الملك: أهميّة أن يكون الأردن موئلاً لأي استثمار بالإقليم في ظل أزمة “كورونا”
أكّد جلالة الملك عبدالله الثاني أهميّة التنسيق بين الدول العربية في سبيل مواجهة وباء فيروس كورونا وتداعياته، بخاصة تأثيره خلال الأشهر المقبلة على بعض الدول من ناحية المخزون الغذائي.
وأشار جلالته، خلال لقائه مجموعة من الشخصيات السياسية والاقتصادية والأكاديمية في قصر الحسينية اليوم الأربعاء، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، إلى أن المخاوف الإقليمية وحتى لدى دول إفريقية تكمن في تحدي الأمن الغذائي وعدم توفر المخزون الكافي في عام 2021.
وقال جلالته “بالنسبة للأردن لدينا مخزون غذائي يكفي لمدة عام بشكل متقدّم عن بعض دول الإقليم”.
وشدد جلالة الملك على أهمية التعاون بين دول الإقليم في مواجهة التداعيات التي ستخلفها جائحة كورونا، قائلاً “نحن مستعدون للمساعدة، ويجب التعاون بيننا كدول إقليمية والعمل على حماية بعضنا البعض، وأعتقد أن هذا الأمر سيكون أولوية لعام 2021”.
وبيّن جلالته أن ما يميّز الأردن اليوم قدرته على مساعدة دول كثيرة، من خلال تقديم الأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية، لافتاً إلى أن هنالك ارتياحاً لموقف الأردن المساند للجهود الدولية في مكافحة “كورونا”، وهذا أعطى أفضلية للمملكة من ناحية رغبة الجميع في مساعدتنا.
كما أشار جلالته إلى الجهود التي تبذل في تطوير قطاعات الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، والزراعة المتطورة، والصناعات الغذائية.
ولفت جلالة الملك إلى أهميّة أن يكون الأردن موئلاً لأي استثمار في الإقليم في ظل أزمة “كورونا” بهدف مساعدة دول المنطقة، حيث توجد معضلات تتعلق بحاجات اللاجئين وأخرى تتعلق بالتحديات الطبية والمخزون الغذائي، تقابلها رغبة من قبل الدول الغربية للاستثمار في المملكة، لنكون منطلقاً لمعالجة أية تحديات إقليمية ومركزاً لمواجهة كورونا في الشرق الأوسط.
وأكّد جلالة الملك أهميّة المرونة في العمل والاستفادة من الدروس التي مرت بها المملكة جراء أزمة كورونا، وقال “هنالك اقتراح بفتح البلد أمام السياحة العلاجية خلال أسابيع، ولا يمكن أن نتخذ قراراً ومن ثم نبقي على الإغلاق”، لكن بما لا يضر بلدنا وبصحة مواطنينا.
وشدد جلالته على أهمية المكاشفة والجدية في العمل وتغيير الأسلوب وبما يدفعنا إلى التفاؤل، مشيراً إلى أن أسوأ شيء هو أن نعود في العام 2021 إلى نقطة الصفر، وقال “أعتقد أننا كأردنيين سنخرج إقليمياً من أزمة كورونا أقوى بكثير مما دخلناها”.
ولفت جلالة الملك إلى أهمية وجود قاعدة بيانات ومعلومات لدى مؤسسات الدولة، مبدياً إعجابه، في الوقت ذاته، بالتنسيق الذي حصل بين الحكومة والمؤسسات العسكرية والأمنية والعمل بروح الفريق الواحد خلال فترة “كورونا”.
وأوضح جلالة الملك أن مؤسسات الدولة تقيّم أعمالها وقراراتها وتقوم بمراجعة الأخطاء، مبيناً أهمية التنسيق المسبق حول كل قرار يمس المواطنين وعرضه عليهم، وبما يهيئ الرأي العام لأي توجه.
