د. راكز الزعارير: لماذا ترتفع نسبة الجريمة في الأردن؟
كتب الدكتور راكز الزعارير
ارتفعت نسبة ارتكاب الجرائم في الاردن بنسبة 7.57 % حسب تقرير مديرية الامن العام ، وذلك خلال العام الأخير 2019، حيث سجلت 26521 بزيادة مقدارها 1867 عن العام 2018.
يتضح من خلال البيانات والمعلومات التي اوردها تقرير الامن العام ان التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ساهمت في استقرار نسب المعدلات الثابتة نسبيا لتطور الجريمة في الاردن، اي ان هذه التطورات لعبت دورا مساندا في عدم ارتفاع كبير في معدل ونسبة الجريمة وحصرها في المعدلات الطبيعية للارتفاع.
ويبدو ان هذا التقييم من الامن العام يصيب كبد الحقيقة من حيث الدوافع السياسية والاجتماعية، ولكن لا ينطبق ذلك على الدوافع الاقتصادية التي لها حصة الأسد من حيث دوافع الجريمة، وهذا استنتاج تحليلي منطقي يتماشى مع نتائج استطلاعات الرأي العام الأردني التي أجريناها في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بأعلى المعايير العلمية، والتي أكدت جميعها على نقطتين في هذا المجال هما:
— تصدر الوضع الاقتصادي المتمثل بالبطالة والفقر وارتفاع مستوى المعيشة وانخفاض القوة الشرائية اهتمامات وقلق المواطن على مستقبله ومستقبل أسرته.
— تراجع اهتمام المواطن الأردني بالمواضيع السياسية والاجتماعية أمام الضغوط الاقتصادية التي يعانيها.
وحسب تقرير الامن العام فإننا نستنتج بأن نسبة الجريمة لأسباب ودوافع اقتصادية تساوي حوالي 88 ٪ اخطرها السرقة بنسبة 55 ٪ سرقة السيارات 8 ٪ الاحتيال 11 ٪ ….، مما يعطي مؤشرا واضحا وخطيرا على تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي والأمن المجتمعي في الاردن، وعدم نجاح الحكومة الحالية والحكومات السابقة في ادارة الملف الاقتصادي وإيجاد حلول عملية لمواجهة التحدي الاقتصادي.
ان الخطورة ايضا تكمن في ان فئة العاطلين عن العمل ومن الفئة العمرية (18-27) سنة هم الأكثر ارتكابا للجريمة في القتل العمد مما يشير الى اننا أمام جيل تتعمق فيه الجريمة في مرحلة مبكرة، ستتعايش معهم لعشرات السنين القادمة من أعمارهم.
مكافحة الجريمة في الاردن تكمن في معالجة اسبابها وجذورها، وإذا كنا نعلم الأسباب التي تتصدرها الأوضاع الاقتصادية فإن ذلك يوقع المسؤولية الاولى على الحكومة لمواجهة هذه التحديات، ليس من خلال السياسات الإعلامية فقط، ولكن من خلال وضع السياسات والاستراتيجيات التنفيذية السريعة على المدى القصير والمتوسط، واللاحق بأمن المجتمع الأردني قبل فوات الأوان والمحافظة عليه بأي ثمن مادي عملي وواقعي، بعيدا عن الفساد والمحسوبيات والبيروقراطيات التي تعزز الفساد الذي ما يزال يدمي الوضع الاقتصادي الأردني.
الامن العام الأردني يقوم بجهود جبارة تكلفه الكثير من الأرواح من منتسبيه من الشهداء، بالإضافة الى التكاليف المادية واللوجستية الضخمة والجهود الكبيرة في مواجهة الجريمة بكل اشكالها، ولهم يدين كل ابناء الوطن.