قرار المالية سيزيد الدين وأعباؤه

62

كتب الخبير الإقتصادي السياسي زيان زوانة …

أيا كانت الطريقة التي تتبعها الحكومة باحتساب دينها العام ، وسواء أدخلت دينها من المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي أم استثنته ، فإنه يبقى دينا على الخزينة التي يمولها الأردنيون تدفع عليه فائدة ، ويستحق في تاريخ معين ويستوجب عليها تسديده (بقرض جديد ) ، ليتراكم الدين تلالا ، طالما حكومتنا تسير على نفس النهج ، متأملة ، دون مراعاة لواقع اقتصادنا ، الإصلاح من وصفات صندوق النقد الدولي ، المسببة لجبال الديون ، وهذا النمو المتواضع والإيرادات العامة التي يأكلها الهدر ( المياه مثالا) وسوء توزيع النفقات العامة وتواضع عوائدها والجمود الضريبي وهيكله المعقد ، وسوء الإدارة العامة ( إتفاقيات الكهرباء مثالا) الطاردة للكفؤ ، وسوء إدارة اختلالات سوق العمل والموارد الأردنية سياحة وزراعة وصحة وتعليما عاليا ، وسياسة الإستيراد الفجّ المراكم للدين والمستنزف للعملات الأجنبية ، وإغراق سوقنا بسلع مدعومة من دول التجارة الحرة على حساب منتجنا المحلي الذي تقتله الضرائب والرسوم وارتفاع كلف التشغيل وغياب الرقابة ( الأسمنت والحديد مثالا) وتلهّي الحكومة بإنجازات لا اثر حقيقي لها ( إتفاقية شهادات المنشأ مع الإتحاد الأوروبي) ، وسياسة التعليم الذي غادر تميزه ليقبع في مدارس عامة مكتظة ، وخاصة لنخبة النخبة ، ممهدة بذلك لأجيال لا يجمعها جامع ، وتعطيلها الإستثمار في الطاقة البديلة والمياه والنقل ، ما أنهك القطاع الخاص ، مكتفية بعزف لحن شراكتها غير المتحققة معه.
بجرّة قلم خفضتّ الحكومة دينها بقرابة (6) مليار دينار، عندما أعلن وزير المالية منذ ايام اعتبارمديونيتها من المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي مديونية من مؤسسة تابعة للحكومة وبموافقة صندوق النقد الدولي (وبذلك تستثني المبلغ من دينها العام ليصبح الدين العام 25 مليار دينار بدلا من 31 مليار) ، ما يثير تساؤلات كثيرة : هل تستعد الحكومة لمزيد من الإقتراض ؟ وعلى من تضحك ؟ على نفسها أم على الآخرين؟ ألايعلم الجميع الحجم الحقيقي لديننا العام وخدمته التي تتسرب سنويا خارج اقتصادنا فتضعف النمو؟ ألا تعلم وتتابع غرق دول العالم بالدين وقرارتها العلاجية؟ ألا تعلم أن أموال المؤسسة ملكا لمئات ألآف منتسبيها ؟ أليست حكوماتنا من حمّل موازناتنا ما لا طاقة لها به وتشتكي الآن ” جمودها ” وعدم قدرتها على الترشيد؟ ألا تعلم أن صندوق النقد الدولي أسبغ أبجل الألقاب على محافظ البنك المركزي اللبناني المتهم بالإحتيال والتزوير ، والمحاصربجموع اللبنانيين الجياع ؟ هل تمهدّ الحكومة لاعتبار مديونيتها من البنوك الأردنية مديونية تابعة للحكومة بحكم أردنيتها وتستثنيها من دينها العام؟
كما نرفض التلاعب في حسابات شركات القطاع الخاص ، فإننا نرفضه في حسابات الدولة الأردنية ، وعلى الحكومة أن تتنبه لمخاطر نهجها ومعالجته بدلا من التزويق المحاسبي الخادع .

اترك رد