ماذا يعني كلن كلن

118

حمادة فراعنة

يختصر اللبنانيون في مظاهراتهم واحتجاجاتهم المتواصلة المتقطعة منذ 17 تشرين أول 2019، بكلمة واحدة: كلن، وعليها وبها يختصرون الطبقة والشرائح المستهدفة التي يسعون لتغييرها وتبديلها ودورها وتبعاتها وفشلها في إدارة الدولة.
قصد اللبنانيون بثورتهم تغيير النظام السياسي برمته: نظام المحاصصة، نظام التقاسم الوظيفي، نظام الطوائف الذي فرضه الاستعمار الفرنسي منذ أربعينيات القرن الماضي، وأبقاه وخلفه، وتواصل بعد اتفاق الطائف على أثر نهاية الحرب الأهلية إلى اليوم.
كلن يعني أن اللبنانيين المحتجين لا يستثنون أحداً عن مطالبهم، فالشعار ومضمونه، ليس مقتصراً على شخص أو وظيفة، أو طائفة، لأن ممثلي الطوائف متفاهمون فيما بينهم، مع بعضهم على حساب اللبنانيين الذين يدفعون ثمن هذه الوراثة عن الاستعمار الفرنسي، ويصف اللبنانيون تفاهم أمراء الطوائف فيما بينهم بصيغة شعبية تقول: شيلني حتى أشيلك، فوتلي حتى أفوتلك، مررلي حتى أمررلك.
الحرب اللبنانية بعد سبعة عشر عاماً من الدمار والخراب، خلّفت طائفة، مكان طائفة، بدون أن تُلغي الأولى الثانية، بل وقع التفاهم والمحاصصة بدلاً من المخاصمة، وبذلك خلفت مرجعية محل مرجعية، بدون أن تصل لتحقيق الذات اللبنانية الواحدة بعيداً عن الطائفية والمحاصصة، وهكذا لم تتحقق إلى اللبنانيين تطلعاتهم نحو نظام ديمقراطي يقوم على المواطنة.
لم يكن الاستعمار بريئاً في فرض رؤيته، بل هدف تمزيق المجتمع اللبناني بالانقسامات والتعارضات والحفاظ على الشرخ إن لم يكن حريصاً على تعميقه.
وبدلاً من أن يتطور المجتمع نحو الذات الوطنية، نمت الأحزاب السياسية اعتماداً على حواضنها الطائفية، فالتقدمي الاشتراكي من طائفة، والكتائب والقوات لطائفة، وحزب الله وحركة أمل لطائفة ثالثة، والمستقبل لرابعة، وبذلك لم يتمكن الشيوعيون والبعثيون والليبراليون اختراق الطوائف، ولم يولد الحزب القوي العابر للمناطق والطوائف، وحصيلة ذلك أن الأحزاب تحولت إلى أدوات طائفية، لكل طائفة حزبها وتمثيلها البرلماني والحكومي.
تجربة لبنان الفرنسية، نقلها الأميركون إلى العراق بعد الاحتلال والسقوط عام 2003، ونجد اليوم أن أحزاب العراق، عربية بدون كرد، وكردية بدون عرب، وسنية بدون شيعة، وشيعية بدون سنة، وتم تقاسم الرئاسات الثلاثة بين الشيعة والسنة والكرد، على الطريقة اللبنانية، تقاسم وظيفي طائفي قومي، لا تعتمد المواطنة والشراكة وفق نتائج افرازات صناديق الاقتراع، على أساس ديمقراطي، لا طائفي..
في قطاع غزة العربي السني على الأغلب بعد غياب المسيحيين الذين رحلوا وهربوا، يتم الآن تقسيم الناس، في ظل هيمنة النظام السياسي الإسلامي، يتم تقسيم أهل غزة كما لاحظ الباحث الدكتور ناصر محمود الصوير، يتم تقسيم أهل غزة، بين قرآني وبخاري، ومسلم وابن تيمية، بفتنة كامنة تنتشر لتمزيق أهل غزة طليعة الثورة الذين تمكنوا من:
1- استعادة الهوية الوطنية لشعبهم الفلسطيني.
2- ولادة قيادة ومؤسسة تمثيلية موحدة بقيام منظمة التحرير كممثل وحيد للشعب الفلسطيني.
3- رحيل الإسرائيليون عن القطاع، بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال.
4- شكلت إطاراً أولياً للسلطة الفلسطينية كمقدمة لقيام الدولة- مشروع غزة وأريحا أولاً، إلى أن انفجر الانقسام بعد الانقلاب إلى الآن.
لبنان رفع الشعار وتطلعات أصحابه يتلهفون لإسقاط كلن، على أمل ولادة لبنان ديمقراطي موحد، فهل تستطيع ثورة 17 تشرين تحقيق شطب كلن بعد الانفجار الآثم الذي دمر عاصمة لبنان؟؟

اترك رد