نبش الماضي يزرع بذور الفرقة!

79

م.سليمان عبيدات

النبش في اخطاء الماضي يُعد سببا رئيسيا في دمار العلاقات الانسانية في حياة الشعوب والجماعات والافراد، فنبش الماضي العاطفي والمواقف السلبية والصراعات التاريخية، لا تُؤدِّي فقط إلى لوم مستمر، بل إلى فتح باب سوء الظن والشك السلبي الدائم وبث بذور الفتنة، وقد يؤدي الى قطيعة ابدية.

هذا ما أكدته العديد من الدراسات والأبحاث، حيث أشارت في مجملها أن نبش الماضي من أبرز أسباب تدمير الحياة الزوجية والعائلية والعلاقات السياسية والانسانية بين الدول والشعوب والجماعات .

فبعض الأزواج قد يكون لهم علاقات قبل الزواج، والخوض فيها مهما كانت الأسباب قد يكون وسيلة فاعلة في القضاء على الحياة الأسرية، ومهما كانت بساطة هذه العلاقات فإنَّها قد تسبب كوارث إذا استدعيت إلى الحاضر.

فكيف يمكن التصرف حيال بعض هذه النماذج في علاقاتنا الانسانية ؟

وماذا تكون ردة فعل الانسان تجاه الآخر في حال اكتشافه الغدر والخيانة التي حسب قناعته انها فعلا غدر وخيانة ؟

وهل يكون الحل الانفصال والابتعاد، مع ان العلاقة ربما تُؤثر على حياة اسرة أوعائلة، أو تُزعزع بناء مجتمع، وربما مصالح لا تنفصل بين دول وشعوب، واذا حصلت قد تتسبب باضرار كبيرة تمس وتُدمر العلاقة بين كل الاطراف ؟

فما حصل في الماضي يجب أن يدفن ولا ينبش إلا عند الضرورة والاستفادة منه لأخذ العبر والحيلولة لعدم تكراره والتأثير على علاقات الحاضر والمستقبل، لأن الأخطاء إذا وقعت مع الآخرين، فهي أعمال خاطئة والبناء عليها خطأ اكبر.

فأيّ نبش للماضي والعلاقات السابقة أشبه بقنبلة يضعها في حضن علاقاته ومصالحه مع الاخرين. ، فلا توجد أي فائدة من هذه المصارحة، فليس هناك إنسان معصوم من الخطأ .

يجب أن تكون هناك حدود للصراحة، وإلا تحولت إلى نقمة تدمر العلاقة الانسانية، خاصة إذا كان الطرفان ليسا على درجة كافية من التفهم والوعي والثقة المتبادلة، أو ربما يكون طرف ثالث لا يتمنى ان تكون العلاقة على افضل اوجهها.

فلا داعي للمصارحة والخوض في التفاصيل اذا ادت الى ما لا يُحمد عقباه او غير محسوبة نتائجه، فتلك صفحة طويت والمستقبل كفيل بطي هذه الصفحات بحلوها ومرّها بفضل التفاهم وبناء العلاقات الطيبة، لكن على أرض الواقع هناك الكثير من القصص المؤلمة والحقيقية تدفعنا لعدم تقديم نماذج آخرى .

نصيحة تولستوي أن أيّ اعتراف من الرجل بعلاقاته الماضية أشبه بقنبلة موقوتة تهدد حياته العائلية، ومن الممكن أن تشعلها ناراً في أي لحظة؛ وهذا ما حدث مع الروائي الروسي الكبير ليون تولستوي، والذي اعترف قائلاً «كانت تلك الذكريات أشبه بفتيلة وضعتُها بنفسي في ثنايا حياتنا الزوجية، فقد اشتعلت غيرة زوجتي من دون مبرِّر، وبدرجة أحالت حياتنا الحلوة الصافية إلى جحيم متأجج .

امامنا الكثير من التجارب تحصل، فكم من علاقات اسرية ومجتمعية تفككت، وكم من علاقات سياسية ومصالح اقتصادية بين دول وشعوب انتهت الى صراعات وحروب وقطيعة دائمة .

فلنتعظ مما حصل من تجارب بائسة، ونكف عن نبش الماضي لنتوجه لصناعة مستقبل افضل .

اترك رد