلك حسب البروتوكول الصحي لوزارة الصحة.

وفي ذلك، يذهب الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي، الى أن المعاناة الكبيرة التي اختبرها المغتربون الأردنيون بسبب هذه الجائحة وعدم قدرتهم على العودة الى الأردن بالظروف العادية منذ منتصف آذار (مارس) بسبب توقف المطار وحركة النقل، ومع قرارات الحكومة الجديدة زاد هذا العبء على الناس أكثر بعد أن كانوا يعتقدون أنها ستفرج نهاية هذا الشهر.

ويشير الخزاعي الى أن هناك فئة من المغتربين ممن سرحوا من عملهم وبحاجة الى العودة لتسجيل أبنائهم وضمان مقاعد لهم، غير أن المعظم أو الأغلب لا يستطيع توفير الإمكانيات المادية المطلوبة، خصوصا بعد القرارات الجديدة للحكومة بالحجر الإلزامي لمدة 14 يوما والحجر المنزلي لمدة 14 يوما، مبيناً أن القرار جاء صادما لكثير من الناس، وكان يجب إعادة النظر بحالات المغتربين الأردنيين ومعرفة مدى احتياجاتهم أو حتى تقسيمهم الى فئات ودراسة عملية إعادة لم شملهم وعودتهم الى الأردن.
ويشير الخزاعي الى أنه لا بد من إيجاد حلول لمختلف هذه الفئات، خصوصاً من تقطعت بهم السبل في الخارج.

اترك رد