وفي رد على مداخلات الحضور، أكد جلالته أهمية الشفافية في الإجراءات واحترام المواطن الأردني فيما يتعلق بسيادة القانون، على أن يكون المرجعية، والفيصل هو القضاء.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكّد جلالة الملك أن موقف الأردن ثابت وواضح وعلى تنسيق دائم مع الأشقاء الفلسطينيين، ونضعهم بصورة التطورات والاتصالات التي نجريها مع الأطراف المعنية، لافتاً جلالته إلى أن تواصله مع الحكومات والبرلمانات الغربية يهدف إلى شرح خطورة إقدام الإسرائيليين على أي خطط أحادية الجانب. وشدد جلالته على ضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على أساس حل الدولتين، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وجدد جلالته التأكيد على أن أي إجراء إسرائيلي أحادي الجانب لضم أراض في الضفة الغربية، أمر مرفوض، ومن شأنه تقويض فرص تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وأشار جلالته إلى العلاقة المميزة التي تجمع الأردن بالعراق، قائلاً إن العلاقة قوية جداً مع الرئيس ورئيس الوزراء والبرلمان العراقي، والمملكة تساند جهود الأشقاء في مكافحة وباء كورونا، كما أن هنالك تواصلا وتنسيقاً مع باقي الدول العربية بهذا الخصوص.
من جهتهم، أعرب الحضور عن اعتزازهم بمواقف جلالة الملك من القضية الفلسطينية، حيث أصبح الموقف الأردني الحازم أهم وأقوى تأثيراً في العالم فيما يتعلق بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية.
وأيد المتحدثون موقف جلالة الملك في الملف الفلسطيني “الشديد” و”القوي” و”المدعوم شعبياً”، معتبرين أنه يشكّل حماية لمصالح الأردن، الذي يعي خطورة تداعيات التوجهات الإسرائيلية.
واعتبروا أن جلالة الملك استطاع بتحركاته أن يجعل القضية الفلسطينية تتصدر واجهة القضايا في الشرق الأوسط، ويؤكد دور الأردن الرئيسي في المنطقة.
وأوضح الحضور أن هنالك مخالفات إسرائيلية لاتفاقية السلام تتعلق بترسيم الحدود والأمن إذا ما ذهبت في توجهاتها، ورأوا أن النوايا الإسرائيلية ستفصلنا عن أهالي الضفة الغربية.
وعبر الحضور عن اعتزازهم بجهود جلالة الملك وتوجيهاته للحكومة خلال الفترة الماضية، والتي قادت إلى التعامل مع أزمة كورونا بنجاح على مستوى الإقليم والعالم، معتبرين أنها نقطة مضيئة في مسيرة الأردن.
ودعا عدد من الحضور إلى إعادة قراءة استراتيجية تنمية الموارد البشرية مع وجود مستجدات على الساحة فرضتها جائحة كورونا بخاصة فيما يتعلق بالتعليم والصحة والأمن الغذائي، والوصول إلى مرحلة الاعتماد على الذات. وأكدوا أهمية الاستثمار في تنمية رأس المال البشري والتركيز على التعليم التقني والمهني وأن تكون بعثات الدولة في هذا الاتجاه، وهذا يتطلب تعديلا في استراتيجيات التعليم العالي، كما لفتوا إلى أهمية الاعتناء بجودة التعليم وإعادة هيكلته وتشجيع البحوث العلمية وإنشاء جامعات متخصصة.
ودعا عدد من الحضور إلى الاعتماد على القدرات التكنولوجية في إدارة الأزمات خلال الأيام المقبلة، والبناء على الإنجاز الذي تحقق خلال جائحة كورونا، لافتين إلى أن هنالك نقصاً في البيانات بخاصة فيما يتعلق بالطلبة الجامعيين.
وأشار متحدثون إلى أهمية توثيق مؤسسات الدولة للمرحلة التي مرت على الوطن لتعزيز الإيجابيات وتفادي السلبيات، كما أكدوا ضرورة الاستقرار التشريعي، وإنشاء مراكز أبحاث ترفد الدولة باتجاهات مختلفة (مركز للقانون المقارن) للتعامل مع أحدث التشريعات في العالم لنطبقها في الأردن.
ودعا متحدثون إلى مواءمة التشريعات المحلية لما جاء بالاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المتعلقة بعدم حبس المدين في الديون المدنية، حيث توجد عقوبات أخرى يمكن استعمالها غير الحبس.
وحضر اللقاء رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومستشار جلالة الملك للاتصال والتنسيق، ومستشار جلالة الملك للسياسات والإعلام.